- أهم الأخبارنون والقلم

بسام عبد السميع يكتب: سيناريوهات التفاوض وكارثية السد

بين مفرداتٍ متصارعةٍ .. أشعلتُ وقودَ التثبتِ من الاتهاماتِ الواقعة .. وأطلقتُ رياحَ العقلِ وأسقطتُ أشجارَ العاطفة .. فأمسكتُ بالمؤامرة العاصفة وأيقنتُ أن موجاتِ الموتِ خلفَ السدِ عازفةٌ .. وتساءلتُ عما في أوراق الصهيونية في المرحلة المتبقية من مفاوضات سد الكوارث والتي سيتحدد من خلالها مستقبل الصراع الوجودي لمصر وآلية التحولات الإقليمية في الشرق الأوسط الكبير.

أخبار ذات صلة

وجلستُ إلى نفسي طارحاً الأفكار المسبقة، فخلعتُ كل العباءات لأصل إلى الحقيقة المطلقة في قصة السد بين طرف يصر على  موت الآخرين، وآخر يمد يد العون ويرفض عملية الاغتيال المباغتة، فإثيوبيا تؤكد منذ عقود حاجتها للطاقة لمقاومة الفقر وتحقيق التنمية، ومصر والسودان يدعمان هذا التوجه فلماذا هذا الشقاق والافتراق؟!.

ودفعني الجموح الأثيوبي ومسرحية ترامب والبنك الدولي ولعبة الوسطاء وحفلة مجلس الأمن وظهور الذراع الإفريقي للمشروع الصهيوني العالمي إلى اليقين بأن الممارسات الحالية تستهدف 3 خيارات فإما الوصول إلى اتفاق عبر المفاوضات يشترط توصيل المياه إلى الكيان الصهيوني أو القبول بالموت التدريجي عبر حجز مياه النيل وأما الخيار الثالث فهو خيار الضرورة لحسم الأزمة وكل هذه السيناريوهات مرهونة بالموقف المصري، ولكل خيار تداعيات وأوراق جاهزة سيتم الإعلان عنها حال تحقق أياً من الخيارات الثلاثة.

وقادتني الرغبة بالوصول للحقيقة إلى مراجعة أوراق القضية.. فوجدت رأس الأفعي بكل موقع للجريمة تفوحُ منها رائحة السم الصهيوني لأي مكان ينبع ويسير منه النيل، وصولاً إلى دلالات الضمانة الأميركية للتحرك الصهيوني عبر المعبر الإثيوبي.

وبعد تأمل وبحث واطلاع ومناقشات لكل المواقف والحجج والأدلة المعلنة وغير المعلنة، رأيت شمس الحقائق ساطعة عبر خطط تم وضعها لأكثر من 117 عاماً، فالأطماع في مياه النيل تعود إلى ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني، وتحديداً إلى العام 1903 عندما اقترح تيودور هرتزل الأب الروحي للصهيونية، مشروعاً لبناء مستوطنات في شبه جزيرة سيناء حيث سعت المنظمة الصهيونية التي يمثلها هرتزل إلى توطين اليهود في العريش، وفقاً لوثائق متوفرة في عدد من المنشورات والتقارير أبرزها كتاب كامل زهيري نقيب الصحفيين الأسبق ورئيس اتحاد الصحفيين العرب، «النيل في خطر: مشروعات تحويل مياه النيل، من هرتزل إلى بيجن (1903-1980)».

وفي عام 1974 ظهر مشروع «اليشع كالي» لنقل جزءٍ من مياه النيل يقدر بـ1% سنوياً لتزويد المستوطنات الصهيونية في النقب وقطاع غزة والضفة الغربية، بواسطة أنابيب تمر تحت قناة السويس بجانب منطقة الإسماعيلية المصرية، يصل طولها إلى 200 كيلو متر.

وفي عام 1977 طرح الخبير الإسرائيلي زوروف، مشروعٍ شق 6 قنوات تحت قناة السويس تعمل على دفع المياه العذبة إلى نقطة سحبٍ رئيسية، ليتم بعد ذلك ضخ المياه إلى ارتفاع يبلغ عشرات الأمتار لتدفع بقوة الثقل نحو ساحل سيناء وعبر أقنية فرعية إلى صحراء النقب.  فلسطين

واصطدمت في العام 1992 بما ورد في مفاوضات المحتلين مع فلسطين، حيث قال سالازفسكي أحد المشاركين في عملية التفاوض :«إذا كان أحدكم يقصد السلام فينبغي ألا يجادل بشأن المياه».

وفي يوليو من العام الماضي، أعلن موقع ديبكا الصهيوني عن انتهاء الكيان الصهيوني من إكمال نشر منظومة الصواريخ الإسرائيلية« Spyder-MR» حول «سد النهضة».

وفي ديسمبر من العام الماضي، استمتعت إلى آينات شيلين نائية المدير العام للشؤون الإفريقية في الخارجية الصهيونية تقول :« تل أبيب على استعداد لتقاسم تجربتها الواسعة في إدارة المياه مع أديس أبابا»

وعبر المرور على دفاتر العلاقة بين الصهيونية ومنابع النيل في إثيوبيا، تعثر على كثير من الأدلة ومنها، إعلان هيلاوي يوسف سفير الصهيونية في إثيوبيا عن استحواذ شركة إسرائيلية على عقود إدارة محطات الكهرباء في إثيوبيا بما فيها محطة «سد النهضة».

كما أفادت تقارير بأن آليات التفاوض الإثيوبي وضعها فريق تفاوضي في الخارجية الإسرائيلية ومنهم وزير الخارجية الأسبق شاؤول موفاز، وديفيد كمحي وكيل سابق في المخابرات الإسرائيلية «الموساد».

كما قامت الحكومة الإسرائيلية بافتتاح «اكتتاب شعبي»، في البنك المركزي الإسرائيلي لجمع التبرعات الموجهة إلى السندات والأذون لخدمة مشروع «سد النهضة»، وصولاً إلى قيام الحكومة الأثيوبية باستقدام العديد من الخبراء والفنيين الإسرائيليين للعمل في مراحل التجريب والتنفيذ طوال المرحلة الثانية.

كما أعلن حيدر يوسف وكيل وزارة الري السودانية الأسبق، أن وزارة المياه الإثيوبية تخصص طابقاً كاملاً لخبراء المياه الإسرائيليين.

وبعد استنفاذ مصر كافة الطرق والمحاولات للوصول إلى حقيقة تشغيل السد وآلية بنائه ونظم الأمان والأضرار المترتبة على التشغيل، أجدني واقعاً بين مفردات إعلان حرب وأورق ضغط، فمن مراوغة تدل على مؤامرة إلى صبر يراه البعض ضعفاً، فعدت إلى ثوابتي مستمسكاً بقناعاتي ومؤمناً بما جال في ذكرياتي وخواطري، بأن تل أبيب باتت تتحكم في لعبة التفاوض لتكون من دول «المصب»، وستشترط  الصهيونية وصول المياه إليها مقابل السماح بوصول النيل إلى مصر، وذلك من خلال شراكتها مع أثيوبيا مع البنك الإثيوبي لتصدير مياه النيل الأزرق والمتوقع تدشينه عقب الوصول للتفاوض وستتوالى المفاجآت يوماً بعد آخر في سد الكوارث والنكبات.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Back to top button