لا خلاف على أن مصر تشهد فوضى فى التخطيط العمرانى منذ نصف قرن أو يزيد.. ولا خلاف أن هذه الفوضى أنتجت مناطق عشوائية بكل ما تحمله من سلبيات ومخاطر، وللأسف هذه الفوضى امتدت إلى كل ربوع مصر بما فيها الريف المصري ورقعته الزراعية التي تقلصت بشكل صارخ وخطير بسبب فساد وتواطؤ الأجهزة المحلية إلى حد عجزت عن مواجهته حكومات كثيرة متعاقبة وفشلت فى مواجهة هذه الظاهرة، حتى انفجرت ثورة 25 يناير التي غابت فيها كل أجهزة الدولة .
وكان من الطبيعى أن تتضاعف المخالفات والتعديات على الأراضي الزراعية.. ولأن هذه الظاهرة عميقة ومتجذرة فى المجتمع المصري، وتمس عشرات الآلاف وربما الملايين كان من الطبيعي أن تكون هناك ردود أفعال كبيرة بسبب الإجراءات التي تتخذها الدول لإعادة تصحيح المسار ومواجهة الظاهرة.
هذه القضية التي أثارت ضجة كبيرة في المجتمع وتلقفتها دول وأجهزة إعلام أجنبية للمتاجرة بها، تكشف عن جوانب كثيرة ربما غابت عن البعض، أهمها أن استفحال المشكلة وتجذرها فى المجتمع أمر يحتاج إلى معالجة سياسية واجتماعية وأمنية وبشكل متدرج، وربما يحتاج أيضًا إلى تشريعات جديدة، بحيث تقسم إلى شرائح حسب حجم ونوع المخالفة، فلا تتساوى على سبيل المثال مخالفة الساكن مع مخالفة أصحاب المشروعات التجارية أو مافيا الأبراج السكنية المخالفة.
وفى ذات السياق يجب مراعاة ظروف الأسر البسيطة في الريف عكس أيضًا تجار تقسيم الأراضي وتبويرها أو أصحاب المشروعات التي أنشئت على الأراضي الزراعية الذين حققوا أرباحا خيالية علي سبيل المثال هناك وجهات نظر متعددة تجاه عمليات الإزالة التي تتكرر لمبان ومنشآت مخالفة، ويرى البعض أن عمليات الإزالة لم تعد ذات جدوى فى ردع المخالفين وأنها تمثل إهدارا للثروة القومية.
والأجدى أن يكون هناك تشريعات جديدة لمصادرة هذه المنشآت لحساب الدولة والاستفادة منها كمنشآت خدمية بدلاً من عمليات الهدم والإزالة والتي يعاود البعض بنهاءها مرة أخرى.. بينما المصادرة أجدى وأنفع من شتى الجوانب الاقتصادية وأكثر ردعًا للمخالفين، والأمر ذاته ينطبق على إعادة النظر فى عقوبات الأجهزة المحلية وتشديدها.
صحيح أن الحكومة بدأت فى مراجعات تجاه قيمة المخالفات استجابة لصرخات بعض الأسر البسيطة وبدأت تتعامل بروح القانون.. وفي اعتقادي أن لقاء الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مع عدد من الزملاء الصحفيين والإعلاميين بمحافظة القليوبية كان مثمرًا وكشف عن جوانب كثيرة لخطورة غياب الدولة عن معالجة هذا الملف والمشاكل المتعلقة به وعلى رأسها إعاقة كل خطط الدولة في التنمية وتقديم الخدمات والمرافق إلى المواطن بشكل يتناسب مع مصر الحديثة التي نتمناها جميعًا.
وإذا كانت الدولة تقوم بما يجب القيام به فى مواجهة كل أشكال الفوضى داخل المجتمع، فيجب علينا نحن المصريين أن ننتبه جيدًا إلى استخدام هذا الملف في حالة التربص لهذا الوطن وفي هذا الوقت تحديدًا بعد الضربة الموجهة التي وجهتها أجهزة الأمن للجماعة الإرهابية والقبض على محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان، وكلنا يعلم أنه العقل المفكر للجماعة فى مصر وخارجها، وأنه حتى أيام قليلة مضت كان يقوم بإدارة كل ملفات الجماعة وتوجيه عناصرها سواء فى مصر أو قطر وتركيا وغيرها من الدول بهدف نشر الفوضى فى مصر، وهو ما يفسر حالة الهيستريا التى أصابتهم الآن والهجمة الشرسة التي تتعرض لها مصر، واستغلال بعض الأسر البسيطة التي تعرضت منازلهم للازالة للمتاجرة بهم وتأليب الرأي العام المصري وعلى غرار أضاليل حملة هدم المساجد التي كشفت الحقائق زيفها وأنه يعاد بناء المساجد بشكل أكبر وأحدث.
حمى الله مصر من كل سوء
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية