نواصل حديث الراحل الدكتور عاطف العراقى عن النحاس باشا الذى يقول عنه بالإضافة إلي كونه أنزه رجال مصر، قدم العديد من المقترحات وقام بالكثير من المشروعات العظيمة ومن بينها الدعوة لتقوية مصر أولاً حتي تسعي الدول العربية للاستفادة منها.
وهو صاحب فكرة الضريبة التصاعدية التي تعتبر الحل الاقتصادي الأمثل إذا أرادت مصر أن تبني اقتصادها، فلا مانع – في رأيه – أن ينشأ الأغنياء المشروعات الكبري ولكن لابد من فرض ضريبة عليها ترتبط بالأرباح حتي يشعر بقية المصريين أن مصر ترعاهم، وهذا أفضل من الورطة التي وضعت فيها مصر حينما لجأ عبدالناصر إلي «مهزلة» القطاع العام، وكم حدثت فيه سرقات بالملايين.
فأتاح «النحاس» لرأس المال أن يعمل، فظهر طلعت حرب وعبود باشا الذي قيل عن شركاته إن سعيد الحظ من يحصل علي سهم فيها، لأنه سيضمن ارتفاع قيمة هذا السهم سنوياً، وكان يقال أيضاً هناك شخصان يشعران بالسعادة في مصر، من يحصل علي سهم في شركات عبود، ومن يحصل علي تذكرة لحضور حفلة أم كلثوم، قارن هذا بما حدث عند إعلان بيع أسهم مشروع الحديد والصلب بمبلغ «2 جنيه» للسهم الواحد وهبطت قيمة السهم إلى «140 قرشاً» في العام التالي فأصيب المساهمون بخيبة أمل.
يضاف إلي الإصلاح الاقتصادي نزاهة الانتخابات التي علي أساسها تم اختيار مصطفي النحاس وحصوله علي أكثر من %75، وكانت هذه الانتخابات غاية في الديمقراطية والحياد والشفافية، ولم تظهر فيها أبداً الـ 99.9 % التي سيطرت علي الانتخابات في العهد البائد.
ورفض النحاس باشا مشروع السد العالي مع عثمان محرم أعظم وزير أشغال في تاريخ مصر لأنه مشروع فاشل أقامه عبدالناصر لأسباب سياسية وليست اقتصادية، وهو الذي أدي لإصابة الملايين من المصريين بأمراض الكبد والكلي بسبب استخدام المبيدات والكيماويات السامة في الزراعة لتعويض الأرض من الطمي.
وللنحاس باشا جملة شهيرة مأثورة تقول «تقطع يدي ولا تنفصل مصر عن السودان»، ولكن عبدالناصر بخبرته المحدودة أقام وحدة مع سوريا، ونتيجة هذه الوحدة كانت مصيرها الفشل المتوقع لأن كبار مفكري مصر حذروا منها واستنكر العقاد الوحدة بين دولتين إفريقية وآسيوية مختلفتين في النشاط الاقتصادي فالأولى زراعية والثانية تجارية وكذلك اختلافهما في نظام المرتبات وحدثت الفرقة سريعا.
العجيب والغريب في نفس الوقت، أن النحاس باشا وقف أمام «محاكم الغدر» بتهمة شراء «بالطو فرو» لزوجته زينب الوكيل ونسي عسكر الحركة ثراء عائلة الوكيل حتي إن بعض قادة الحركة استولوا علي قصرها بالمرج الذي أقام به محمد نجيب حتي وفاته، فهل تعجز زينب الوكيل عن شراء بالطو من الفرو، وكذلك تم إلقاء القبض علي جميع من شاركوا في جنازته بميدان التحرير في عهد عبدالناصر.
ويطالب «العراقى» وزارتي التعليم والتعليم العالي بإدراج فصل كامل في كتب التاريخ الجامعية وقبل الجامعية عن النحاس باشا، وأن يكون اسمه علي كل لسان، فهو خالد بأعماله، ولا يستطيع أي إنسان أن يشكك في ذمته المالية.
ويقول «العراقى»: عرفت الكثير عن حياته الشخصية بعد انقلاب 1952 حين كنت التقي بالعظيم الإنسان فؤاد سراج الدين باشا ولذلك كنت حريصاً علي إهداء أكبر وأضخم كتب ثورة النقد في عالم الأدب والفلسفة السياسية لروح الزعيم مصطفي النحاس الذي أحب مصر حباً جماً ويجب أن تبادله حباً بحب، وعطاء بعطاء.
ونكمل فى الحلقة القادمة
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوكو تويترلمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية