المخرج الأسترالي رودريك ماكاي يقدم أنشودة سينمائية عن الصراع الدموي الذي عاش فيه جيل من صانعي الجمال؛ تلك المهمة التي تواجدت في أستراليا في ذلك الوقت وكان يطلق عليهم أسم «الغان»؛ إننا هنا أمام تجربة إنسانية للهروب من الحياة القاسية في أستراليا الغربية والعودة إلى الوطن في عام 1897، يعيشها شاب أفغانى «حنيف عبدالله» ويقوم بدوره أحمد مالك يتعاون مع رجل قادم من الغابات، يدعى في البداية أن اسمه «مال» وأدي دوره ديفيد وينهام لتهريب سبيكتي ذَهْب تحملان علامة التاج الملكي. يتوجب على الثنائي خداع رقيب شرطة نشيط يحاول مع قواته الوصول إلى الفرن السري؛ وهو المكان الوحيد الذي يمكن فيه، إزالة علامة التاج من على السبائك بأمان.
وفيلمThe Furnace يعرض فى مهرجان الجونة بدورته الرابعة بعد أن لفت المخرج الأسترالي رودريك ماكاي الأنظار إليه فى مهرجان فينسيا السينمائي بأول فيلم روائي طويل له .
إنها تجربة ممتعة وأخاذة؛ لها مواصفاتها الخاصة يخطو أحمد مالك في دور «حنيف» نحو العالمية بعمل كان له فيه باع مميز وملفت للأنظار فى الأداء بفيلم The Furnace والمعروف بين الجمهور المصرى باسم «حارس الذهب» الذي اختارله مدير التصوير مكان رائع فى غرب أستراليا حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية وجعلت إطلاق النار في بعض الأحيان ضمن أحداث الفيلم غاية فى الصعوبة.
وفيلم The Furnace ، تدور أحداثه في تسعينيات القرن التاسع عشر؛ ويقترب بشكل غير مباشر إلى ذكرى حروب الحدود الأسترالية؛ ذلك مصطلح الذي أطلقه بعض المؤرخين على الصراعات العنيفة بين سكان أستراليا الأصليين والمستوطنين البيض أثناء الاستعمار البريطاني لأستراليا؛ حيث قُتل ما لا يقل عن 40,000 أسترالي من السكان الأصليين وما بين 2000 و2500 مستوطن في الحروب.
و في الحقيقة رغم وقوع معارك ومذابح في عدد من المواقع في أنحاء أستراليا، فقد كانت دموية في كوينزلاند بالتحديد، بسبب عدد السكان الأصليين الكبير نسبيًا قبل الاتصال بالعالم الخارجي؛ تلك المعركة التي ذكرها أحد أبطال الفيلم «ديفيد وينهام».
ومن خلال أحداث الفيلم نتعرف إلى الأوضاع المأساوية للعمال الهنود والأفغان والفرس الذين نقلتهم الإمبراطورية البريطانية إلى أستراليا للعمل في التعامل مع الجمال؛ حيث اعتمدوا بشكل كبير على المهاجرين من الهجن من الهند وأفغانستان وبلاد فارس.
كان للمجموعة ذات الغالبية المسلمة والسيخ، والتي يشار إليها عادة باسم «الغان»، وكان لها دور فعال في تسوية المناطق النائية، ولكن مساهماتهم في تشكيل أستراليا الحديثة تم حذفها إلى حد كبير من التاريخ.
The Furnace بمثابة محاولة الكاتب والمخرج رودريك ماكاي لأول مرة لتسليط الضوء على ذلك الماضي غير المعروف؛ أنها فترة من التاريخ الأسترالي تم إهمالها إلى حد كبير؛ محاولا أستخراج قصص غنية جدًا بالتفاصيل وموجودة خارج نطاق التركيز الضيق الذي يقدم تلك الأعمال؛ لنرى هذا العالم مع أيضا بشكل مختلف.
وتستمر الأحداث من أجل السبائك الذهبية المختومة بتاج الملكة، ويتعاون الثنائي المتناقض فى الهروب من رقيب شرطة المتعصب وجنوده للوصول إلى فرن سري لصهر الذهب، لإزالة ختم تاج الملكة؛ حيث نجد هناك نوعا أخر من القسوة والبربرية يقوم بها مجموعة من الصينيون الذين يصهرون الذهب فى الفرن؛ حيثوا يقمون بتفريغ بطن أحد الرجال من أجل أخفاء الذهب.
وبذلك نجد أن « The Furnace » يعد إعادة تقييم للماضي المتقلب للتاريخ الأسترالي، والذي طالما أغفاله، بشكل أكثر دقة وثراءا؛ بأطروحات وحكايات جانبية إلى جانب القصة الأساسية التي تبدو جديدة وديناميكية؛ وخاصة أنها تتم وسط صراعات دموية للفوز بالسبائك الذهبية التي تحمل علامة التاج 400 أوقية.
وفى الحقيقة ساعد المخرج كثيرا فى تقديم فيلم The Furnace أن حنين في أستراليا للعودة إلى الماضي؛ وعدم إغفال تاريخي ضخم يحتاج إلى تصحيح العديد من الأفكار عنه؛ وبالطبع نحن لسنا أمام درسا فى التاريخ ولكن أستلهام لروحه .
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية