باعتبارها دولة محورية فى الشرق الأوسط وإفريقيا، جاءت كلمة مصر أمام الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة معبرة عن مجمل الأوضاع الداخلية والإقليمية والدولية.
وإذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي فى خطابه الشامل أمام هذه الدورة، وضع رؤية مصر لكثير من القضايا، إلا أنه تبقى هناك قضايا أساسية تعاني منها المنطقة وكثير من دول العالم.
ومما لا شك فيه أن الإرهاب كظاهرة عالمية بات أحد اللاعبين الفاعلين على الساحة الدولية، ومن ثم فهى جزء أصيل من الصراع الدولي المعاصر، وعليه فلا سبيل إلى مواجهة الإرهاب بفاعلية إلا من خلال المجتمع الدولي ومحاسبة الدول التي تتعمد خرق القانون الدولي والقرارات الأممية وبصفة خاصة قرارات مجلس الأمن.
وهنا جاءت كلمات الرئيس السيسي حاسمة دون لبس عندما قال: من المؤسف أن يستمر المجتمع الدولي فى غض الطرف عن دعم حفنة من الدول للإرهابيين سواء بالمال والسلاح أو بتوفير الملاذ الآمن والمنابر الإعلامية والسياسية، مؤكداً تمسك مصر بمسار التسوية السياسية فى ليبيا بقيادة الأمم المتحدة على أساس الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات ومخرجات مؤتمر برلين وإعلان القاهرة، باعتبار أن تداعيات الأزمة لا تقتصر على الداخل الليبى، ولكنها تؤثر على أمن دول الجوار والاستقرار الدولى.
ومن جديد أكد السيسي على موقف مصر الثابت وحقها فى حماية أمنها القومي في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تحاول بسط نفوذها على الحدود المصرية من خلال التدخل السافر من بعض الأطراف الإقليمية التي عمدت إلى جلب المقاتلين الأجانب إلى ليبيا، تحقيقاً لأطماع معروفة وأوهام استعمارية ولى عهدها، مشدداً على أن مصر قد وضعت خطاً أحمر بمدينة سرت والجفرة، وأن أى تجاوز لهذا الخط سوف تتصدي له مصر دفاعاً عن أمنها القومي وسلامة شعبها، وجددت مصر نداءها إلى كل الليبيين بالعودة إلى المسار السياسي الذي يحقق الأمن والاستقرار للشعب الليبى الشقيق.
وإذا كان تراجع واضح قد طال الكثير من القضايا الأساسية للوطن العربي جراء ثورات الربيع العربي، إذ واجهت الأمة العربية فوق انقساماتها تحديات شتي زعزعت استقراراً لم يكن مبنياً على أسس سليمة بعد أن أهملت كثير من النظم العربية تطوراً كان واجباً بعد أن تحول العالم إلى قرية صغيرة بفعل ثورة الاتصالات التي خلقت واقعاً جديداً كان يتطلب تطويراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً على غرار ما حدث فى مصر بعد ثورة الثلاثين من يونيو التي أعادت إلى مصر الاستقرار مؤسسياً، وجعلتها تعود إلى موقعها على الساحتين الإقليمية والدولية لتعيد معه أهدافها الاستراتيجية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي ظلت أهم القضايا التي تشغل مصر، وهو ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي فى خطابه أمس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما قال: إذا كنا ننشد حقاً تنفيذ القرارات الدولية وتحقيق السلام والأمن الدائمين فى منطقة الشرق الأوسط فليس أحق بالاهتمام من قضية فلسطين التي ما زال شعبها يتطلع لأبسط الحقوق الإنسانية، وهو العيش فى دولته المستقلة جنباً إلى جنب مع باقى شعوب المنطقة، مشدداً على المجتمع الدولي بتفعيل قراراته بتحقيق السلام الذى طال انتظاره والتصدى للإجراءات التي تقتطع الأرض من تحت أقدام الفلسطينيين وتقوض أسس التسوية وحل الدولتين التى تبنتها القرارات الدولية.
كما كانت سوريا حاضرة فى رؤية مصر تجاه معاناتها من الحرب المشتعلة وتدخل دول الجوار فى شئونها بهدف التقسيم واستغلال ثرواتها، وشددت مصر على الحفاظ على وحدة سوريا ومؤسساتها فى مواجهة الإرهاب وكل خطط التقسيم، وبالمنطق نفسه رأت مصر ضرورة أن تكون هناك وقفة حاسمة تنهي الأزمة فى اليمن من خلال المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل وبما يحترم الشرعية فى اليمن واستغلاله وعدم استغلال أراضيه لاستهداف دول الجوار.
ولأن نهر النيل هو شريان الحياة لمصر، استحوذت قضية سد النهضة على اهتمام كل المصريين، رأت مصر على لسان رئيسها التوقف على نقاط محددة فى هذه القضية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى اجتماعها الآنى، وأكدت للعالم أن نهر النيل ليس حكراً لطرف ومياهه بالنسبة لمصر ضرورة للبقاء دون انتقاص من حقوق الأشقاء.
ولكن فى المقابل بعد مفاوضات امتدت لعقد من الزمان سعياً لاتفاق عادل لم يحدث، وبعد مفاوضات أخيرة برعاية الاتحاد الإفريقي لم تسفر الجهود أيضاً عن النتائج المرجوة.. وهنا حذرت مصر من امتداد أمد التفاوض إلى ما لا نهاية بهدف فرض الأمر الواقع، خاصة أن شعوب المنطقة تتوق إلى الاستقرار والتنمية.. وهو ما يعنى أن دولة إثيوبيا تهدد استقرار المنطقة، وفى اعتقادي أن طرح قضية سد النهضة على المجتمع الدولي بهذه التفاصيل هى بداية لخطوات جديدة من مصر.. حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية