يحمل مهرجان الجونة في دورته الرابعة أيقونة الحلم؛ والحلم في الأبداع يتخذ أشكالا عدة؛ فقد يكون أول تجربة تخطوا بها في عالم الدراما؛ أو فيلما يعيش مع أحلام وطموحات شخصا واحد في تغيير حياته؛ أو أحلاما عدة لأناس يربطهم هدف أو رغبة؛ وفى النهاية يعيش المتفرج من خلال العمل الفني حلمه الخاص به؛ والذي يستنبطه من أي تفصيلة يراها من خلال أحد أفلام السينما.
ربما يعبر أحد أفلام مهرجان الجونة «الصبي صائد الحيتان» المشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة هذا العام عن الحلم بشكل خاص؛ من خلال تلك الرؤية التي يطرحها المخرج وخاصة أنها التجربة الأولى لمخرجه فيليب يوريف، والتي يغزو بها الشاشة الفضية من خلال تغريدة حلم إنسانية لبطله الذي تكسبه روحه النقية تفسيرا لواقعه فيعيشه؛ وكأنه في حلم رومانسي مفعم بالحب والألم الذي يشعر به من خلال تصوره لفتاته الجميلة، والتي تجعله مجنونًا بها، لكن في الوقت نفسه يمنحه الشجاعة التي يحتاجها لمغادرة قريته، بحثًا عن الحب، وتحقيق الذات.
الفيلم عرض عالميًا لأول مرة في الدورة الـ17 لأيام فينيسيا السينمائية المُقامة على هامش الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي، حيث فاز هناك بجائزة الإخراج جي دي إيه وكان مدعومًا من قبل استوديو Rock Films البارز تحت إشراف المخرج الروسي الشهير Alexei Uchitel ، الذي أنتجه. واستعان إلى الممثلين المحترفين بالسكان المحليين في تشوكوتكا.
الحلم في فيلم In Between Dying والذي يعرض بالجونة تحت اسم «احتضار» وإخراج هلال بايداروف عن قصة غامضة ومثيرة للغرابة عن رجل لا يستطيع الهروب من الموت بحالة من التناغم في الصور عبر تصوير بالحقول الخضراء والضبابية والجبلية بالقرب من العاصمة الأذربيجانية؛ كخلفية مثلي للحلم المعبر عن قصة غامضة؛ عرض الفيلم في مسابقة في مهرجان البندقية السينمائي الدولي السابع والسبعين.
المخرجة البوسنية ياسميلا زبانيتش، التي تحقق حلمها بالنجاة من الحرب، فتنقل إلينا تجربتها الإنسانية بفيلم «إلى أين تذهبين يا عايدة؟» (البوسنة والهرسك، النمسا، رومانيا، هولندا، ألمانيا، بولندا، فرنسا، النرويج)، بقصة مترجمة الأمم المتحدة عايدة، وكفاحها المرير لانقاد عائلتها من الموت على أيدي الجنود الصرب لحظة دخولهم بلدتها؛ مستعرض حلما أقرب للكابوس حتى الوصول لمحاولات النساء التعرف على عظام موتاهم إلى جانب أنهم يكافحون من أجل الاحتفاظ بحق الوصول إلى ممتلكاتهم التي يسكنها الآن السكان الصرب البوسنيون.
الشغف الإنساني والبحث عن الرزق حلم رجال كبار في السن، يبحثون عن نوع نادر من فطر ألبا الأبيض في غابات بيدمونت الإيطالية ويشارك «صائدو الكمأ» (إيطاليا، الولايات المتحدة الأمريكية، اليونان) لمايكل دويك وجريجوري كيرشاو في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في قسم السينما العالمية الوثائقية في مهرجان صندانس السينمائي 2020.
وهذا حلم مطابق لما يحدث في الحقيقة فلقد اجتذبت المعارض والمهرجانات وجولات صيد فطر الكمأة في إيطاليا حوالي 120 ألف زائر لإيطاليا العام الماضي؛ والتي تقدر عائداته في مجال السياحة 63 مليون يورو؛ ومن المعروف أن إيطاليا يصبح بها انتعاشا كاملا في مجال السياحة خلال موسم صيد الكمأة، حيث تقام المهرجانات والمعارض الشهيرة المخصصة للكمأة البيضاء في عدة أقاليم، كما تنظم العديد من الجولات لصيد هذا الفطر النادر إلى جانب دورات في كيفية طهيه بهدف إرضاء أذواق محبي هذا الفطر.
اما الفيلم الفائز بجائزة أسد المستقبل لأفضل أول فيلم وجائزة لجنة تحكيم في مسابقة آفاق الخاصة في الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي، للمخرجة آنا روشا دي سوسا «استمع» (المملكة المتحدة، البرتغال) فيعرض ضمن قسم الاختيار الرسمي خارج المسابقة والفيلم للمخرجة بمثابة تحقيق حلم في مسيرتها، فبعد نجاحها كممثلة انتقلت خلف الكاميرا ببعض الثقة بالنفس.
وكانت المخرجة قد انتقلت إلى المملكة المتحدة لدراسة السينما في مدرسة لندن للسينما، وعرض فيلمها الطويل الأول، استمع في قسم أوريزونتي من مهرجان البندقية السينمائي لهذا العام. يروي الفيلم قصة زوجين مهاجرين برتغاليين أجبروا على تحدي الخدمات الاجتماعية البريطانية للحفاظ على تماسك أسرتهم وحماية طفلهم الصم.
وآنا روشا دي سوزا استمعت لبعض العائلات البرتغالية التي خضعت للتبني القسري في المملكة المتحدة، لذلك بدأت في إجراء بعض الأبحاث، على أمل فهم ما كان يحدث ولماذا. وما اكتشفته وجدته مزعجًا للغاية؛ فقررت صنع فيلمًا عن ذلك؛ وشارك في الكتاب بولا فاكارو و آرون بروكنر، كان البحث عبر الإنترنت بشكل أساسي؛ ثم تمكنوا لاحقًا من التواصل مع بعض الجمعيات؛ ويجسد الفيلم معركة الآباء اللاجئين ضد القوانين المتعسفة في بريطانيا، لحماية أطفالهم وعوائلهم من احتمالات التشتت.
My Tender Matador هو فيلم درامي تشيلي من إخراج رودريجو سيبولفيدا مع سيناريو كتبه نفس سيبولفيدا، بجانب خوان إلياس توفار. وهو قائم على حلم تحويل رواية بيدرو ليميبل المجهولة إلى فيلم معتمدا على الخلفية السياسية (تستند الأحداث إلى محاولة مانويل رودريجيز الوطنية لاغتيال بينوشيه عام 1986)، إلا أن هذا ليس فيلمًا سياسيًا صريحًا. وبينوشيه شخصية حقيقية في رواية موازية في الكتاب وبالتالي، فإن الفيلم يدور أكثر حول السياسة الشخصية وسياسة كونك مثليًا، وكونك ثوريًا لديه قصص حزينة خاصة به.
من اليابان، يأتي فيلم «الأمهات الحقيقيات» لنعومي كاواسي إلى البرنامج. الفيلم شارك في اختيارات مهرجان كان الرسمية، كما عُرض في قسم العروض الخاصة في الدورة الـ45 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي. يستكشف الفيلم، المبني على رواية للكاتبة اليابانية ميزوكي تسوجيمورا، التجارب غير العادية لامرأة وطفلها المُتبنى، حين تتواصل معها أم الطفل البيولوجية.
أما المسرحية الأكثر جدلا لصمويل بيكيت، الذي اشتهر بكتاباته عن المعاناة والعزلة، «في انتظار جودو» والتي كتبها في الـ 42 من عمره، كانت باكورة إنتاجه المسرحي بعد شوط طويل قضاه في كتابة الشعر والرواية والقصة القصيرة والنقد، تتحول الى حلم للمخرج لإيمانويل كوركول حيث يحكى من خلال فيلمه «الضربة القوية» قصة ممثل مفتون بالمسرح يقوم بعمل ورشة تمثيل مسرحية داخل سجن فرنسي، يجلب مجموعة متنوعة من المساجين، ليقدموا عرضًا مبنيًا على نص مسرحية «في انتظار جودو» لصامويل بيكيتا؛ الفيلم عرض في مهرجان كانّ 2020.
المعروف أن المسرحية كانت في الأصل «مقاطع كتابية تتخللها مادة حوارية». وتدور أحداث المسرحية حول رجلين يدعيان «فلاديمير» «واستراجون» ينتظران شخصًا يدعى «جودو» لا يصل أبداً. وفي أثناء انتظارهما، ينخرطان في مجموعة متنوعة من المحاورات ويقابلان ثلاث شخصيات أخرى.
وهناك فيلم دانييل لوتشيتى وبعنوان «Lacci»، مأخوذ عن رواية Domenico Starnone لعام 2017 والتي تحمل نفس الاسم وتدور حول قضية محتملة تهدد الزواج، ويعرض بالجونة تحت اسم «الروابط» (إيطاليا) بطولة ألبا روهرواشر ولويجي لوكاسشيو ولورا مورانتي وسيلفيو أورلاندو وليندا كاريدي، ويدور حول أزمة زوجية بين رجل وامرأة وتدور أحداثها في نابولي وروما في فترة الثمانينيات.
وكان «الروابط» فيلم افتتاح الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي، ويطرح الفيلم مفاهيم الولاء والخيانة والحقد والذنب، من خلال قصة تبدأ في ثمانينات القرن الماضي، لكنها لا تزال تؤثر على عالم أبطالها حتى اليوم.
وسترى فيلم «بداية» (جورجيا، فرنسا) الفيلم الطويل الأول لديا كولومبيشفيلي. الفيلم كان من بين اختيارات مهرجان كانّ الرسمية هذا العام، وعرض في قسم اكتشافات في الدورة الـ45 لمهرجان تورنتو السينمائي الدولي. عن الشابة يانا، من شهود يهوه، تُصدم أثناء إرساليتها بإقدام مجموعة من المحليين الغاضبين على احراق مكان عبادتها. والبداية واحد من ثلاثة أفلام فقط أخرجتها نساء في المسابقة هذا العام.
وعن تأثير منصات التواصل الاجتماعي وأشكال التواصل الحديثة على نفسيات البشر يعرض فيلم Mainstream في الجونة باسم التيار هو فيلم درامي أمريكي عام 2020 من إخراج جيا كوبولا ، من سيناريو من إخراج كوبولا وتوم ستيوارت. وبطولة أندرو جارفيلد ومايا هوك ونات وولف وجيسون شوارتزمان. كان العرض الأول على مستوى العالم في مهرجان البندقية السينمائي في 5 سبتمبر 2020.
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولي