نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: عيد استثنائي

يأتي عيد الفطر المبارك هذا العام في ظروف استثنائية، وفى توقيت فارق يستدعى الحذر والالتزام بالإجراءات الاحترازية والوقائية في ظل تزايد الإصابات بفيروس كورونا خلال الأيام الماضية بشكل ملفت ومقلق، وبات لزاماً على الجميع التخلي عن طقوس وعادات العيد التي عهدناها كل عام، حتى لا تكون هذه المناسبة السعيدة سبباً في زيادة الإصابات وتفشى المرض بصورة يصعب السيطرة عليها وتفجير أزمة تعجز مؤسسات الدولة عن مواجهتها، كما حدث في إيطاليا وإسبانيا.

وإذا كان سكان المدن باتوا مجبرين على قضاء هذه المناسبة في منازلهم بعد قرار إغلاق المطاعم والأماكن الترفيهية، فإن الخطورة باتت تكمن في سكان الريف بسبب تجذر العادات والتقاليد لديهم في مثل هذه المناسبات من خلال الزيارات وما يصاحبها من عادات أصبحت تشكل خطورة كبيرة على الجميع، وتهدد بتفشي الفيروس خاصة أن بعض أبناء المدن يفضلون قضاء هذه المناسبة مع عائلاتهم بالريف، الأمر الذى يحتاج الى وقفة جادة حتى تمر هذه المناسبة على خير وسلام.

صحيح أن الحكومة اتخذت إجراءات احترازية شديدة من خلال حزمة من القرارات الهامة لأسبوع العيد مثل إغلاق كل أماكن الترفيه ووقف وسائل النقل العام وزيادة ساعات الحظر وغيرها من الإجراءات التي تمنع التجمعات. ولكن يبقى السلوك البشرى هو الفيصل لهذه المرحلة الدقيقة والفارقة التي نمر بها مع هذا الفيروس، وفى اعتقادي أن هذا الوقت سوف يحدد بشكل كبير الأوضاع في مصر خلال الأشهر القادمة، ومدى قدرتنا على السيطرة على هذا الوباء، والعودة مرة أخرى تدريجياً الى الحياة الطبيعية التي بات الجميع في أمس الحاجة إليها وإلى العودة للعمل وممارسة نشاطه المهني أو التجاري والصناعي أو حتى نشاطه الاجتماعي الذي توقف وأثر على ملايين المواطنين اقتصادياً ونفسياً.

إذا لم يعد أمامنا بد من مواجهة الأمر بأنفسنا ومن خلال سلوكنا الشخصي، وحرصنا على التباعد الاجتماعي، وتغيير كثير من سلوكنا والنمط الاجتماعي الذي عشنا عليه سابقاً.. وربما تكون هذه المناسبة فرصة لترك عادات وتقاليد سابقة، واستحداث أنماط اجتماعية جديدة حفاظاً على أنفسنا وأسرنا ومجتمعنا، خاصة أن وسائل الإعلام بذلت جهوداً كبيرة في كل جوانب التوعية وأسباب وطرق الإصابة وتجنبها، وبات الجميع يعي ويعلم أن المصافحة والتلامس والتقارب والمخالطة هي عناصر أساسية في نقل الفيروس وانتشاره، كما بات الجميع على علم بطرق الوقاية التي تنشرها وسائل الإعلام ليل نهار، وأصبح لزاماً علينا جميعاً أن نتجنب هذه العادات خلال مناسبة العيد حتى نخرج سالمين جميعاً إن شاء الله، وحتى نستعد لاستقبال عيد الأضحى المبارك في ظروف طبيعية ونعيشه بكامل طقوسه الرائعة بعد التعافي من هذا الفيروس وتحوله إلى ماض.

وحتى يكون الحديث موضوعياً وملامساً للواقع المصري الذى نعيشه، علينا أن نتوقف أمام عدة حقائق يأتي على رأسها تسخير الدولة المصرية لكل إمكانياتها في هذا الشأن من خلال القرارات التي اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسي في شتى الاتجاهات وقامت الحكومة بتنفيذها وكلفت ميزانية الدولة مئات المليارات لمواجهة هذه الجائحة التي فرضت واقعاً جديداً على العالم بأسره، وشكلت أزمة اقتصادية هائلة للدول الغنية قبل الفقيرة، كما شكلت أزمة إنسانية لدى جميع الشعوب.. وجميعنا يعلم أننا دولة أصبح تعدادها يفوق مائة مليون نسمة، ومازالت إمكانياتها محدودة مقارنة بدول أخرى كبيرة عجزت عن مواجهة هذه الجائحة.. وبالتالي هناك ضغوط كبيرة على الحكومة المصرية الآن منها على سبيل المثال عودة المصريين بالخارج التي شكلت أزمة مع بعض الدول.

وقررت الحكومة بشجاعة مواجهة الموقف رغم الأعداد الهائلة التي ترغب في العودة الى أرض الوطن، وهو أمر يفوق قدرات دول كثيرة ومع هذا بدأت الحكومة في تسيير رحلات جوية الى كثير من الدول لإعادة أبنائها، وهو أمر لم تستوعبه الفنادق والقرى السياحية والمدن الجامعية وغيرها من الاماكن التي تم تخصيصها للحجر الصحي.. الأمر الذي اضطر الحكومة لتحديد فترة الحجر الصحي بأسبوع واحد فقط بدلاً من 14 يوماً حتى يمكن استيعاب الأعداد الكبيرة العائدة من الخارج، ولذلك لا نريد ولا نتمنى لا قدر الله أن يحدث هذا الامر بالنسبة للمستشفيات بسبب مناسبة العيد، وعلينا ان نجعله عيداً استثنائياً في كل طقوسه حتى نعبر هذه الأزمة وكل عام وأنتم جميعاً بخير.

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

t –  F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى