فقدنا اليوم مناضل حقيقي.. قيادي وسياسي ونقابي محنك.. فقدنا رمزا.. نعم انه رمز ليس للسودان ولكن لكل من نطق بالعربية .. فقدنا اليوم الأستاذ والمعلم والسياسي والنقابي فاروق أبوعيسي السوداني حتى النخاع والمصري بحبه لهذه البلد وعشقه لها والمحامي البارع والسياسي الماهر والنقابي المحترف.
فجعني الخبر فكنت انتظر منه أن يحقق وعده بأن يدعوني لزيارة السودان بعد الإطاحة بحكم البشير.. وهو الوعد الذي قاله لي منذ 30 عاما.. عرفته أمينا عاما لاتحاد المحامين العرب.. وعضوا ومؤسس لحركه حقوق الإنسان العربية.. عرفته رجل قومي يعمل لأجل الأمة العربية.. رأيته كيف ساهم مع النقيب الجليل احمد الخواجة في عودة العلاقات بين مصر وسوريا والعراق في نهاية الثمانينات من القرن الماضي.
أشهد أنه كان مدافع صلب عن حقوق الأمة العربية في مواجهه الكيان الصهيوني.. وكيف استغل خبرته القانوينة في دعم كل القضايا التي طالت رموز هذا الكيان في كل مكان في العالم.. ورأيته مدافعا عن حقوق الإنسان العربي ضد القمع والاضطهاد وكان اتحاد المحامين العرب ملاذ لكل المضطهدين في الوطن العربي.. وجعله منارة للحرية الكل يتحدث بحريه في أروقته.
اتحاد المحامين العرب كان أول مؤسسه عربيه تستضيف نيلسون مانديلا في اجتماع للمكتب الدائم له.. وكان بوابة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لمخاطبة العالم.. فكان الاتحاد عندما يحل في بلد يحرص قادة الدول العربية علي لقاء قادته والحديث معهم بكل صراحة وكان يسمع منهم أوجاع وآلام الشعوب العربية ثقة في قيادة الاتحاد التي تمثلت في فقيدنا والنقيب احمد الخواجة.
فبعد أن ترك أبو عيسي اتحاد المحامين العرب، خمدت أنواره التي كانت تشع في المنطقة العربية وأظلمت أركانه وفقد دوره القومي والعربي فهو الذي اتخذ قرارا باستضافة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في وقت ضاقت بمؤسسيها البلدان العربية.. وتولي الإنفاق عليها من ميزانيه الاتحاد ودعم هذه المنظمة التي أصبحت الآن هي رائده حركه حقوق الإنسان في المنطقة العربية.
فاروق أبوعيسي هو من نبه العالم أن انقلاب البشير هو انقلاب لجماعة الإخوان المسلمين وكنت معه لحظه بلحظه في متابعه هذا الانقلاب مع رفيق دربه المرحوم أمين مكي مدني وخضنا معركة مع السلطة المصرية التي كانت تعتقد أن البشير ومجموعته ليسوا من الإخوان حتى وقعت محاولة اغتيال الرئيس الراحل حسني مبارك وقتها عرفوا أن الرجل كان علي حق.. لم يلين لحظه في مقاومة نظام البشير حتى تحقق حلمه ورأي البشير في السجن الذي أودع فيه أبوعيسي ورفاقه من مناضلي السودان.
رحم الله الرجل الذي أعطي للأمة العربية وللسودان كثيرا وكان رمزا للنضال الحقيقي وسوف يقف التاريخ كثيرا أمام ما قدمه هذا الرجل ولا نملك إلا الدعاء له بالرحمة ولأسرته وتلاميذه وللشعب السوداني بخالص العزاء وندعوا الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية