رحم الله الرئيس محمد حسني مبارك ، فهذا الرجل بقي في حكم مصر أكثر من 36 سنة من منصب نائب الرئيس وحتى الرئيس.. وجيلنا لم يكن يتصور انه سيري حاكمَا غيره لطول فترة بقائه في الحكم لأننا لم نر غير السادات ومبارك.
وبغض النظر عما حدث في يناير 2011 إلا أن هناك دروسًا مهمة من حقبة مبارك يجب أن يتعلمها كل من يريد أن يكون رجلا سياسيا وهي الحقبة الغنية برجال سياسة محنكين وآخرين مراهقين ومجموعات من الأدعياء والوصوليين والمتلونين والمنافقين.
وأول هذه الدروس أن اختلاط الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس بالدولة وتسخير إمكانيات الدولة لصالحه يعجل دائما بحالة السخط الشعبي ويدفع الناس إلى التذمر والخروج علي الحكم خاصة إنه تم تحجيم كافة الأحزاب الأخرى وتحولت إلى مجرد كيانات ويفط وأسماء، لذا لم تقم بدورها في دعم الرئيس في يناير وما شهد ناه من هروب قيادات الحزب الوطني بل الآلاف منهم تحول فوراً إلى الخندق الآخر وادعوا أنهم ثوار، وهو درس مهم خاصة أن هناك محاولات لتكرار نموذج الحزب الوطني بل يقوم بنفس التصرفات التي كان يقوم بها من استغلال إمكانيات الدولة لصالحه وارتباطه بالأجهزة المختلفة في الدولة وتسخيرها لمصلحته.
أما الدرس الثاني الذي يجب أن يعيه كل السياسيين أن التغيير سنة الحياة والتغيير الطوعي هو صمام أمان، والاحتكام إلى الصناديق في انتخابات حرة نزيهة تكون أجهزة الدولة فيها علي الحياد الحقيقي بين كافة الأطراف السياسية هو رمز لقوة الدولة وهو الأمر الذي افتقدناه طوال حكم الرئيس مبارك رغم قوة الشخصيات السياسية التي كانت في عهده وخبرة الرجال الذين كانوا حوله في العشرين عاماً الأولي من حكمه إلا أن الإصرار علي الاستحواذ والتحكم أدي في السنوات العشر الأخيرة من حكمه إلى حالة الاحتقان وانتهت بما حدث في يناير 2011 بعد انتخابات برلمانية كان مرشحو الحزب الوطني يزورون ضد بعضهم.
أما الدرس الثالث فكان الرئيس مبارك سباقا في معرفة خطورة النظام التركي علي المنطقة فلم تكن علاقاته جيدة بأردوجان ومجموعته عكس علاقاته مع الحكومات السابقة عليهم، فهو كان يعرف أطماع هذه المجموعة والتي كان يقودها عبد الله جول ورجب طيب أردوجان فهو الوحيد الذي يعلم أن الاثنين تربية جماعة الإخوان الإرهابية ووقف ضد كل محاولاتهم التوسعية والسيطرة علي العالم، لكنه احتفظ في العلاقة معهم علي شعرة معاوية ونفس الأمر كان مع النظام القطري عقب انقلاب حمد علي أبيه.
لذلك لم أصدق ما قاله عبد الله جول مؤخراً عن مصر وضرورة أن يكون هناك علاقات طبيعية مع بلاده فهو وصديقه من صنعا مخطط السيطرة علي المنطقة وهو يحاول الآن مع أحمد داود أوغلو إنقاذ الموقف عقب الانهيارات المتتالية في الاقتصاد التركي وانهيار شعبية الحزب الحاكم فهم أرادوا أن يقدموا بديلًا له من خلال الادعاء الانشقاق عليه، وتكوين أحزاب أخري علي نفس المرجعية مثلما فعلوا بعد حل حزب الرفاة برئاسة أربكان، فالاثنان هاجما أربكان وقاما بتأسيس حزب العدالة والتنمية الحالي بنفس السيناريو الذي يجري الآن.
فالرئيس مبارك سيكون محطة مهمة في تاريخ مصر، وسوف تتكشف في الأيام القادمة أسرار ومعلومات جديدة حول فترة حكمه خاصة أن عددا كبيرا من معاونيه ما زالوا علي قيد الحياة ومن حقنا أن نعلم كيف كان يدير الدولة، ولا نملك إلا أن نترحم علي الرجل وأن ندعو الله أن يجازيه عما أعطي لهذا الوطن وشعبه.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية