في العلاقات الدولية لا دائم إلا المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.. وإذ تتغير المصالح تتبدل معها العلاقات بين الأطراف الدولية وتتأرجح من مواقع الصداقة والتحالف إلى التوتر والعداء، وهذا ما يمثل تلخيص المشهد المتشابك الذي يحكم العلاقات الدولية على الأرض العربية في كل البؤر المشتعلة جراء شرر الصراع الدولي الذي لا تحكمه أية معايير أو اعتبارات أخلاقية لا محل لها أمام المصالح، وتتخذ من القوة والنفوذ سبيلاً لتحقيق غايتها.
وإذا كانت مصر قد عانت السنوات العشر الأخيرة كل أشكال المؤامرات، وباتت في مواجهة دائمة على المستويين الداخلي والخارجي لحروب الجيل الرابع التي تعتمد على إفشال الدول وإسقاطها من الداخل اعتماداً على خلق الشائعات والقلاقل والأزمات ودعم الإرهاب في صوره المتعددة أمنياً واقتصادياً وإعلامياً وسياسياً في الداخل المصري، وبدعم دول وقوى وجماعات دولية وضعت استراتيجيات حروب الجيل الرابع وسيناريوهات تنفذ بها في الدول العربية ومصر من خلال ما سمى بالربيع العربي.
ومع أن مصر تمتلك كل الدلائل والمعلومات على هذه الحرب القذرة ودوافعها، وتعي تماماً خيوط اللعبة وأطرافها الإقليمية والدولية، وأدواتها المحلية.. إلا أنها كانت صبورة جداً في المواجهة الخارجية، وكانت دائماً تقف موقف المدافع عن سيادتها وحماية شعبها ومقدراته.
من هنا كانت زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لمنطقة سيدى براني وتفقده القوات المسلحة المصرية بالمنطقة الغربية ووقوفه على مدى جاهزيتها في مواجهة المخاطر التي تهدد الأمن القومي المصري. معبرة وبصدق عن كل ما يجيش بصدور وعقول المصريين، والأهم أنها ردت على تساؤلات كثيرة دارت بين المصريين خلال السنوات الأخيرة وقلقهم من حجم المؤامرات التي تحاك حول هذا الوطن العظيم، وكذلك ردت على عمليات التسليح والتحديث للجيش المصري براً وبحراً وجواً وغيرها من التساؤلات والشائعات..
لذلك جاء هذا المشهد ومعه كلمات الرئيس السيسي الحاسمة والقوية لتهز مشاعر كل المصريين في الداخل والخارج.. بل خلقت حالة من النشوة والفخر وجعلت الروح المعنوية للمصريين في عنان السماء، واعتزازهم بالانتماء لهذا الوطن الذي يمتلك هذا الجيش العظيم القادر على حماية هذا الوطن وأمنه القومي أينما كان.. وزعيم وطني بحجم مصر يعي أن الدولة القوية لا يجرؤ أحد على المساس والاقتراب منها.
والحقيقة أننا كنا بحاجة إلى هذا الخطاب السياسي المهم وهذا المشهد المعبر عن قدرة مصر، الذى أعاد إلى الذاكرة مشهد 3 يوليو الذى كان سبباً في إعادة مصر إلى شعبها، واستقبله جموع المصريين بدموع الفرح والفخر، وأفسد كل المخططات والسيناريوهات التي وضعت لاختطاف مصر وتحويلها إلى أشلاء على غرار ما يحدث الآن في عدة دول عربية.
يخطئ من يعتقد أن خطاب الرئيس في القاعدة العسكرية الغربية كان موجهاً فقط إلى تركيا والميليشيات الإرهابية، أو أن تسليح وتحديث الجيش المصري كان فقط من أجل هذه اللحظة. وإنما الرسالة كانت أبعد من ذلك، وكانت واضحة لقوى إقليمية ودولية تعبث في إثيوبيا وتدفعها إلى التلاعب والمماطلة في قضية لا تحتمل العبث، وأيضاً رسالة لوضع حد لأوهام تركيا في ماضٍ ولى وانتهى وتبحث عن ضالتها وحل لأزمتها الاقتصادية في ابتزاز ثروات الدول العربية بالاتفاق مع قوى كبرى.
لذلك كان خطاب الرئيس السيسي في المنطقة العسكرية الغربية فارقاً على الوضع الإقليمي والدولي الذي سارع وتحرك نحو المسار السياسي، ووجدنا معظم دول العالم تعلن تأييدها للموقف المصري، وتطالب أطراف النزاع في ليبيا بوقف القتال والعودة إلى المفاوضات.. ومؤكداً أيضاً أن أزمة سد النهضة سوف تشهد تغييراً في الموقف الإثيوبي خلال الفترة المقبلة لأننا جميعاً نعى أن القوة تفرض السلام.
تبقى كلمة إلى كل الخونة والعملاء ومرتزقة العمل السياسي والإعلامي الذين أفقدهم خطاب السيسي ومشهد المنطقة العسكرية الغربية توازنهم وخرجوا على الفضائيات من تركيا والدوحة في حالة هستيريا وهذيان ينفثون سمومهم ويعلنون كراهيتهم بوضوح لمصر ومؤسساتها وجيشها. وربما لا يعي كثيرون السر وراء هذه الحالة الفجة من الكراهية والتخبط.. وهي أن مشهد المنطقة الغربية وقوة خطاب الرئيس كان بمنزلة أبلغ رد على كل الشائعات التي ساقوها طوال السنوات الماضية ضد المؤسسة العسكرية بسبب تدخلها وإنقاذ المجتمع من كل الأزمات، واستطاعت بما تملكه من إمكانيات ودقة وكفاءة في العمل أن تواجه الأزمات الغذائية وإقامة مشروعات البنية التحتية والطرق والكباري والمدن الجديدة وغيرها من المشروعات.. وتكررت نفس الشائعات مع كل صفقة سلاح كانت تبرمها المؤسسة العسكرية.. إلى أن جاءت هذه اللحظة التي أيقن فيها كل المصريين أن مصر لديها القدرة والقوة والجاهزية للتعامل مع الأزمات وما ينتج عنها من مخاطر.. وهى نفس اللحظة التي انهارت فيها كل أحلام وأوهام الخونة والعملاء التي بنوها على سراب السلطان العثماني.
حمى الله مصر من كل سوء.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية