الجلسة السرية التى عقدها مجلس النواب لمنح القوات المسلحة تفويضا بالدفاع عن الأمن القومي المصري وأي تهديد لها من المحور الإستراتيجي الغربي سوف يذكرها التاريخ لأن القرار صدر أولا بالإجماع والثاني أن القرار راعى واستوعب مفهوم الأمن القومي المصري ومصدر التهديد وحدد العدو بصورة واضحة وهى المليشيات والمرتزقة الموجودين فى غرب ليبيا.
فقضية الأمن القومي من القضايا التي لايجوز فيها التخاذل أو التراجع وفهي قضية جادة ولا تحتاج إلى نقاش طويل خصوصا أن صاحب القرار لديه من المعلومات والوثائق ما يؤكد تعرض البلاد إلى خطر محدق من هذه الناحية.
ورغم أن الحرب هي أبغض الحلال فى القانون الدولي إلا أنها مشروعة في حالة الدفاع عن النفس، ونحن في هذه الأيام ندافع عن أنفسنا ضد الإرهاب ومحاولات العبث بالأمن المصري و أمن منطقة المتوسط وجاء التحرك المصري للتصدي لهذه المحاولات.
وفي السياسة والتفاوض يجب أن تكون مستعدًا لأي احتمال خصوصا أن مواقف أطراف قد تتبدل وفق مصلحة كل طرف ورأينا دولاَ من دول الجوار الليبي كنا على توافق معها في القضية الليبية إلا أنها عادت وأرادت أن تمسك العصاية من الوسط ودولاً فيها انقسام داخلي وأنصار تركيا فيها لهم نفوذ فأثروا على صانع القرار الذي أصبح مشوشا وهذه الدول سوف تدفع ثمنا كبيرا إذا لم تتحرك للدفاع عن أمنها القومي مثلما فعلت مصر.
فالجماعات الإرهابية والمرتزقة لا عهد لهم ولا أمان وكل الدول التي نزلوا فيها انقلبوا على حلفائهم فور التخلص من أعدائهم حتى الذين صمتوا وأرادوا الحياد كانوا ضحية لهم فور تمكنهم من السلطة، والأمثلة مازالت موجودة فى العراق وسوريا وأفغانستان وإيران واليمن فهذه الدول شهود عيان على منهج هؤلاء الإرهابين والمرتزقة.
فالتحرك المصري مشروع وفق القانون الدولي واستوفى كل الشروط القانونية لحالة الدفاع عن النفس ولايستطيع أحد أن يلوم مصر على ما ستقوم به إذ لم يتحرك العالم لوقف مايجري في الغرب الليبي من حشد المرتزقة والإرهابيين ومدهم بالأسلحة والذخائر ويتم هذا تحت سمع وبصر الأمم المتحدة وحلف الناتو الذي على ما يبدو راض على مايحدث هناك .
ورغم هذا فمصر مازالت تقدم الحل السياسي على الحل العسكري ومازالت تأمل أن يقوم المجتمع الدولي بدور أكبر للضغط على الأطراف المختلفة للجلوس على مائدة المفاوضات بدون أي شروط وبعد إعادة كل المرتزقة والإرهابين إلى بلادهم فورا وترك القضية إلى الأطراف الليبيبة لحسمها بالتفاوض الحقيقى بعيدا عن الإملاءات الخارجية .
فسوف تظل ليبيا هي العمق الإستراتيجي المصري وستظل الجارة لأن الأرض لا تنقل ولا الشعوب سوف تنتهي طالما بقيت الحياة ويجب أن يعلم من فى الغرب أن الدولة العثمانية حكمت ليبيا ومصر ورحلت ولم ترحل مصر عن ليبيا ولا ليبيا عن مصر .
وعليهم أن يضعوا فى أذهانهم الأجيال القادمة وعليهم أن يضعوا مصلحة الشعب وليس مصلحة فصيل محدد أو أطماع فصيل يريد أن يشيع فى المنطقة الإرهاب ويخدم العدو الاساسى للأمة العربية الذى يعيش حاليا أزهى عصور استقراره بعد أن قدم له الإخوان وقائدهم أردوغان فرصة العمر بتزكية الصراعات فى المنطقة العربية من العراق الى سوريا الى لبيبا مرورا بالصومال واليمن.
فلو كان هؤلاء صادقين فى شعاراتهم كان أولى بهم التوجه إلى القدس وليس طرابلس أو دمشق أو عدن، فالطريق واضح نحو العدو الحقيقى الذى يهدد الأمة الإسلامية والعربية كلها.. لكنهم عملاء للعدو بامتياز.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية