بعد شهور من المعاناة في ظل وباء جائح حير العلماء اعتلى الإبداع منصة الأمل معلنا أن الحياة ستنتصر بتلك الألوان المبهرة من الفنون والثقافة التي تجتمع تحت مظلة القوى الناعمة بكل ماتحمله وما تعنيه من فكر تسانده روح الابتكار..
ولا يمكن إنكار أنه وعلي مدي سنوات طويلة نجحت القوي الناعمة في مواجهة كافة أشكال الإرهاب الذي أطلقته جماعات خبيثة تحت شعارات ماكرة مستهدفة استقرار البشرية على امتداد ارجاء الكرة الأرضية .
ومع بداية العام الحالي واجهت البشرية شرقا وغربا إرهابا من نوع جديد شكل تحديا رهيبا تطلب من المثقفين والفنانين في الدول العربية وفي كل دول العالم أن يعملوا على تكاتف الجهود للتغلب علي أزمة كورونا التي ألزمت الجميع بالبقاء في منازلهم حفاظا علي أنفسهم وأوطانهم.
وبالفعل استطاعت هذه الأزمة أن تستفز المثقفين والفنانين الذين تحولوا إلى محاربين يستخدمون كل الوسائل من أجل الحفاظ علي فنهم وثقافتهم، ومن هنا أصبح الإبتكار هو سيد الموقف، وهو البطل الرئيسي للتغلب علي أزمة كورونا وهو ما كان تحديا كبيرا لقدراتهم التي لم تقف مكتوفة الأيدي، أمام إرهاب كورونا.
وبالطبع بدأ الأمر بأفكار بسيطة تناثرت هنا وهناك علي امتداد الوطن العربي، انطلقت على إستحياء خوفا من الفشل، لكن الأمر تحول إلى ساحة نضال لنشر الثقافة والجمل والفن من أجل القضاء أولا علي الأزمات النفسية الناجمة عن البقاء في المنزل لساعات طويلة و أيضا لإمتاع جمهور عريض أدمن الارتباط مع مناهل ثقافتنا العربية.
لقد بدا الأمر في البداية مستحيلا.. ثم تحول إلى ممكن وفي الأخير أنتج إبداعا بلا حدود، حيث نجد خيوط الإبداع مثلا في مجال المسرح قد جاءت على شكل مبادرات لا حصر لها في كل الدول العربية وأنها تكللت بالنجاح الذي اكتسب صفة التفوق وهو ما سوف نفرد له مقالا خاصا نقوم خلاله باستعراض تجربة كل دولة علي حدة.
ومن اللافت للنظر أن الأمر الذي بدا بسيطا في البداية بدعوة إلى إعادة عرض مسرحيات حققت نجاحا باهرا في السابق أو حصدت جوائز في مهرجانات عربية قد تطور إلى نقاشات تعقب العرض وندوات بتقنية زوم، حتي وصل الأمر إلى إقامة مهرجانات كاملة بعروض من عدة دول وبلجنة تحكيم أيضا من دول مخلتفة وبجمهور من المشاهدين من كل حدب وصوب علاوة على جوائز تمنح للفائزين في المهرجان وكل ذلك يتم عبر الفضاء الإلكتروني بسلاسة ويسر وإبداع وحرفية بالغة بل أيضا بأقل التكاليف الممكنة وهي أهم عائق كان يواجه أي مهرجان.
هكذا نجد أنه بسبب كورونا أصبح بالإمكان إقامة مهرجان كامل بلا تكلفة تذكر وهذا كله بفضل جهود المحبين العاشقين للمسرح ذلك السيد النبيل، الذين استخدموا المتاح منه لإنتاج بلا حدود.
ربما يرى كثير منا أن الكورونا قد انتصر علي الأرض.. لكنه انهزم أمام الإبداع الذي تفوق في الواقع الإفتراضي.
ونمضي مع القوى العربية الناعمة حيث مجال الفنون إذ أقيمت معارض الفن التشكيلي علي إمتداد الوطن العربي أون لاين وذهبت إلى المشاهد أينما كان بل وتطور الأمر إلى تبني بعض الفنانين مثل د.عبد الناصر السعدني لمبادرة تعليم الرسم عبر قناه إلكترونية وتبني المواهب الشابة وتدريس مناهج كليات الفنون لطلبة الكليه بمساعدة مجموعة من الأكاديميين ما سهل على الطلاب متابعة دراستهم.
أما في مجال الثقافة فقد تنافست المجلات والجرائد الإلكترونية في تقديم الثقافة لجمهور المتابعين وتبارت المؤسسات الثقافية العربية في تقديم المؤتمرات والندوات وورش العمل عبر الوسائط الرقمية للجمهور أينما كان وهو في مكانه بلا مجهود و لا مخاطرة ولا تكلفة.
لم يأت كل هذا من فراغ .. بل أتي بجهود عشاق الثقافة والفنون الذين فكروا.. ابتكروا.. جاهدوا.. حولوا المستحيل إلى متاح.. والحلم إلى حقيقة.. هل هناك حدود للإبتكار.. هل هناك حدود للعقل البشري المبدع.. الذي يحارب إرهاب كورونا بالجمال والثقافه والفن؟
هل سيكون هناك المزيد من الأحلام .. تتحقق علي أرض الواقع ؟!!.
لن أجيب الآن فهذا موضوع مقالة مقبلة أقدم فيها عرضا لتجارب و مبادرات عربية.. حولت الحلم إلى حقيقة.. وجذبت جمهور المتابعين بأفكار براقة.. لم تكن تخطر علي البال.. وحصدت نجاحا جماهيريا عربيا منقطع النظير.
مدير إدارة الشباب – شبكة إذاعة صوت العرب
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية