يتجذر وعي شعب الإمارات بقيمة التضحية وهو يزف شهداءه إلى فضاءات الخلود، ويشكل هذا الوعي درباً حقيقياً خصباً ومعشباً، فهؤلاء الشهداء تاريخنا الذي لن يهمله التاريخ. الشهيد يبقى ولا ينسى، ويظل يضيء في المحل الأقصى من الضمير الجمعي، والشهيد هو المعنى العميق الذي تناوله الأجيال للأجيال، ولسوف نناول مجدكم يا شهداءنا الأحرار أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، ولسوف نعرف الطريق إلى مدارسنا وجامعاتنا وأنديتنا ومراكزنا البحثية نحو تخليد هذه اللحظة الإماراتية الجليلة، الطويلة، الفارعة. هذه اللحظة الإماراتية الفارقة، التي تقبل وتظل تقبل فلا ينتهي مطرها الكريم، هذه اللحظة بكل ما تكتنز من خبرات وعبر، وبكل أدلتها ومدلولاتها. ليست من الزمن الاعتيادي، وإنما الاستثناء هنا هو السائد والسيد، وإنما العمل الجميل الذي يتوق، أبدا، إلى العمل الأجمل، حيث الفداء أرض وسماء، وحيث الانتماء ماء ونماء.
هذه اللحظة الإماراتية لها ما بعدها، هذه اللحظة الإماراتية التي تمتد من البحر إلى الصحراء إلى رؤوس الجبال، هذه اللحظة التي تطوق المدن بزرقة الوعد، هذه اللحظة الحادة، الحارة، الحاسمة.
فكيف نقف جميعا، نحو إكبار لحظتنا الإماراتية التاريخية وتقديرها، معها، في صف واحد، لنلتقط صورة تذكارية؟
كيف نحددها وهي غير المحددة؟ كيف نضع لها إطاراً مناسباً وهي التي لا تعترف بالأطر والقيود؟ كيف نجسد هذه اللحظة الإماراتية لطلابنا وشبابنا خصوصاً؟ كيف نقرب هذه اللحظة الإماراتية لأطفالنا وناشئتنا خصوصاً؟
لا بد، وعلى خبراء التعليم والمناهج، وعلى أهل الإعلام وخبرائه، وعلى كل معني في حدود تخصصه ومركزه ودوره، وعلى كل أسرة صغيرة ضمن الأسرة الإماراتية الكبيرة أن يسهم في التشبث بهذه اللحظة الإماراتية، وتخليدها في بال الأجيال.
لا نريد ذكر شهداء الإمارات في هذا السياق ذكراً طارئاً أو خاطفاً، ونريد أن يكونوا كفكرة وقصد وروح وأسلوب وغاية بعض نسيج تعليم حقيقي، عارف، ومدروس، وحيث يرد الشهداء في التعليم بالأسماء والأفعال، فلا بد من جرعة معرفية رصينة ومناسبة تحيط بالزمان والمكان والظروف والأسباب والنتائج.
نريد لهذه الغاية متخصصين كباراً في التاريخ والجغرافيا والسياسة والعسكرية وعلم الاجتماع والتربية الوطنية، فهذه اللحظة الإماراتية هي، بالضبط، جسرنا إلى أنفسنا وإلى تكريس روح الاتحاد بين كل تضحية وتضحية، وهذه اللحظة هي صلة الوصل بيننا وبين عناويننا الأثيرة، وبيننا وبين حروفنا وكلماتنا وأسمائنا في أبجدية الوصول.
ولم ننته إلى هذه اللحظة الإماراتية إلا لتدخلنا، بوحي من عبقريتها، في حياة متجددة من بدايات وبدايات تدوم وتدوم.