بالرغم من كل الظروف والتقلبات السياسية التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة، وبالرغم مما خلفته ثورات الربيع العربي من فوضى خلاقة في المنطقة ما زلنا نعانى منها، وبالرغم من استمرار المحاولات البائسة للجماعات الإرهابية للنيل من هذا الوطن..
وقفت مصر صلبة قوية في مواجهة كل الصعاب، ولم يعد هناك شك من الناحية الاستراتيجية والسياسية في أنها قد كسبت المعركة ضد الإرهاب والمخططات التي هدفت لهدم الدولة المصرية.
والأهم أن مصر انتقلت إلى الاستقرار والتنمية، واستعادة حرية المناورة بين الدول الكبرى، ولم يعد هناك شك أن التأثير المصري في المحيط العربي والإفريقي بات واقعاً ملموساً، خاصة وأن الدولة المصرية بقوتها الناعمة ودبلوماسيتها العريقة استطاعت في سنوات قليلة استعادة وضع مصر الخاص في محيطها العربي والإفريقي، واستعادة التوازن الاستراتيجي في مواجهة قوى اقليمية راهنت واستغلت فوضى الربيع العربي.
على هذا النحو الجديد أصبحت مصر حاضرة وبقوة مع أشقائها العرب ومحيطها الأفريقي في كل قضاياهم ومشاكلهم الإنسانية قبل السياسية، ولم يعد بمستغرب أن تكون مصر على رأس الدول الحاضرة في كل الأزمات التي تواجه الأشقاء، كما رأينا في الجسر الجوي بين مصر والسودان وجنوب السودان بسبب كوارث الفيضانات التي شردت آلاف الأسر وما زالت تعيش بدون مأوى.
صحيح أن الرئيس عبدالفتاح السيسي أصدر توجيهاته بجسر جوى بين القاهرة والخرطوم لإرسال مساعدات عاجلة للأشقاء، كما أوفد الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة على رأس فرق طبية في مكافحة الأوبئة وهى قرارات أثلجت صدور كل المصريين، ولكن مشاهد الكارثة التي أوجعت قلوب كل المصريين على أشقائهم في السودان جعلت كثيرين يفكرون في المشاركة الشعبية المصرية لأشقائهم في السودان ويبحثون عن وسيلة لتنظيم هذا الأمر، وفي اعتقادي يمكن توجيه الجمعيات الخيرية ومنظمات العمل المدني والأهلي للقيام بهذا الدور وهو أمر ليس بجديد على مصر والمصريين.
فقبل أسابيع كان لبنان حاضرا ويشغل عقل كل مصري بسبب الانفجار المروع الذي هز بيروت، وكانت الدولة المصرية حاضرة أيضاً بجسر جوى لتقديم كل أشكال الدعم إلى الأشقاء في لبنان، ولم تغفل مصر عن تقديم مساعدات طبية للأشقاء في العراق الحبيب الذي ما زال يعاني آثار الغزو الأمريكي وزراعة الفتنة الطائفية بين أبنائه لتقطيع أوصاله.. ولم تختلف ردود الأفعال في كل العواصم الشقيقة التي فتحت معها مصر جسراً جوياً وتشاركت جميعها في جملة واحدة. هذا ما عهدناه من مصر.
أيضاً وعلى نفس القدر من المسئولية استعادت مصر التوازن الاستراتيجي في المنطقة، وأصبحت لاعباً أساسياً، ونقولها بصريح العبارة، لا حرب بدون مصر، ولا سلام إلا بمصر وما حدث في ليبيا يؤكد ذلك، ويؤكد أيضاً أن ليبيا لن تكون لقمة سائغة لتركيا أو غيرها، وأن وحدة ليبيا وثرواتها من حق الشعب الليبي فقط، وعندما حذر الرئيس السيسي ووضع خطاً أحمر لمنطقة سرت الجفرة باعتبارها البعد الاستراتيجي وحدود الأمن القومي المصري، كانت المراجعات الدولية والتراجع التركي عن الاستمرار في المغامرة، وهو ما نتج عنه العودة الى المفاوضات السياسية والتقاء الفرقاء الليبيين في المغرب، والآن يزور القاهرة وفداً من حكومة الوفاق بعد أن أدرك جيداً أن حل الأزمة الليبية لن يكون من أنقرة أو بالسلاح التركي ومرتزقة أردوغان، وإنما من خلال مصر التي تعي جيداً معنى وقيمة الأمن القومي العربي وتحافظ على وحدة واستقرار وثروات كل الدول العربية.
ولسنا ببعيدين عن مبادرة ودعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي في 2015 بإنشاء قوة عربية موحدة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه الدول العربية والمنطقة وهو الأمر الذي أزعج قوى كبرى وعملت على إفشال المشروع من خلال دول عربية.. ومع هذا ظلت مصر على ثوابتها التاريخية تجاه الأشقاء العرب.
حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية