الرجل الذي باع ظهره who sold his backتحفة فنية قادمة من مهرجان فينسيا السينمائي إلى فيلم الافتتاح في مهرجان الجونة في نسخته الرابعة .
والفيلم جاء طارحا أفكارا عدة من خلال صفقة تتضمن تحول بشرة ظهر أنسان إلى لوحة فنية لفنان ليصبح من باع جلده أكثر رمزية لأن بيع جلود الأخرين؛ وخاصة أن الفكرة مستوحاة من الفنان البلجيكي Wim Delvoye ، الذي اشتهر بالوشم على ظهر شخص ما وعرضه كقطعة فنية والذي عرض أعماله في متحف اللوفر في باريس، ومن هنا استوحت المخرجة الفكرة عندما رأت هذا الرجل جالسًا في غرف شقق نابليون الثالث بالمتحف، وصُدمت من عرض رجل موشوم كجزء من المعرض؛ فأقتربت من ويم وأخبرته أنها تريد تصوير فيلمًا مستوحى من عمله؛ وأدخلت فيه الجزء السياسي من خلال هذا اللاجئ السوري الموشوم.
والجدير بالذكر أن الوشم الموجود على ظهر البطل بالفيلم تم اقتباسه من عمل Wim Delvoye ، وهو مصمم خصيصًا للفيلم.
ومن خلال شخصية «سام علي» نتعايش مع شخص عفوي جدا وحر في أفكاره؛ يعيش في عالم به الكثير من القواعد، ويعيش في ظل دكتاتورية. يجد نفسه في وضع سيء. لأنه ولد في هذا الجانب من العالم ، لا يمكنه السفر أينما يريد.
يبدأ الرجل الذي باع ظهره بكشف النقاب عن أعمال جيفري اليدوية، أننا أمام بطل مفعم بالحيوية لكنه ضعيف، جاد ؛ ومندفع .
وفى الحقيقة أن عالم استخدام البشر وجلودهم تجربة طرحت في عام 1917 في BBC من خلال تحقيق مصور بعنوان (The man who sold his back to an art dealer) الرجل الذي باع ظهره لتاجر قطع فنية؛ التحقيق كان عن تيم شتاينر الذي لديه وشم متقن على ظهره صممه فنان مشهور وباع لهواة جمع الأعمال الفنية الألمانية؛ وعندما يموت شتاينر، سيتم الحصول على جلده كلوحة؛ و حتى ذلك الحين يقضي حياته جالسًا في صالات العرض مع قميصه.
الغريب أن هذا الشخص الذي باع ظهره مفتخر بذلك ويقول: «العمل الفني على ظهري، أنا فقط الرجل الذي يحمله في الأرجاء». وبداية التحقيق بدأت قبل عقد من الزمان، عندما التقت صديقته آنذاك بفنان بلجيكي يدعى Wim Delvoye ، اشتهر بعمله المثير للجدل في رسم وشم الخنازير، وأخبرها دلفوي أنه كان يبحث عن شخص ما يوافق على أن يكون لوحة بشرية لعمل جديد وسألها عما إذا كانت تعرف أي شخص قد يكون مهتمًا.
ويقول شتاينر: «لقد اتصلت بي على الهاتف، وقلت بشكل عفوي،« أود أن أفعل ذلك» بعد عامين، بعد 40 ساعة من رسم الوشم، انتشرت الصورة على ظهره بالكامل؛ وتضمنت اللوحة طيور السنونو، ورود حمراء وزرقاء، وعند قاعدة ظهر شتاينر، يمكن رؤية سمكتين كوي على الطريقة الصينية، يركبهما الأطفال، تسبحان أمام زهور اللوتس.
وقع الفنان على العمل على الجانب الأيمن، وبيع العمل، الذي يحمل عنوان TIM ، مقابل 150 ألف يورو (130 ألف جنيه إسترليني) لجامع الأعمال الفنية الألماني ريك رينكينج في عام 2008 ، مع حصول شتاينر على ثلث المبلغ.
يقول شتاينر: «بشرتي ملك لريك رينكينج الآن»، «ظهري هو القماش، أنا الإطار المؤقت».
والمؤلم حقا أنه عندما يموت شتاينر يجب أن يتم جلد ظهره ، وتأطير الجلد بشكل دائم، ليحتل مكانًا في مجموعة Reinking الفنية الشخصية.
وللأسف أن الفكرة المروعة لها مكانة فى تاريخ الوشم الياباني؛ وتم إجراؤه مرات عديدة.
ويقوم شتاينر بإظهار الوشم من خلال الجلوس عاري الصدر في معرض ثلاث مرات على الأقل في السنة؛ ولقد أقيم معرضه الأول في زيورخ في يونيو 2006 – عندما كان الوشم لا يزال قيد التنفيذ. عندما صادفت الذكرى العاشرة كان في منتصف معرضه الأطول على الإطلاق، عام كامل في متحف الفن القديم والجديد (منى) في هوبارت، تسمانيا، يعمل خمس ساعات في اليوم، ستة أيام في الأسبوع. وللاسف عرض أيضا فى متحف اللوفر في باريسعام 2012 ؛ومعرض دي بوري ولوكسمبورج بزيورخ؛ ومزرعة الفن، بكين؛ معرض الفن المعاصر SH ، شنجهاي.
يقول: «اجلس على مكتبك، وساقيك متدليتان، وظهرك بشكل مستقيم وتمسك بركبتيك لمدة 15 دقيقة – إنه صعب»؛ «لقد فعلت هذا لمدة 1500 ساعة. لقد كانت إلى حد بعيد أكثر تجربة شنيعة في حياتي. ويضيف «كل ما تغير على مدار الأيام كان حالتي الذهنية – أحيانًا الجنة ، وأحيانًا الجحيم ، دائمًا في حالة تأهب تام».
والعجيب أن الشيء الوحيد الذي يفصل شتاينر عن زوار المعرض هو خط على الأرض – وهو الخط الذي عبره البعض في الماضي.
يقول: «لقد تأثرت، ونفخت، وصرخ في وجهي، ودُفعت وأبصق، لقد كان الأمر في الغالب عبارة عن سيرك»، «لكنني لم أتأثر ولو مرة واحدة في هذه الرحلة، إنها معجزة». ويضيف «يعتقد الكثير من الناس أنني منحوتة، ولدي صدمة كبيرة بمجرد أن يكتشفوا أنني على قيد الحياة بالفعل».
وأعتقد ان المخرجة كوثر بن هنية استفادة جدا من هذا التحقيق في تقديم «الرجل الذي باع ظهره» الذي هو خامس فيلم طويل لها في مسيرتها ككتابة ومخرجة، والذي تحاول من خلاله تصوير الوضع السوري عبر رؤيتها الخاصة للأحداث السياسية والاجتماعية.
الفيلم التونسى «الرجل الذى باع ظهره» للمخرجة كوثر بن هنية، فاز بجائزتين فى الدورة الـ 77 لمهرجان فينيسيا السينمائى الدولي، الذي الأولي لبطل الفيلم يحيى مهايني جائزة أفضل ممثل، كما فاز الفيلم أيضا بجائزة أديبو كينج للإدماج، وهي جائزة مستوحاة من مبادئ التعاون الاجتماعى. ولقد شارك فى بطولة الفيلم النجمة العالمية مونيكا بيلوتشى، ديا إليان، كوين دى بو.
نحن في هذا العمل أمام حالة تداخل بين أدانة الحرب في سوريا والنظام الذي أدي إليها وبين أدانة العالم المتحضر الذي يدعي التمدن والدفاع عن حقوق البشر وهم يسحقون أدمية اللاجئين إليهم؛ من خلال رصد رحلة شاب سورى، «سامي على» وهو ليس ناشطا سياسيا ضد النظام السوري ولكنه يرى أن حريته تبدأ بالزواج ممن أحبها قلبه؛ هذا الشاب أجبر على الهجرة إلى لبنان، هربا من سوريا في سوريا؛ وهناك يعمل في مكان لتفريخ الكتاكيت وكأنها أشارة إلى تدجين الإنسان ذاته؛ وفي أحدى المرات التي يذهب فيها إلى المعارض الفنية لمجرد الحصول على الطعام المجاني؛ فيلتقى ، بـ«جيفرى جودفرا» الفنان الأشهر، في مجال الفن المعاصر، ويتوصلا إلى اتفاق غريب من نوعه، بحيث يرسم على ظهر «سام» عملا فنيا حيا، مقابل حصوله على فيزا للسفر للقاء حبيبته التى تزوجت وسافرت إلى بلجيكا.
لتبدأ المخرجة التونسية كوثر بن هنية نوعا من الهجاءً شديد اللهجة؛ الموجه بلا رحمة فى ثوب عالم الفن؛ مع خطوات تحول اللاجئ السوري المثير للجدل لأن يصبح قماشًا حيًا موشومًا إلى لوحة تعبر عن الفيزا.
ويبدأ السيناريو بكل الشجن يقفز من الرقة إلى بيروت إلى بروكسل، طارحا مأساة الرجل الذي باع جلده من خلال تداخلات غاية في الإنسانية والشجن وخاصة مع ظهور مونيكا بيلوتشي الشقراء الجليدية ذات الدور المحوري بالفيلم؛ و(بيلوتشي) المساعدة جيفري وتتعامل من البداية بقسوة بداية من التوقيع على الميثاق الذي يغير الحياة؛ وحصوله على تأشيرة شنجن الأوروبية، والتي تتيح للزوار سهولة الوصول إلى 22 دولة في الاتحاد الأوروبي بعد أن فر من الاضطهاد في وطنه، لا يستطيع سام الحصول على المستند بشكل قانوني بنفسه، وهو واقع يعلق عليه جيفري عن قصد. ومع ذلك ، يريده سام بشدة واحدة، حتى يتمكن من الانتقال إلى بلجيكا.
وبالطبع ينال العمل الفنى المرسوم على ظهره شهرة كبيرة، ويقدر بمبالغ خيالية فى مزادات سوق الفن، فيثير لعاب تجار التحف الفنية، وسخط ناشطى حقوق الإنسان، ليجد «سامى» نفسه في مأزق، يحاول الخروج منه واستعادة حبيبته
ويبقى مشهد النهاية ليضع المشاهد أمام تساؤلات عدة حول استنساخ اللوحة الذي تم من خلال الفنان عندما حصل على الحامض النووى للبطل؛ ليخلق منه جلد جديد رسمت عليه اللوحة الجديدة التي زادت قيمتها بعد مقتل البطل على يد الدواعش في مدينة الرقة التي عاد إليها؛ وفي الحقيقة أن مشهد قتله من الدواعش كان محيرا لى لأن تم بأطلاق الرصاص وهو أسلوب لايستخدمه الدواعش؛ فهم يقتلون بفصل الرأس أو الحرق؛ وفسر هذا بظهور البطل لنعرف أن ثمة اتفاق تم مع الدواعش من قبل الفنان لتمثيل هذا المشهد بدون أن يذكر هذا الفيلم؛ وكأنه اتفاق بين عالمين كلاهما ضد الإنسانية ولكن النتيجة كانت حرية البطل الذي أعلن وفاة أمام العالم أجمع.
الحدير بالذكر أن بيلوتشي زارت تونس في يوليو 2019 وصوّرت مشاهدها في معرض فني في العاصمة التونسية، وهي التي أعلنت في وقت سابق موافقتها على المشاركة في العمل بعدما شاهدت فيلم بن هنية «على كف عفريت» في مهرجان كان السينمائي في نسخته السبعين.
ويلعب الدور الرئيسي في فيلم «الرجل الذي باع ظهره» الممثل الكندي من أصل سوري يحيى مهايني، إلى جانب الممثلين الفرنسيين ديا أليان وكريستيان فاديم والبلجيكي كوين دي بو والفنانة اللبنانية السورية دارينا الجندي والتونسيين نجوى زهير وبلال سليم.
وتتعامل المخرجة وكاتبة السيناريو مع كل فيلم جديد «وكأنه قصة حب» وفي العام 2010، أخرجت عددا من الأفلام القصيرة، فاختارت النوع الوثائقي في «الأئمة يذهبون إلى المدرسة»، ثم أخرجت «شلاّط تونس» في العام 2014 وبعد سنتين «زينب تكره الثلج» عن الانتقال من الطفولة إلى المراهقة، وقد صوّرته بين تونس ومقاطعة كيبيك الكندية.
وفي العام 2017 بلغت مرحلة مهمة ومصيرية في مسيرتها السينمائية عندما حصد فيلمها «على كف عفريت» إعجاب الجمهور وتصفيقه الحاد لدى عرضه ضمن قسم «نظرة ما» في مهرجان كان الدولي، ويستند العمل إلى قصة حقيقية حدثت عام 2012 تعرّضت خلالها فتاة جامعية للاغتصاب على يد رجال شرطة، وتكافح على مدى ليلة لتقديم شكوى في حقهم. بينما الجهة التي يفترض أن تتلقى الشكوى وتحركها نحو القضاء هي ذاتها الخصم.كشف أول فيلم روائي طويل لكوثر بن هنية Beauty and the Dogs عن صانعة أفلام تحمل في نفسها وعلى شخصياتها مظهرًا فريدًا ومؤثرًا. لم يترك أي شخص غير مبال خلال عرضه في عام 2017 في مهرجان كان السينمائي.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولي