المحن والشدائد تصنع الرجال وتقوى العزائم، وبقوة الإيمان والثبات على الحق، والصبر على البلاء تتحول المحنة إلى منحة والعامة إلى بصيص نور والظلام إلى ضياء.
هكذا سطرت قرية صفط تراب بالمحلة الكبرى ملحمة مضيئة من تاريخها المعاصر.. وهي القرية الضاربة بجذورها في عمق التاريخي المصري القديم فقد شهدت عصورا فرعونية ورومانية وإسلامية فقد فتحها القائد المغوار والصحابي الجليل سيدي عبد الله بن الحارث أحد الصحابة الأجلاء الذين جاءوا إلى مصر في الفتح الإسلامي حيث كان قائدا لفليق فتح إمارة الوجه البحري حيث استقر به المقام في تلك البلدة والتي تقع في منتصف المسافة بين مدينتي طنطا والمحلة حيث أنشئ للصحابي مسجدا ومقام كبير يقصدة القاصي والداني من ربوع المعمورة وبلاد الدنيا قاطبة فهو آخر من مات من الصحابة في مصر..
وشائت الأقدار أن يحل البلاء وينزل وباء الفيروس اللعين كورونا أرجاء القرية فأصيب الكثيرين وارتفعت مؤشرات الإصابة بشكل أصاب المواطنين بالهلع واليأس مادفع الجهات الصحية والتنفيذية لوضعها تحت العزل الأمني وحظر التجول والخروج مطبقين المبدأ الإسلامي الرائع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا». وبالفعل تم ضرب الحصار والعزل على القرية ١٤ يوما أعقبها ١٠ أخرى كإجراء احترازي ووقائي وكان أمام أهل القرية خيارين الثالث لهما الإستسلام والهزيمة للمرض اللعين… أو المقاومة والإستبسال وهو ماقد كان بالفعل..
قسم الشباب أنفسهم لمجموعات مجموعة من المثقفين ورجال الفكر والإعلام يتواصلون مع المسئولين للمشاركة في التخفيف عن ذويهم وعلاج القصور في الخدمات والمرافق وسرعة التعامل مع الكوارث وكان تعاونا مثمرا إذ أن الجهات التنفيذية استجابت بكل طاقتها واحترم جهد الشباب بل كانت تتواصل معهم لحظة بلحظة لعلاج الأزمة الطارئة.
المجموعات الأخرى اتجهت لتعقيم الشوارع ومساعدة الجهات المعنية مستخدمين من ماكينات الرش الزراعي للأراضي كآلة بديلة لمكافحة بؤر العدوى وتطهير الشوارع والحضارات والمنازل في ظل قرية هي الأكبر تعدادا وكثافة سكانية بمحافظة الغربية، بينما اتجه أطباء القرية مع الفرق المنتشرة لمحاصرة مصادر العدوى والكشف عن المخالطين وكان العمل خطرا وصعبا.. بينما ابتكر الأخرون من الشباب الذي يعمل في مهن فنية في ابتكار أشياء تساعد في أعمال التطهير وكأن الحاجة هي أم الإختراع فقد قاموا بتصميم بوابه إلكترونية للتعقيم بأدوات بسيطة وضعت لتعقيم مدخل الوحدة الصحية والتي يتم فيها عزل الحالات حالة إبداعية من التعاون والمشاركة المجتمعية.
ولا يقل عنهم سيدات وأطفال القرية التزاما وحرصا علي سلامة أفراد القرية فالسيدات اداروا بيوتهم في حدود المتاح لهم من السلع ومايتوافر لهم من مؤن المعيشة فالحياة كانت صعبة في ظل محلات تغلق بمواعيد وأسواق تفتح لساعات وسيدات البيوت عليهم أن يبتكروا وهناك من الأسر انقطعت مصادر أرزاقهم من العمالة اليومية وهنا يظهر شطارة بنت البلد ومعدنها الأصيل في الأزمات.
أما الأطفال فقد وجدوا سلوتهم في صناعة الطائرات الورقه والتي يدفعون بها في السماء التي امتلئت بطائرات زاهية الألوان حيث تنبري إبداعات مواهب الأطفال في صناعتها بإتقان الجميع يلتقي أصدقائه عبر أسطح المنازل فقد ضاقت بهم السبل على الأرض فلجئوا إلى السماء لعلها تكون أكثر رحمه بهم.
أما الأباء فمنهم الفلاحين والذين لم تنقطع بهم السبل فكانوا يهربون من العزلة إلى أراضيهم فالأرض مازالت نظيفة والجو بها نقي بلا كورونا والموظفين يمارسون أعمال كالنجاره أو إصلاح بعض المهمات داخل البيت.. معظم المشروعات توقفت تماما داخل القرية خشية انتقال العدوى وتزايد الوعي شيئا وتحول الخوف إلى طاقة إيجابية خاصة مع الأخبار التي توالت بقرب انتهاء أزمة القرية فنتائج تحاليل المخالطين تحولت إلى سلبية وتزايدت نسبة شفاء المصابين وعودتهم لبيوتهم وقرب انتهاء الحظر وعودة الإستقرار للقرية.
الجميع على قلب رجل واحد وقفوا في وجه «كورونا» لن تهزمنا أيها اللعين لسنا فريسة لك سنقف في وجهك ونمنعك من أن تحرمنا آبائنا وأخوتنا وأصدقائنا سنتعاون مع كافة الجهات المحلية والتنفيذية ومع أهالينا لنصنع الفرق وننتصر بوعينا والتزامنا… وسننتصر عليك ونحاصرك حتى نهايتك.. ليشكرنا الجميع بعد أن نتخطى الأزمة ونصل إلى شاطئ النجاة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية