لم يكن خروج المسيرات الشعبية السلمية التي انطلقت في عموم ليبيا يو 23 أغسطس الجاري، ومازالت تتدفق في ميادين مختلفة داخل وخارج العاصمة طرابلس للتنديد بالوضع المعيشي الصعب وحالة الفقر المدقع التي وصل إليها الليبيون من قبيل الصدقة، بل كان متوقعا بعد نحو 9 أعوام من الفشل السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي الذي أغرق البلاد، بعد أن ظلت لأكثر من 4 عقود تتمتع بالإستقرار والتنمية والإستقلال السياسي والعسكري.
إن انقلاب الشارع الليبيي على الأوضاع الحالية يظهر مدى نفاذ صبر المواطن وخاصة فئات الشباب بعد أن فقدوا كافة مقومات الحياة العادية التي تحفظ لهم على الأقل جزء من كرامتهم الإنسانية أو توفر لهم سبل العيش الكريم وتغنيهم عن اللحاق بركب الهجرة غير الشرعية بإتجاه أوروبا، وليس من أجل الرفاهية التي غمرتهم إبان حكم الزعيم الليبي معمر القذافي.
لقد بلغ الوضع السيء في ليبيا مداه، فيسود فيها الظلام نتيجة انقطاع التيار الكهربائي عن كثير من المدن والأحياء لمدة 24 ساعة في ظل درجة حرارة مرتفعة ووجود جائحة كورونا وتأثير ذلك على الأطفال وكبار السن، ناهيك عن فقدان التواصل مع العالم الخارجي عن طريق التلفاز أو الراديو أو عن طريق الهواتف المحمولة بسبب انقطاع الكهرباء.
هل تعلمون أن المليشيات الإرهابية التي تسيطر على العاصمة بقوة السلاح تهدد الشركة العامة للكهرباء في ليبيا حتى تقوم بقطع التيار الكهربائي عن مناطق معينة كي لا تتضرر الأحمال وتؤدي في النهاية إلى الانقطاع التام على الجميع؟!، ما يعني أن المليشيات هي من تقرر من يحصل على التيار الكهربائي، وفي النهاية لا يجب أن تتعجب من تصريحات فايز السراج رئيس حكومة الوفاق عندما خرج ليحدث الليبيين الثائرين في الميادين بأن حكومته ستكون عادلة في طرح الأحمال؟
كيف لرجل يعد بمثابة حاكما للدولة أن يطرق معاناة الليبيين في كافة المناطق دون أن يطرح رؤية سياسية توافقية أو حتى رؤية اقتصادية لانتشال البلاد من الفوضي والفقر ليخرج متحدثاً عن مشكلة الكهرباء؟ وفي النهاية تجد من يهاجم حراك الشباب ويصفهم بالعملاء والمموالين وأصحاب الأجندات الخارجية، كيف لشخص مثل السراج أن يظل حاكماً أو يظل المجتمع الدولي يعترف بشرعية حكومته حتى الآن بعد كل ذلك الدمار والخراب!
إن حراك الشباب الليبي هو الحل في إزاحة حكومات وأجسام سياسية في ليبيا فاقدة للشرعية الدستورية والشعبية لا تستطيع التحرك دون انتظار التعليمات من الخارج ولكم في ما تفعله تركيا خير مثال، ففي كل يوم نشاهد الزيارات تلو الأخرى لأعضاء حكومة السراج إلى تركيا إما لأخذ التعليمات أو لإرسال المعلومات ومزيد من التآمر على وطن بات منكوبا هزيلا كجسد المريض لا يجد الدواء.
بات الآن من المحتم لإنقاذ ليبيا من سنوات قادمة قد تشهد مزيد من الدمار والانقسام والقتل والتهجير هو دعم حراك الشباب السلمي حتى إسقاط حكومة السراج وفاقدي الشرعية الشعبية وإعلان موعد لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية بأسرع وقت.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية