نون-خاص
أكد خبراء في مجال الطاقة المستدامة أن حلول الطاقة المستدامة التي يوفرها الهيدروجين قادرة على إحداث ثورة في قطاع الطاقة العالمي من خلال الحد من انبعاثات الكربون الضارة في القطاع الصناعي، وفي قطاع الصناعات الثقيلة على وجه الخصوص،وقطاع النقل خلال العقد المقبل. وشدد الخبراء خلال مشاركتهم في جلسة نقاش نظمتها القمة العالمية للصناعة والتصنيع ضمن سلسلة الحوارات الافتراضية على ضرورة التخلص من العقبات التنظيمية وغير التنظيمية التي تقف عائقًا أمام تطوير وتسخير الهيدروجين كمصدر للطاقة المستدامة ونشر استخدامه في مختلف أنحاء العالم.
وشهدت جلسة النقاش، التي حملت عنوان: “الهيدروجين: طاقة المستقبل ودوره في الحد من انبعاثات الكربون في القطاع الصناعي”، مشاركة عدد من الخبراء في مجال الطاقة المستدامة، حيث أدار الجلسة، طارق مطيرة، مدير إدارة الطاقة في منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)،وشارك فيها كلٌ من تشارلي راتان، الرئيس التنفيذي ومستشار مشاريع الطاقةبالهيدروجين والرياح البحرية لدى تشارلي راتان أسسوشيتسبالمملكة المتحدة،وريبيكا ماسيرمول، كبير المدراء المتخصصين بالهيدروجين والطاقة في الإدارة الوطنية للعلوم والابتكار في جنوب إفريقيا، وليون ستيل، المدير العام لمعهد دلتا الطاقة في تحالف الطاقة الجديدة في هولندا.
وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها خلال الجلسة، أوضح طارق مطيرة أن منظمة اليونيدو تساعد الدول النامية في مساعيها للتحول إلى الاعتماد على الطاقة النظيفة بما يتماشى مع أهداف المنظمة اليونيدو في تعزيز التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة. وأشار مطيرة إلى أن اتفاق باريس أكد على ضرورة اعتماد مصادر جديدة للطاقة تساهم في الحد من انبعاثات الكربون الضارة، وهو ما يستلزم اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن استخدام موارد طاقة مستدامة وبناء بنية تحتية لهذه الطاقة. وأشار كذلك إلى أن انخفاض التكاليف والحاجة الملحة لخفض انبعاثات الكربونكانت من أبرز العوامل التي دفعت العديد من الدول للتوجه نحو استخدام الهيدروجين. وقال مطيرة: “يُنظر اليوم إلى الهيدروجين على أنه وقود نظيف خالٍ من الانبعاثات الكربونية عند توليده باستخدام المياه.”
ومن جهتهأوضح تشارلي راتان أن البنية التحتية لتطوير واستخدام الهيدروجين متوفرة بالفعل لدى العديد من الدول، مما يجعل الهيدروجين أحد أبرز الحلول المطروحة للتغلب على المشاكل التي تواجه قطاع الطاقة العالمي. وقال: “يرى الخبراء بأن طاقة الهيدروجين ستساهم في إيجاد الحلول لغالبية المشاكل التي تواجه قطاع الطاقة العالمي. فعلى سبيل المثال، يمكن في المملكة المتحدة توظيف شبكات الغاز الحالية لاستخدام الهيدروجين، مما ينفي الحاجة إلى بناء بنية تحتية إضافية، فكل ما علينا القيام به هوإعادة هيكلة الأنابيب وضمان عملها بكفاءةواختبار الأجهزة.” وأضاف: “لقد قامت المملكة المتحدة بوضع استراتيجية من أربعة نقاط لتوظيف الهيدروجين كمصدر للطاقة.”
وشددراتانعلى أهمية تعديلالقوانين التنظيميةبما يدعمالمشاريع المستقبلية لإنتاج الطاقة بالهيدروجين خاصة وأن القوانين الحالية تم صياغتها منذ أكثر من قرن، وبالتالي فهي لا تلبي احتياجات الفترة الحالية. وقال: “نحن بحاجة لإعادة النظر في كل شيء قبل البدء في تطوير مشاريع لضمان تلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للطاقة.”
وبدورها،ناقشت ماسيرمول المساعي التي تبذلها الدول النامية لتسخير طاقة الهيدروجين وخاصة في دولة جنوب أفريقياالتي تسعى إلى الانتقال إلى توظيف الطاقة النظيفة في الصناعات الاستخراجية وقطاعات النقل. وقالت: “لا زلنا في دولة جنوب إفريقيا نعتمد على محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، والتي أعتقد بأنها ستستمر لبعض الوقت. وإذا أردنا ان نحظى بدعم مختلف النخب العلمية والعملية وكافة الجهات ذات العلاقة، فعلينا بذل الجهودللحد من الانبعاثات الكربونيةفي قطاعات الحديد والصلب والاسمنت وتطوير وسائل النقل، والتي تعتبر ثاني أكبر مصدر لانبعاثات الكربون الضارة في جنوب إفريقيا.”
وأضافت: “تتطلعجنوب إفريقيا لتعزيزالشراكات بين القطاعين العام والخاص بهدف تحفيز الاستثمارات في مشاريع الطاقة النظيفة على المستوى الإقليمي وللتغلب على التكاليف التنظيمية. وقد تم مؤخرًا وضعخارطة طريق لتوظيف الهيدروجين كمصدر مستدام للطاقة.”
وأشارتماسيرمول إلى وجود العديد من التحديات التنظيمية في قطاع الطاقة، والتي تعيق تطوير واستغلالالطاقة، مثل التحديات الخاصة باستخدامات الغاز الطبيعي المسال، وتحديات استخدام الهيدروجين في قطاع انتاج الطاقة بالفحم، بسبب مشاكل التخزين والتكلفة. وقالت: “غالبًا ما تساهم مثل هذه التحديات التي تواجهها جنوب إفريقيا في إطالة فترة تنفيذ مشاريع الطاقة لفترة تمتد إلى 24 شهرًا، وهي فترة يمكن تقليصها من خلال الاتفاق على معايير موحدة لقطاع طاقة الهيدروجين.”
وترى ماسيرمول أن إيجاد الحلول للتحديات التي تعترض توظيف الهيدروجين في انتاج الطاقة يمكن أن يساهم في تعزيز الاقتصاد التدويري، حيث تبلغ نسبة التدوير في اقتصاد جنوب أفريقيا 2% مقارنة بنسبة 9% على مستوى العالم.
ومن جانبه أكد ليون ستيل أن الدور الحالي للهيدروجينفي الحد من انبعاثات الكربون ليس مؤثرًا بالقدر الكافي، بالرغممن إنتاجه بكميات كبيرة لقطاعات الوقود الأحفوري مثل المصافي أو مصانع المواد الكيميائية، حيث تنتج هولندا وحدها 10 مليارات متر مكعب من الهيدروجين سنويًا. وقال: “لتوسيع حجم الإنتاج، نحتاج إلى المزيد من الاستثماراتفي هذا النوع من التكنولوجيا. وأعتقد أننا سنشهدتدشين أولى المشاريع بعد سنتين أو ثلاث سنوات.”
وأضاف: “نأمل خلال السنوات القليلة القادمةأن يتم ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال التحليل الكهربائي وتطوير البنية التحتية للبيانات والنقل وذلك حتى نتمكن من تسريع توظيفها في عمليات انتاج الطاقة. وغالبًا ما يتم تطوير السياسات والقوانين التنظيمية بوتيرةأقل من تطور التكنولوجيا،لذلك علينا إيجاد حل لهذه المشكلة قبل أن يتم الاعتماد بشكل أكبر على الهيدروجين كمصدر للطاقة. ونهدف إلى نقل كميات كبيرة من الهيدروجين في شبكة الغاز الطبيعي من خلال إعادة استخدام البنية التحتية، ولكن هذا غير ممكن من منظور السلطة التنظيمية؛ فأحد أكبر العوائق التي تواجهنا هيالموافقاتالحكومية على استغلال ونقل هذا الغاز أو الوقود الجديد.”
وفي ختام الجلسة، أشار مطيرة إلى النقاط التي أجمع عليها المشاركون، ومن أبرزها:
- أهمية دورالمنظمات الدولية، مثل منظمة اليونيدو، في رفع الوعي بمزايا وفوائد الطاقة الهيدروجينية وتعزيز الطلب على هذا النوع من الطاقة.
- ضرورة دعم وتشجيع الابتكارات التي تهدف إلى تسخيرطاقة الهيدروجين.
- ضرورة إيجاد حلول فعالةللتحديات التنظيمية وغير التنظيمية بهدف تعزيز استخدام طاقة الهيدروجين. ومن أبرز هذه التحدياتضعف الوعيبمزايا الطاقة الهيدروجينية، والتكاليف المرتفعة، وشح الدراسات المعنية بمشاكل السلامة المتوقعةوالافتقار إلى معايير للصحة والسلامة في مجال الطاقة الهيدروجينية.
- تشجيع الشراكات بين الجهات ذات العلاقة لخلق بيئة مناسبة لمشاريع الهيدروجين على المدى المتوسط.
وتأتي جلسة النقاش ضمن سلسلة جديدة من الحوارات الافتراضية الأسبوعية التي تنظمها القمة العالمية للصناعة والتصنيع، والتي عقدت دورتها الثالثة الافتراضية يومي 4 و5 سبتمبر 2020. ويمكن مشاهدة الجلسة عبر الرابط التالي: https://bit.ly/2YHVHyY.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية