تقول أروى الحضيف في مجلة «القافلة» التحول في مكانة «الفنيين» هو الشغف المستمر للعديد من أفراد الطبقة المتوسطة في انتهاج سلوك الطبقة الغنية، لذا يسعى كثير من أفرادها لاقتناء «الفن» حتى لو كانت نسخاً رديئة، كجزء من هذا السعي، حيث إن التعاطي مع الفن هو رفاهية تخلق الفرق بين الكادح والمتنعم. في المقابل تمارس الطبقة الغنية سلوكاً مماثلاً، وقد يكون معاكساً، في سعيها هي الأخرى للإبقاء على هذا الفرق الذي يفصلها عن بقية المجتمع، بالتوجه لاقتناء ودعم الكتش كنوع من التمايز.”
هل لهذه الدرجة غابت القناعة من هذا العصر الغريب الذي صرنا نعيش فيه بغرابة وكل شخص يجد مبرر لتصرفاته السخيفة و البشعة أمام انحطاط بعض العاملين في الوسط الفني كل فنانة تقول أن ظروفها هي من جعلتها تسلك طريق التعري و الفن المنحط حيث طغت على التلفزة و الانترنت ظاهرة سلعنة المرأة و تجريدها من كل قيمة للأسف العديد من النساء لم يفهمن حقوقهن حيث رجعت المرأة إلى عصر الجاهلية أين الانحطاط والجواري والاستعباد.
أكثر شيء يثير الغرابة هو ما تسوق له المرأة عبر الدراما مرأة لا تمثل المجتمع و لا الأخلاق و لا العادات و التقاليد لكنها تسيطر على عقول بناتنا يوميا عبر التلفزة و الانترنت و المثير للاهتمام عندما يسأل إعلامي فنانة إغراء إذا ما كانت ستسمح لابنتها بأن تصبح مثلها فإنها ستتغير نبرة صوتها و ترفض رفضا قاطع لأنها تعلم أن ما تفعله سيء لكنها تبرر دائما بالظروف الاجتماعية و بكونها لم تجد مال لتنفق على ابنتها و أنها ندمت على اختيارها تجسيد الإغراء و أنه لا يوجد لها طريق آخر لتكسب المال أو بالأحرى المال الحرام و صفقة بيع الكرامة و العفة و الأخلاق من أجل السراب.
يحاجج الدكتور فهد الطياش، انه لو تأملنا قليلا فقط في المشهد الاعلامي لوجدنا ان الانفاق على الفن الرخيص ايسر واكثر جذبا للمعلن والممول بسبب إقبال الجمهور عليه. ولو كانت الجماهير ترفض هذا النوع من الفن الرخيص فلن يستطيع ان يهجم او حتى يزحف على الساحة. ولكن القاعدة تقول «ان لكل ساقط لاقط».
هل الحياة مهما كانت قسوتها تحولهم إلى مجرمين؟ بل وتدفع الناس للمساهمة في اجرامهم؟ الفن المنحط أليس جريمة في حق الأجيال الصاعدة وفي حق أبناءنا الذين يشاهدون التلفاز ويجدون في هذه المرأة وغيرها قدوة ويتعلمون منها بدون تفكير في العواقب.
الفن المنحط أسوء وأقذر جريمة لأنه جريمة تؤدي إلى فساد العقول والمجتمع ككل والقضاء على الأجيال و نشر الفساد و تدمير الأجيال.
ان استعطاف بعض فنانات الإغراء و تبريرهم الدائم بكون لديهم أبناء و متطلبات وما الى ذلك من اقاصيص لا يقيم نصابا انسانيا للأشياء السلوكية، اذ هل عندما نوفر للأبناء كل متطلبات الحياة فهل سنقدر في المقابل أن نعطيهم سمعة طيبة و تاريخ مشرف و تربيهم على الفضيلة و ننهيهم من الخطأ، و كيف سيكون موقف أبنائنا عندما يكبرون و يشاهدون هاته المهازل و الفضائح هل سيكون الصدمة أم اختيار السير على نفس الوتيرة .
المال لن يعوض يوما المبادئ والقيم فالقناعة أجمل بكثير من الركض وراء السراب لأن المال لا يرفع الرأس ما يرفع الرأس هما المبادئ و يكفي انحطاط و تبرير لهذا الانحطاط الحياة لم تفرض هذا و لا كانت قسوة الحياة يوما حجة لارتكاب جريمة في حق الأجيال و العبث بهم و تلويث أفكارهم، غياب القناعة هو السبب و ليست الظروف الاجتماعية فكم من فقير تعفف إلى أن اغناه الله بالحلال بقيمة او مال؟
ظاهرة التجارة بالمرأة عبر وهم الشهرة ظاهرة منتشرة في كل العالم و من القديم أما اليوم ازدادت فالكثيرين مثلا يرون أن مارلين مونرو أسطورة و أنها أيقونة الجمال و الأناقة لكنها لم تكن سوى صفقة لدى الأمريكان و عندما استغلوها قتلوها في النهاية لأنها لا شيء في حياتهم سوى صناعة سيطروا بها على العقول لتوجيهها لفكر معين يخدم الأهداف السياسية حيث قالت وقتها مارلين بكونها تشعر طوال الوقت انها مزيفة و أنها قدمت تنازلات من أجل الأوهام لأنها لا تعتبر نفسها نجمة بل جارية.
تقول مونرو «أمتلك إحساسًا بأني لست موجودة في الواقع، فأنا مزيفة ومشكلة بمهارة، وأظن بأن كل شخص يحس بهذا الشعور في وقت ما، ولكني أنا أعيش ذلك الشعور في كل الأوقات، فأنا أعتقد أنني لست سوى منتج سينمائي متقن الصنع».
فالفن المنحط لا يختلف عن الدعارة مشاهد مخلة بالأخلاق مع هذا و هذا فقط من أجل ماذا؟ هل من أجل المال أم الشهرة أم ماذا ؟ .
المرأة لم تكن يوما بضاعة لكنها أصبحت متداولة للعرض و البيع و هي من اختارت هذا بحجة الظروف لكن هذه مسألة تحتاج إلى تدقيق.
إعلامية وكاتبة تونسية
للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية