«لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك لبيك».. إنه صوت الطائعين يدوى في مكة اليوم معلناً بدء أعمال الحج عبر طواف القدوم ليستكمل مسيرته غداً في عرفات.. إنه الخضوع والخشوع والتسليم والإذعان ونيل الفيض من الكريم المنان فقد وسعت رحمته كل شيء والحمد لله أن انطلقت أعمال الحج لهذا العام لتعيد إلى النفوس الأمل بانفراجه من الوباء الذي يجتاح الأرض.
واستوقفتني مشاهد تأدية أول أعمال الحج بالبدء في طواف القدوم دون ملامسة الكعبة أوالحجر الأسود والسير في مسارات افتراضية آمنة لتحقيق التباعد الفيزيائي «الاجتماعي» بالتوازي مع التوحد في التوجه إلى الله والتلبية بكلمات واحدة وغياب مشاهد التزاحم الشديد لملامسة الحجر الأسود وكذلك التعلق بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم .
ويعد الحج أعظم رحلة في الحياة.. إنها رحلة إلى البقاع والأماكن المقدسة.. إنها رحلة التطهر والعودة بنفوس نقية طاهرة ولدت من جديد.. ففيها يعانق العبد السماء شاكراً ربه أن حقق له التيسر بالذهاب إلى بيته المختار ومعايشة خواطر زوار البيت الحرام في أجواء من الإنابة والإثابة واليقين وحب الله.
ويرتوي الحاج خلال أدائه أعمال مناسك الحج هواء التوبة والرضا والفخر بالطاعة والعزة باختيار الله له لأداء هذه الفريضة، فدخول المسجد الحرام ورؤية الكعبة المشرفة لحظات تهتز لها العقول والأفئدة فتفيض الدموع أنهار لجلال ومهابة المكان المختار للعباد من رب العباد.
وهاجت مشاعري فرحاً وألما في ثنائية المشاعر الإنسانية، فقد يسر الله موسم الحج هذا العام بعد أن ترددت أنباء عن إلغاء الحج نتيجة انتشار وباء كورونا وتجددت الفرحة اليوم مع بدء أعمال مناسك الحج، مثلما غمرتني الفرحة في فجر الثامن من شوال 1441 هجرية بعودة فتح المسجد النبوي وبشرى قبول التوبة لمن وفقه الله إليها.
وشهد موسم الحج لهذا العام توجه عدد محدود من المسلمين المتواجدين في المملكة العربية السعودية فقط بما يقارب 10 آلاف مسلم لأداء فريضة الحج في سابقة تحدث نتيجة الإجراءات الاحترازية لمنع انتشار وباء كورونا!!.
ويعتبر عدد الحجاج هذا العام محدوداً جداً مقارنة بنحو 2.5 مليون حاج العام الماضي، وتحددت نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة بـ70 % من إجمالي حجاج هذا العام، ونسبة السعوديين بـ30 %، خضع جميعهم لاختبار فيروس كورونا قبل وضعهم في الحجر الصحي في فنادق المدينة، وأحرم الحجاج من ميقات واحد هو ذو الحليفة «أبيار علي» خارج المدينة المدينة وبدأت الرحلة من المدينة المنورة إلى مكة ولن يسمح لأي حاج لا يحمل تصريحاً رسمياً بدخول المسجد الحرام.. إنه موسم استثنائي في تاريخ الحج والذي يستمر 5 أيام فقط، لكن إقامته خير كبير ونعمة عظيمة.
وتم تزويد الحجاج بمجموعة من الأدوات والمستلزمات بينها إحرام طبي ومعقم وحصى الجمرات وكمامات وسجادة ومظلة.
وسيتعين على الحجاج الحجر الصحي بعد أداء فريضة الحج… إنها مشاهد المناسك في عام الجائحة.
وأردد مع الراحل الشيخ محمد بن جميل زينو مشاعر الحجاج قائلاً:
إليك إلــهـــي قـــد أتـيـت مُـلـَبـيــــــاً فـبــارك إلــهـــي حـجـتـي ودعائيــا
قـصـــدتـــك مـضــطـــراً وجـئـتــك باكيـاً وحـاشـاك ربـي أن تــرد بـكـائـيــــــا
كـفــانـي فـخــراً أنــنـــي لـك عـــابــــد فـيـا فـرحـتي إن صرت عبداً مواليـــا
إلـهــي فـأنـــت الله لا شــيء مـثــلــه فأفـعـــم فــؤادي حـكـمــة ومـعـانيــا
أتـيــت بــلا زاد، وجــودك مـطـعـــمــي وما خـاب مـن يهفو لجودك ساعيــا
إلــيـــك إلهـــي قـــد حـضــرت مـؤمــلاً خــلاص فــؤادي مــن ذنوبي ملبيــا
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية