أثبت الإعلام بكل أشكاله وتصنيفاته أنه قوة ناعمة حقيقية لا يستهان بها… وأن من خلاله تحويل بوصلة الرأي العام نحو ما تريد.
كما يمكنك من خلاله التمهيد لعصر يسوده قيم ومبادئ جديدة، وأن يؤمن بقضايا وأشياء كان يرفضها بشكل قاطع بما يخدم خططك الإستراتيجية.
وليس بخفي على أحد أن إعلام اليوم جعل الناس اقرب لبعض من ذي قبل… وجاءت جائحة كورونا (كوفيد – 19) لتجبر الناس على المكوث أمام الشاشة الفضية لساعات طويلة… وبما إن الناس مذاهب ومشارب وثقافات ومستويات تختلف باختلاف البيئة والمستوى التعليمي والفكري، فقد استغلت القنوات التلفزيونية الفرصة التى سنحت لها لتبث الرسائل التى تريدها… ولم تكن (إم بي سي) لتفوت الفرصة التى اقتنصتها قبلها بسنوات قناة الجزيرة لتساهم ولو بنذر يسير في عملية غسل الأدمغة لأبناء الأمة وخصوصا شبابها.
فقناة (إم بي سي) وشقيقتها الجزيرة التى يتجنبها كل عاقل … تقومان بدور اعتبره من أخطر الأدوار عربيا وهو التطبيع مع الكيان الصهيوني بطريقة عجيبة لم يكن يتوقعها أحد، وتذيع القناة السعودية حاليا مسلسلات درامية بمفاهيم ومضامين تعمد إلى تحويل قصة التعامل بشكل عام مع الكيان الصهيوني من كونه جريمة شنعاء (مازالت نقابة الصحفيين المصريين وكل النقابات الوطنية والقطاع الثقافي المصري يعتبرونه كذلك حتى تاريخه) إلى جعله أمرا اعتياديا وواقعا يجب أن نتعاطى معه وواقع علينا أن نقبله من مسلمات العصر الذي نعيشه.
فمن بعد رجال الأعمال والتعاون الاقتصادي وإلى استضافة أفيخاي أدرعي على شاشات التلفزيون لبث سمومهم… متناسين أن كل ذلك يصب في صالح الكيان، ويقرب الشارع العربي نحوهم خطوة ويخلق تعاطفا معهم من شخصيات تزعزعت ثقافتهم وضعفت مبادئهم، وأجبرتهم الضائقة المالية والاقتصادية علي التوجه نحو اليهود أرباب الاقتصاد وأن مفتاح الحل في أياديهم وان التعامل معهم رابح لا محالة، وان الخير قادم إلينا من تل أبيب التى هي مصدر كل شر وسوء للأمة كلها على مدى التاريخ.
وأعتقد إذا لم أكن مخطئا أن الجزيرة وشقيقتها (إم بي سي) هما أكثر قناتين عربيتين تقودان عمليات التطبيع… ورغم أن مصر أول دولة عربية وقعت اتفاقية سلام مع «إسرائيل» إلا أنني أؤكد جازما أن هناك دولا عربية تواصلت وما زالت تتواصل مع «إسرائيل» ولديهما علاقات سرية وطيدة قبل مصر بأكثر من 20 سنة قبل كامب ديفيد.
ورغم ذلك لم يجرؤ الإعلام والفن المصري وكذلك القطاع الثقافي بعمومه بث حوارات أو أعمال فنية تدعو للتطبيع بهذا الشكل الفج «السقيل» والذي بالتأكيد يرفضه مئات الملايين من العرب المخلصين لعروبتهم وقضيتهم التى لن يزعزعهم عنها أحد مهما كان وهي أن فلسطين محتلة والقدس عربية والكيان الصهيوني غاصب ومستعمر وسيأتي اليوم الذي ستتحرر فيه الأرض لتعود إلى أصحابها، ولكن عندما نعود إلى مبادئنا وقيمنا وأصولنا الأصيلة التي تدب فيها نخوة العروبة والإسلام، ولذا فتجربة (إم بي سي) محكوم عليها بالفشل.
Redahelal@gmail.com
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية