- أهم الأخبارنون والقلم

بسام عبدالسميع يكتب: فوضى السدود.. واقع مرفوض

بعد فتحِ الأبواب.. دخلتُ سِردابَ الارتياب.. فوجدتُ الأمرَ جللٌ مُهاب.. فأمنُ مصر لم يعد حديثاً للخطاب.. والنيلُ لا مجالَ فيه للتلاعبِ أو الاقتراب.. فإما حياةٌ وإما خَراب.

أخبار ذات صلة

والتقطت نفسي ذبذبات أثير الوطن، قائلة:« يكمنُ أمنُ وجودِ النيل من هطول أمطار السحاب في مرتفعات إثيوبيا، وانحدارها إلى بحيرة تانا، لتبدأ مسيرة النيل الأزرق ملتقياً النيل الأبيض عبر مدينة الخرطوم، وصولاً إلى فرعي دمياط ورشيد بمصر»، مشيرة إلى أن الحفاظ على منابع النهر في أفريقيا وضمان استمرار تدفق مياهه مروراً بأمن واستقرار السودان، أصبح المهمة الأولى لمصر وشعبها، فبدون النيل لن تكون على أرضِ مصر أيةُ حياة.

وخلال السير داخل السرداب، عثرتُ على نقوشٍ، تُظهر أن السد يدشنُ مرحلة فوضى السدود في أفريقيا، والذي أصبح واقعاً مشهوداً ومرفوضاً.

وستؤدى هذه الفوضى لإطلاق شرارة حرب المياه في أفريقيا-النبوءة المعلنة قبل عدة قرون بأن«قطرة المياه ستكون أغلي من النفط»-، حيث تعمل أثيوبيا حالياً على إنشاء سدود أخرى، مماثلة تستهدف طاقة تخزينية تقارب 200 مليار متر مكعب من المياه، بالتزامن مع تدشين سدود مائية أخرى في كل دول حوض النيل!!.

وعلى جدران السرداب، لامستُ تفاصيلَ الخطةِ الأميركية الصهيونية، بخلق واقعٍ جديد هدفه القضاء على مصر، وفصوله بيع السلاح لدول أفريقيا لتحقيق الاقتتال ونقل مسرح العمليات في التخريب والتدمير إلى هذه القارة اعتباراً من العام الجاري، والإعلان عن بورصات بيع المياه العذبة، مشروع القرن الحادي والعشرين.

وفجأة تساقط الجدار.. وظهر القائد المغوار – في حالة استعراض حرب – بين جنود جيشه الأبرار، مرتدياً بدلته العسكرية التي يفتخر بها قائلاً: « أنا لا أعرفُ الهزار، وما لم تنتهي قصة السد عاجلاً، فسنكون تجاوزنا نقطة اللا عودة، وكما كان النيل سر الحياة، فسيصبحُ انقطاع النيل سبب الموت، فقد أقام المتآمرون السد واهمين بأن الوطنَ أصابَهُ الجمودُ، وغابَ عنه الصمودُ، وهذا كذبٌ مَردُودُ.. فحمايةُ النيلِ شرعٌ مَحمُودٌ، وسدٌ النكبةِ مرفوض».

وأدلى الشعبُ برأيه في مؤامرة حجز مياه النيل، بنشره مقولة منسوبة لأحد ملوك الفراعنة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية، تنص على أنه: « إذا انخفض منسوب النهر، فليهرع كلُ جنود الملك ولا يعودوا إلا بعد تحرير النيل، وعلى الفرعون أن يستعد لتأمين النهر وتأديب الهكسوس .. والفرعون متأهب بجنوده دوماً.. لا تخشوا على مصـر.. فهي بلاد أوائل الموحدين».

وطالعت السد المقصود، فوجدته يتكون من سدين أولهما رئيسي يقع في مجرى النيل الأزرق، وهو سد خرساني بارتفاع 145 متر، وباتساع 1800 متر وأمامه بحيرة صناعية على مساحة 1900 كيلو متر مربع، والثاني يسبق الأول بعدة كيلو مترات بين جبلين لمنع تدفق مياه البحيرة إلى النيل الأرق وبطول 4.8 كيلو متر.

وقادتني خطاي إلى عرض واقعي لعام مفصلي في التاريخ البشري على مسرح الزمان.. فشاهدتُ العام 2020، يكتب اقتراب الحلمَ الصهيوني والسقوطَ الأمريكي.. والصراعَ الصيني الهندي، واستمرارَ التواجد الروسي.. والغيابَ الأوروبي والضعفَ البريطاني.. والفلكلور الإيراني الكوري الشمالي.. ونهاية الأردوغاني مع الثبات المصري للسد التآمري والاقتتال الليبي.

وترك 2020 حالة التدوين، وافتخر بأنه أحدث التحولات والتغيرات في الآفاق، وأخضع العالمَ لصناعةِ الإخفاق.. وتساءل بثقةٍ عالية كأنه الجواب: من يحقق الاستباق ويكشف الأوراق، فقد مضى زمن التنبؤات والتكهنات، وأسقطتُ كورونا كل التأويلات وكشفتُ زيفَ التحليلات!.

وأمسك العام 2020، بخطط الصهاينة للسد الأثيوبي، وصولاً إلى حتمية ضم «الصهيونية»، ضمن دول حوض النيل لتصبح دولة المصب عبر وثيقة المشاركة الدولية في المياه التي سيتم إعلانها ضمن أحد سيناريوهات اللعبة.

وأخرجَ العام 2020 من حقيبة الزمان الأدلة على تقارب أثيوبيا وتركيا في مشروعات السدود من خلال الرسومات الهندسية المتشابه وطريقة البناء، وأن الهدف المعلن هو الحاجة للكهرباء- وهو ما كانت تحققه وفرة الشمس والرياح على مدار العام بتكاليف أقل وطاقة أكثر-، مشيراً إلى أن الهدف المقصود تقزيم مصر وإدخالها مرحلة الطاعة العمياء.

واستدعى«2020»، رفقاه من السنوات المنقضية، فأعلنوا أن تركيا، أقامت سدين لحجز مياه دجلة والفرات، هما «أتاتورك واليسو»، وأصابت العراق وسوريا بالتصحر والعطش، وسيتم تمديد المياه للصهاينة عبر سوريا، لافتاً إلى أن الأردوغاني يكمل دوره في الكابوس الصهيوني «من النيل إلى الفرات»، بالتخريب في ليبيا ضمن مشروع الحرب بالوكالة عن المخططين الكبار.

وسرد العام 2020، مسار الأردوغاني، حيث أقام في العام 2016 سد إليسو على نهر دجلة بالقرب من قرية إليسو التركية بارتفاع 135 متراً وعرض 1820 متر، وبسعة تخزينية بلغت 10.4 مليار م3، ويقلل السد واردات نهر دجلة إلى العراق بنسبة 60%، لتنخفض كميات المياه من 20 مليار متر مكعب إلى 9 مليار م3.

وأشار «2020»، إلى المشروع التركي الصهيوني في خطة القضاء على نهري دجلة والفرات في العام 1983 بالشروع في سد أتاتورك، وافتتاحه عام 1992، ليصبح الخامس على مستوى العالم ومن أكبر السدود الركامية في العالم وتم بناؤه بالصخور والخرسانة والردم، ويبلغ ارتفاع السد 184 متراً وطوله 1820م، ويقع على نهر الفرات، وقدرته التخزينية، ويحتوي على 47 مليار م3 من المياه.

وخرجت من السرداب، فاستمعت إلى شهادة أحد أبناء مصر الأوفياء، حينما أبدى قلقه على مصر عام 1981 فأجابه الشيخ الشعراوي قائلاً: «مصر ذكرت في القرآن الكريم صراحة خمس مرات.. واسم يتلى ويتعبد به ويتقرب به إلى الله – أبعد هذا يصيبنا القلق».

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

  tF   اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Back to top button