نون والقلم

محمود دشيشة يكتب: الصراع في الشرق الأوسط.. تركيا الاستعمارية

تلعب تركيا دورا خطيرا في الصراعات والحروب الدائرة في الشرق الأوسط والتي تسببت في تفتت هذه الدول و تشريد الملايين من أهلها فقد شاركت في الحرب في سوريا و أستولت علي أكثر من عشرة آلاف كيلو متر من أراضي سوريا وأصبح لها قواعد عسكرية في شمال العراق وقواعد عسكرية في قطر وهي منخرطة في الحرب الليبية بكل ما تملك من قوة عسكرية و بشرية و تدير خلافاتها مع اليونان و قبرص بالقوة و فرض الأمر الواقع.

فما هو هدف الأتراك الحقيقي من وراء تحريك جيوشها في ثلاث قارات من العالم أسيا وأوروبا وأفريقيا وهل تستطيع الاستقرار في ذلك وكيف ستدير الصراع في ليبيا في مواجهة مصر التي لا تستطيع ترك الأمور في ليبيا يتم ترتيبها دون وجودها أو مشاركتها في أنقاذ ليبيا من التقسيم كما حدث في سوريا 

الواضح أن تركيا تسعي للأستفادة من عدة عناصر جغرافية وسياسية وعسكرية تتمتع بها الآن فهي عضو هام في حلف الناتو العسكري و بها قاعدة أنجرليك الجوية الهامة للقوات الأمريكية في أوروبا وهي قاعدة جوية إستراتيجية سبق أن هددت تركيا بإغلاقها في حال فرض عقوبات أمريكية عليها سابقا.

كما أن تركيا استغلت الثورة السورية في بدايتها وشكلت تحالف ضم السعودية والأمارات وقطر وقتها ضد بشار الأسد، وكانت هذه الثورة سلمية في بدايتها ثم سريعا ما تحولت إلى عشرات الفصائل المسلحة و لأن غالبية الجيش السوري بقيادة بشار الأسد، من الطائفة العلوية فقد تحول المشهد في بداية الأمر إلى حرب سنية شيعية فقد سارعت إيران وميلشياتها المسلحة بمساندة بشار وقواته وأنضم لها الميلشيات الشيعية العراقية وميلشيا حزب الله الشيعية اللبنانية ثم انضمت روسيا لهذا التحالف وسيطرت علي مقاليد الأمور تماما في هذه الجبهة وأصبحت تركيا وقطر والفصائل المسلحة في الجبهة الأخري ضد بشار الأسد، ودخلت القوات التركية سوريا بحجة حماية الحدود التركية ومنع الأكراد من إعلان دولة مستقلة وساعدتها الفصائل المسلحة علي الانتشار علي الأراضي السورية في أدلب وحلب.

وأصبحت القوات التركية تقدر بعشرات الألوف من الجنود والضباط والمعدات الثقيلة مستقرة في هذا الإقليم، كما أن الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» كان سببا مباشرا للتدخل التركي والأمريكي والروسي و غيرها من دول العالم وبعد هزيمة داعش استقرت القوات الروسية والتركية والأمريكية علي أراضي سوريا .

ولعل تشابك المصالح بين تركيا وروسيا في الحرب السورية حيث يتم التنسيق بين هذه القوات علي الأرض رغم أن كلا منهما يدعم جبهة مختلفة عن الأخري إلا أن هذا التشابك جعل روسيا حريصة علي كسب ود تركيا فقد قتل السفير الروسي في تركيا برصاص تركي وأسقطت تركيا طائرة مقاتلة روسية علي الحدود السورية التركية ولم يكن هناك رد روسي مناسب للحدثين في حين أنها قطعت السياحة الروسية عن مصر بعد إسقاط طائرة مدنية روسية فوق أراضي سيناء عن طريق الإرهابيين منذ خمس سنوات وحتى الآن، إلا أن رغبة الروس في جذب الأتراك أعضاء حلف الناتو لصفهم جعل الدب الروسي يبتلع تلك الأهانات بل و يمد الجيش التركي بأحدث أنظمة الدفاع الجوي s400 وهكذا تستغل الدبلوماسية التركية سياسة اللعب على الحبلين والصراع الأمريكي الروسي للحصول علي أكبر المكاسب .

و بعد أن اتضح شكل الصراع في سوريا حيث سيطرت روسيا علي القرار في سوريا وحصلت علي قاعدتين عسكريتين علي البحر الأبيض المتوسط هما طرطوس وحميميم، وأصبحت تركيا مسيطرة فعليا علي أدلب وحلب، وسيطرت أمريكا علي أبار النفط في سوريا و ضمت إسرائيل الجولان وتشرد الملايين من السوريين في بقاع الأرض تحولت الأنظار تجاه ليبيا التي يواجه فيها الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر ميلشيات جبهة الوفاق والتي يسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.

وقد بدأ هجوم الجيش الليبي منذ عام تقريبا لتحرير العاصمة طرابلس إلا أن أستماتة الميلشيات في الدفاع عن طرابلس بالإضافة إلى وجود أكثر من 2 مليون نسمة في العاصمة منع قوات الجيش الليبي من أقتحامها ثم تدخلت تركيا وأمدت هذه الميلشيات بالأسلحة والخبراء العسكريين وبدأت في نقل قوات الفصائل المسلحة من سوريا إلى ليبيا مما مكن ميلشيات جبهة الوفاق من مواجهة الجيش الليبي ويبدو أن الأمور في ليبيا تتجه أيضا لصراع عالمي و ليس إقليمي فتركيا يبدو أن لديها ضوء أخضر من أمريكا للتواجد في ليبيا ردا علي التواجد الروسي مع الجيش الليبي لأنها تخشي من التواجد الروسي في ليبيا علي أمن أوروبا و حلف الناتو  .

و هكذا تتحرك تركيا لكسب مزيد من القواعد والأراضي و المغانم الاقتصادية والتي كان أخرها أتفاقية التنقيب عن البترول والغاز في الشواطئ الليبية الممتدة لأكثر من ألفي كيلومتر علي البحر الأبيض المتوسط الذي أظهرت الاكتشافات الأخيرة فيه تمنعه بثروة هائلة من الغاز الطبيعي و رغم الخلاف التاريخي بين تركيا من جهة واليونان وقبرص من جهة أخري فمازال الاتحاد الأوروبي لا يدعم دولتيه اليونان و قبرص ضد تركيا وليس هناك دليل واضح علي تحرك حقيقي من دول الاتحاد الأوروبي ضد تركيا في هذا الخلاف  .

أما التعاون الإستراتيجي بين تركيا و قطر فيحتاج الي مقال أخر لأنه تحالف له خطورة كبيرة علي كل المنطقة وخاصة دول الخليج العربي ومصير الحرب في ليبيا .

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
 tF اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Check Also
Close
Back to top button