- أهم الأخبارنون والقلم

محمود دشيشة يكتب: فتنة الجزيرة

تناولت في مقالي السابق كيف كانت بداية قناة الجزيرة القطرية  ومن أين اكتسبت خبراتها المهنية والمبالغ الطائلة التي صرفت عليها و التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، و كيف استطاعت كسب ثقة المشاهد العربي في ظل غياب واضح للإعلام المصري في عهد مبارك ووزيره صفوت الشريف، والتي بناءا علي سياستهم الإعلامية انتقلت الريادة الإعلامية من الإعلام المصري العربي إلي قناة الجزيرة الفضائية.

وأصبحت الجزيرة هي المصدر الإعلامي الذي يبحث عنه المشاهد للتعرف علي أخر الأخبار ورؤيتها علي الهواء مباشرة رغم أن الكوادر التي أنشأت الجزيرة ومازالت تعتمد عليها هي كوادر الإعلام المصري إلا أن أعلام عهد مبارك كان مشغولا و مستغرقا بالكامل في قضية تولي جمال مبارك الحكم بعد أبيه و الدفاع عن نظام مبارك ليلا و نهارا وترك الساحة الإعلامية العربية بالكامل للجزيرة تعبث بها كما تشاء إلى أن بدأت الأحداث الساخنة و انهيار عروش الدول العربية في الانهيار فتأكد الجميع أن الجزيرة أصبحت سلاحا في يد قطر و من تعمل لحسابهم تنشر به الفتن و ليست مجرد قناة فضائية تنقل الأخبار و الأحداث .

المتابع لأساليب قناة الجزيرة يجد أن هناك بروتوكول للتعامل مع القضية التي تنشر عنها الخبر أو تحليل الخبر فهي تتعامل مع كل الأخبار عن مصر و السعودية و الأمارات و البحرين بطريقة تختلف عن تلك الأخبار عن الكويت و عمان مثلا لأن الأخبار عن الدول الأربع دائما كوارث فقط، وكأنه لا تحدث أحداث أو قرارات مفيدة للمواطنين أبدا عندهم و دائما مواطنيهم يعانون الذل و الظلم و اقتصادهم دائما في انهيار ليلا و نهارا و هم معتدون في كل قراراتهم.

 و لعلنا نستطيع أن نقارن بين تناول الجزيرة لما حدث في سوريا عندما كانت قطر و السعودية و الإمارات و تركيا متفقين في السياسات ضد بشار الأسد و حلفائه فقد كانت لا تهاجم السياسات السعودية و الإماراتية أبدا و كان الهجوم الدائم علي مصر فقط، ثم انقلبت تماما علي الأشقاء في السعودية و الإمارات بمجرد الاختلاف علي السياسات في سوريا و اتخاذ الدولتين احتياطات أمنية ضد كوادر جماعة الأخوان المسلمون و فجأة أصبحت كل قرارات السعودية و الإمارات خاطئة و أصبحت الصحف العالمية و المنظمات التي تسمي نفسها حقوقية لا هم لها و لا شاغل غير الهجوم على مصر و السعودية و الإمارات، وأصبحت اللقاءات من اسطنبول وواشنطن و لندن و الدوحة المدفوعة الأجر لا تتحدث إلا عن المصائب – من وجهة نظر الجزيرة – التي تحدث علي مدار الساعة في هذه الدول الأربع و أصبح البحث الدائم عن أي فيديو لأي مواطن يصرخ طالبا لحقه في أي مجال و لو لم يكن هناك فيديوهات أنفقوا و دفعوا لمن يفبرك لهم هذه الفيديوهات .

أما إذا طرحت قضية للنقاش حول حدث ما في الدول الأربع فهي تتظاهر أنها محايدة و تستضيف طرفين كلا منهما يدافع عن وجهة نظره و بالطبع تستضيف أفضل العناصر للهجوم علي الدول الأربع و تختار دائما طرف أضعف و عندما يحاول الطرف الذي يدافع عن هذه القرارات شرح أبعادها تجد المذيع يتدخل في سرعة رهيبة كي لا تكتمل الجملة علي لسان ضيفه المدافع عن القرارات و ينتهي من استضافته في أسرع وقت أما من يهاجم فيأخذ حريته كما يشاء و الوقت الذي يحتاجه للهجوم علي هذه القرارات و يجعله أخر من يتحدث عن الموضوع حتى يترك له الساحة للحديث بحرية و استفاضة، و قد يستضيف عدد من الضيوف للهجوم علي هذه القرارات في مقابل ضيف واحد فتبدو الصورة أمام المشاهد أن هذه القرارات ظالمة و أضعف من أن يدافع عنها أحد .

أما المؤتمرات الدولية و خطابات رؤساء الدول فلا تأخذ منها إلا ما يناسبها ضد هذه الدول و قارئ الخبر سيظن أن رؤساء هذه الدول لا هم لهم إلا الهجوم علي الدول الأربع و لا تنشر أبدا كلمة إشادة  صدرت خلال هذه المؤتمرات لصالح هذه الدول الأربع وإذا قارنت طريقة عرض الأخبار وجدتهم يتحدثون عن شهداء الجيش المصري عن أنهم قتلى، و من الواضح أن العداء الشديد للجيش المصري هو الشغل الشاغل لمساحات كبيرة من الوقت لديهم و يبدوا عليهم الانزعاج و الارتباك عند سقوط قتلي للجماعات الإرهابية في مصر عموما و شمال سيناء بصفة خاصة و كل قتلى الجماعات الإرهابية عندهم مدنيون فقط وليسوا إرهابيين .

أما عن تركيا فهي لا تنشر شيئا إلا انتصارات تركيا في سوريا و ليبيا و أن الجيش التركي الذي خرج جنوده بالملابس الداخلية على الهواء مباشرة منذ سنوات قريبة علي يد الشرطة التركية و المدنيين أصبح من جيوش الدول العظمى فجأة و أصبحت كل مؤتمرات أردوغان التي يهذي فيها على الهواء مباشرة أخبار يومية و على مدار الساعة

 و أصبحت كل إجراءات تركيا في معالجة أزمة كورونا هي الأفضل رغم بلوغ نسبة الإصابات عندهم إلى أكثر من مائة وستين ألف مصاب و مصر إلي خمسة و عشرون ألف مصاب و عدد الوفيات في تركيا تعدى الأربعة ألاف و خمسمائة وفاة في مقابل حوالي تسعمائة و خمسون وفاة، إلا أن التغطية الإعلامية للجزيرة تظهر الصورة سوداء قاتمة في مصر أما تركيا كأنها جنة الله على الأرض و يتمنى المشاهد أن يكون هذا المواطن التركي .

أما أعجب ما ألاحظه في تناول قناة الجزيرة للأخبار في مصر فهو الكم الرهيب من الحقد و الغل من المذيعين بشكل ملفت وواضح وللأسف أغلبهم مصريين و هم لا يستحقون أبدا أن يكونوا أبناء لمصر والأعجب منه عدم الاستعانة بالكوادر لإعلامية المهنية المتوفرة بمصر للقضاء على فتنة الجزيرة.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Back to top button