بتسليم ورضا بقضاء الله وقدره، وبألم يعتصر القلب من دهشة الإخِبار عن رحيل الإنسان محمد على إبراهيم.. رفعتُ أكفَ الضراعة داعياً الرحمن الرحيم بالرحمة والغفران ودوماً سأدعو رب المغفرة.. ورغم رحيل الجسد ستبقى ذكراك عطراً يفوحُ في حياتنا.. وسيبقى صوتك نبراساً يضيء الطريق ولقاؤه بهجةً تمنحني الرضا.. وتواضعه مع احترافيته يعطيني درساً عملياً في شيم الكبار.
رحل الإنسان الذي كان عطاؤه صك الأمان لمختلف خطوب الزمان، وما أعظمها من صفة كانت جزءاً منه تجدها ماثلة بين يديك حين الحاجة إليها ودون أن تطلب منه ذلك، فبمجرد أن يراك في حالة غير المعتادة يمازحك وصولاً لمعرفة ما يضايقك وساعياً بكل قوة لإزاحة ما يصيبك من ألم أو كرب وما أعظمها من صفة وخلق.
رحل الإنسان محمد على إبراهيم جبل الود.. فشعرتُ كأن الموت زائرٌ يطرق الباب للمرة الأولى .. رحل الإنسان محمد علي إبراهيم الموج الهادر من الشرف والنقاء .. رحل من منح الجميع الثقة وشحذ الهمم وفتح الأبواب لكل طاقة تريد أن تعمل .. رحل الإنسان الذي كان صبوراً مرحاً برغم كل الضغوط .. رحل من كان يحنو علينا منذ أن وطئت أقدامنا جريدة الجمهورية دون سابق معرفة .. رحل من كان يأتي كل يوم إلى قسم سكرتارية تحرير الجمهورية بالطابق الثاني بالمبنى العتيق لصحيفة الجمهورية وذلك منتصف التسعينات ليشد من أزرنا ويعاملنا في درجة واحدة معه وهو رئيس تحرير لصحيفة الايجبشان جازيت ونائب رئيس تحرير صحيفة المساء وصاحب قلم من نوع خاص وكان مقاله الأسبوعي كل سبت في صحيفة المساء إطلالة على العالم عبر محلل سياسي ومطلع واسع المعرفة.
رحل الصحفي العملاق الذي كان وطنياً لا يخشى أحداً ومن أوائل من انتقدوا قطر والجزيرة وسماها الحظيرة والخنزيرة، رحل من قدم تجربة صحفية متفردة في تاريخ صحيفة الجمهورية خلال الفترة من 2004 حتى 2011.
ولد محمد على إبراهيم في محافظة كفر الشيخ عام 1950، وتخرج في كلية الآداب عام 1972، التحق بالقسم الخارجي في جريدة الجمهورية عام 1976، بعد فترة قصيرة قضاها في وكالة أنباء الشرق الأوسط، وفى عام 1981، أصبح رئيسًا لتحرير جريدة الإجيبشيان جازيت، ثم رئيسا للتحرير بجريدة الجمهورية عام 2005 وحتى عام 2011 ثم كاتب مقال بالعديد من الصحف.
ويبقى الألم يعانق الذكريات بعد رحيلك أيها الإنسان، فمن يواسينا ويدعمنا وينسينا الآلام، ومن يمنحنا القوة والصمود لنكمل المسيرة ونجتاز التحديات التي تواجهنا، وستبقى ذكرياتك ماثلة أمامنا نقتبس منها ضوءاً للقادم وحائطُ صدٍ للمفاجآت.
وتعلمتُ من فراق الإنسان محمد علي إبراهيم اليقظة من مشاغل الحياة والتواصل مع الأحبة وأن لحظات الحياة قليلة وعلينا اغتنامها بصحبة أهل الود والمحبة حتى لا تفاجئنا الأيام برحيل باقي أجزءانا فكلنا راحلون وكفى بكاءاً بعد فوات الأوان، وسأبقى مع ذكراك استدعى عطاء الإنسان محمد علي إبراهيم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية