نون – القاهرة
قال وزير الأوقاف المصري، الدكتور محمد مختار جمعة، مساء اليوم الجمعة،أننا ما زلنا في حاجة إلى نقلة نوعية في فهم الخطاب الديني وفي حسن عرضه وقراءة الواقع الذي نعيشه قراءة واعية تراعي مستجدات العصر في ضوء حرصنا على ثوابت الشرع، رؤية تراعي بدقة بالغة ترتيب الأولويات، وفقه الواقع والمتاح، وفقه النوازل، وفقه الموازنات، تنطلق من فهم واع وعميق للقواعد الفقهية والأصولية، وأسس الاستدلال والاستنباط وملكة الاجتهاد المبني على صحيح العلم وامتلاك أدواته، القادر على الإقناع ومخاطبة العقل المعاصر بالحجة والبرهان، الذي يدرك أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأن المتعدي النفع مقدم على قاصر النفع، وأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، وأن المفسدة اليسيرة قد تُحتمل لتحقيق المصلحة العظيمة.
وتابع وزير الأوقاف قائلا: إن تكافأت المصلحة والمفسدة قُدّم درء المفسدة على جلب المصلحة، وأن تحديد درجة المفسدة والمصلحة وترجيح جانب درء المفسدة على جانب جلب المصلحة أو العكس ( تقديم جانب جلب المصلحة على درء المفسدة ) هو اختصاص أهل الذكر والاختصاص في كل شيء، ففي جانب الصحة تكون العبرة برأي أهل الطب، وفِي جانب الأمن والسلامة تكون برأي أهلهما، وهكذا في سائر الأمور، وفي كثير منها يُبنى الرأي الشرعي على الرأي العلمي التخصصي ولا يسبقه، وتلك أمور دقيقة لا يدركها سوي أهل العلم الحقيقي والاختصاص الحقيقي، غير أننا ابتلينا بأناس يخوضون في كل شيء ويتجرأون على الفتوى بغير علم، فضلوا وأضلوا وحادوا عن سواء السبيل.
أخبار ذات صلة:
-
الأوقاف المصرية تصدر بيانا هاما بشأن فتح المساجد
-
الأوقاف المصرية تحذر من فتح المساجد خلال فترة الإغلاق
-
الأوقاف المصرية: مساعدة المتضررين من كورونا أولى من حج النافلة والعمرة
-
الأوقاف المصرية تغير صيغة الأذان بسبب كورونا
-
السيسي: الخطاب الديني المستنير أهم عناصر مواجهة الفكر المتطرف
وأردف الدكتور مختار جمعة، قائلا: التدين المبني على جهل أو أهواء من أخطر الأدواء، وإننا لفي حاجة إلى تدين مبني على العلم والعقل وإلى منطلقات أعمق في فهم الخطاب الديني العظيم فهما واعيا مستنيرا ، وقد قالوا: فقيه واحد أو عالم واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، وقال الحسن البصري (رحمه الله) : إن قومًا طلبوا العبادة بدون علم فخرجوا على الناس بسيوفهم ( يعني الخوارج ) ولو طلبوا العلم لحجزهم عن ذلك .
وأكمل في فهم بعض ما يتعلق بالظرف الراهن الذي نحن فيه سألني سائل: لماذا نغلق المساجد ونترك وسائل النقل العامة؟ قلت له: الحاكم في هذا وذاك هو المصلحة المعتبرة التي يقدرها أهل العلم والاختصاص معًا، فتعليق المساجد يتم لمصلحة معتبرة شرعًا قدرتها جميع المؤسسات الدينية بناء على رأي أهل الطب من أن التجمعات هي أخطر طرق نقل عدوى فيروس كورونا الذي يؤدي ببعض الناس إلى الوفاة كما هو حاصل ومعاين بمختلف دول العالم، وديننا علَّمنا أن حياة الساجد قبل عمارة المساجد، وقد نظر نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) إلى الكعبة وقال: «ما أعظمك وأعظم حرمتك ولكن دم المؤمن أعظم عند الله منك»، ومن رحمة الله (عز وجل) بِنَا أن جعل لنا الأرض مسجدا وطهورا، فالدين الذي أمرنا بعمارة المساجد هو الذي أمرنا بالصلاة في بيوتنا أو رحالنا إذا كان في ذهابنا إلى المساجد خطر على النفس وخشية عليها من الهلاك، فهذا قائم على مراعاة المصلحة المعتبرة.
وتابع «جمعة» عمل وسائل النقل العام في الظرف الراهن تقدر فيه المصلحة بقدرها اتساعا أو تحديدًا من أهل الاختصاص، وما دام الوباء لم يستشر فإن مصالح الناس تقتضي ضرورة ذهاب الأطقم والكوادر الطبية إلى أماكن عملهم وكذلك الصيادلة وكذلك العاملون بالمخابز والمطاعم ومحلات الخضر والفواكه والبقالة ومحلات بيع المستلزمات الطبية والحياتية وكثير من الأعمال التي لا تسير حياة الناس بدونها، وذلك كله قائم على تقدير المصلحة ومبني عليها، والأمر في ذلك كله يرجع إلى ما يقدره ويقرره ولي الأمر أو من ينيبه من مؤسسات الدولة كل في مجال اختصاصه، والطاعة في ذلك واجبة والمخالفة إثم ومعصية.
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك و تويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية