الوضع الغامض في ليبيا والأحداث السريعة في الأيام الأخيرة أصبحت مثارا لحديث المصريين والكل يبحث عن تفسيرات لما حدث هل هو إنهيار حقيقي للجيش الليبي بقيادة حفتر بسبب تراجع الروس عن دعمه، أم أن هناك ضغوط أمريكية شديدة تم ممارستها علي خليفة حفتر أجبرته علي الانسحاب والتراجع حتى خرج أخر جندي له من حدود طرابلس ومدنها وكذلك الانسحاب من قاعدة الوطية العسكرية الهامة القريبة من طرابلس.
أما أسوأ ما في هذه الأحداث الاحتفالات الصاخبة التي قامت بها الفضائيات الموالية لهم أن هذا الإنتصار هو إنتصار للأتراك في ليبيا و أنهم قادمون إلي بني غازي للأنتهاء من الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر .
الواقع أن ما يحدث في ليبيا هو نتيجة معركة للقوي العالمية والإقليمية فـ الاتحاد الأوروبي وأمريكا لن يتركا الفرصة للدب الروسي كي يلعب نفس الدور الذي لعبه في سوريا وأصبحت قواته موجودة علي الأرض وله قواعد عسكرية علي البحر الأبيض المتوسط في طرطوس وحميميم فشواطئ ليبيا هي الأقرب للشواطئ الأوربية، وما كان لـ أردوغان أن يقوم بهذا الدور دون الحصول علي الضوء الأخضر للدفع بقوات عسكرية تركية ومعدات عسكرية حديثة بواسطة جسر جوي وبحري إلى طرابلس ونقل الألاف من المرتزقة من سوريا الي ليبيا للحرب ضد الجيش الليبي بقيادة حفتر .
وسريعا بدأت تركيا في حصد النتائج سواء علي المستوي الاقتصادي من خلال إعلان فتح مقرات لشركات البترول والغاز في طرابلس والبدء فورا في التنقيب عن الغاز أمام الشواطئ الليبية أو علي المستوي العسكري فالإعلام التركي والقطري لا هم لهم إلا التضخيم في الجيش التركي وأن جيش الأتراك هو صاحب الكلمة العليا في ليبيا رغم أن كل الإنتصارات التي تمت لم تكن نتيجة معارك عسكرية بقدر ما كانت تراجع وانسحاب لقوات الجيش الليبي بناءا علي إتفاقات يعقبها مباحثات عسكرية و سياسية لتفكيك الميلشيات المسلحة و تشكيل جيش ليبي موحد وهو ما تدعمه مصر وفرنسا وألمانيا والإمارات والجميع يعلم أن مصر لن تترك الوضع في ليبيا دون أن تشارك فيه لأن لها حدود مشتركة أكثر من 1200 كيلومتر وسبق أن استخدمتها الميلشيات المسلحة الإرهابية للقيام بعمليات عسكرية ضد الجيش المصري وهو ما دعا مصر للقيام بكل الإجراءات الكافية للقضاء علي وجود هذه الميلشيات علي حدودها ومنها القوة العسكرية الضاربة والتي لم تتردد في استخدامها ضد الميلشيات الإرهابية في ليبيا .
الساعات القادمة ستحدد الخطوات المصرية والأوربية تجاه ما يحدث في ليبيا وهل بالفعل ستكون هناك محادثات سياسية وعسكرية لتوحيد ليبيا أم أن الانسحابات التي تمت لقوات حفتر كانت رسم للحدود لتقسيم ليبيا إلى دولتين، وهو ما حدث من قبل عند تقسيم السودان لدولتين مع اختلاف السيناريو في ليبيا لأن السودان كانوا قد جهزوا لها سيناريو حرية تقرير المصير لجنوب السودان .
أما عن الموقف روسيا فيحمل الكثير من الغموض فلا أحد يعلم هل كانت هناك صفقة بين تركيا و روسيا أنسحبت بناءا عليها قوات الفاجنر الروسية التي كانت تحارب في صف الجيش الليبي بقيادة حفتر فتركوا خطوط القتال حول طرابلس فجأة وحملتهم الطائرات إلى قاعدة الحفرة بعيدا عن خطوط القتال، أم أن التفاهمات كانت روسية أمريكية خاصة بعد بدء صدور بيانات من الأفريكوم وهي قيادة القوات الأمريكية بأفريقيا والتي وضحت أنها تراقب الطائرات الروسية التي تحركت من قاعدة حميميم بسوريا إلى ليبيا والتي هاجمت قوات الوفاق وقتها وبعدها بدأ الوضع يتغير علي الأرض بإنسحاب قوات حفتر لصالح ميلشيات الوفاق ومازال هذا الوضع مستمرا حتي الآن .
الساعات القادمة حبلي بالأحداث في ليبيا وكل المصريين يتابعونها لحظة بلحظة يبحثون عن إجابات لأسئلتهم عما يدور في الجار العزيز ليبيا التي تجمعت فيها كل قوي الشر لتفتيتها وجعلها بؤرة للإرهاب وهو ما لن تسمح به مصر أبدا سواء بالسلم أو بالقوة المسلحة .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية