كتبت تقول له: طمِّنْ بالَك يا أنت . لا تدعَ أسئلةَ الظنِّ بكَ تَشْطح . ولا تَسمَح لتهويماتِ القلقِ أنْ تنهشَك، أو تَنْطَحْ . ما بَيننا وَقُرَ في القلبِ . وفي العقلِ استقرَّ .
تمَهَّلْ يا صاحِ، وطمِّنْ بالَك . فأنا لنْ أهجرَ ، وأنتَ لنْ تَرحَل . قد تُباعِدُ العواصفُ فيما بينَنا، ولكنْ لنْ تذرونا رِياح .
بِيَقينكَ تَعْلمُ، مُتوالياتَ الصُّدَفِ في حياتي، وتعلمُ أنك لستَ مِنها . مائةُ رجُلٍ وواحدٌ وسبعون، قد تربَّصوا بيَ، حاموا حَوْليَ وهاموا . وأنتَ لستَ مِنهم . فأنتَ مَنِ اقتحمَ عُذريةَ حياتي . وحرَّرَ قلبيَ . ولَمْلَمَ المُبَعْثَرَ مِنْ أوراقِ حُلُمي .
جِئتَ فأحسنتَ سُكنى الروح . وفكَّكْتَ ضفائري . وبَعثرتَ عِطري . شاعراً جئتَ . ومُفكِّرا أتيتَ ساعِيا. مِنْ حينِها ما غَفَونا قبلَ أنْ نُؤجِّجَ المُشتَرَكَ، ونَتَلحَّف مُمْطِرَ الغَيْم .
لسْتَ صُدفةً عجيبةً في حياتي. إنَّكَ حاجةٌ وضرورةٌ، وانتقاءٌ واختيارٌ، فلستَ بِحاجةٍ للرحيل . تَهجَّينا، تَعلَّمْنا ورَتَّلْنا سَوِيَّة أبجدياتَ التجاوزِ، والمُرورِ بجانبِ الألم، والمُضي بعيداً، ساخِرينَ مِنْ جِراحاتِه، دونَ إبقائِها مَفتوحةً مَكشوفة .
تمهَّلْ يا صاحِ، لستُ بحاجةٍ لأن يُخبِرَني أحدٌ، بأنَّك لنْ تَرحل . طُوفْ وِشُوفْ وسَتبقىَ. لَنْ يَملئ موقِعي أحدٌ عندَك . تَربَّعْتُ في قلبِك . سَكنتُ روحَك . ومَنعتُ غيريَ من الدخول، وإنِ اقتربْ. فأنا التوأمُ والقرينُ . بكَ اكتملتُ . ستبقى لأنك شعلةُ الحياةِ الواقية، مِنْ بردِ القحيطِ وانجماداتِه .
طَمِّنْ بالَك، فرغمَ أنفِ عادياتِ الزهايمر سَتَظلَّ، ولنْ تَرْحل . سأظلُّ بانتظارِكَ لتُبدِّدَ خوفيَ، مِنْ وجعٍ شِرير لا يرحم، وجَعٍ مُختلفٍ مثلَ كلِّ مُمَيَّزٍ بيننا . قدَري أنْ أبتسمَ، وأنْ أعانِقَ حَزَني كلَّما أدْمَعتَني يا صاحِ .
اختيارُنا أنْ نحيا معا . فعلى ضفافِنا وما بينها، صُحُفُنا ولفائِفُنا، وخربشاتٌ كثرٌ، ومعلَّقاتٌ طِوال . أحاورُكَ كلَّ يومٍ، لأنكَ أبقَيتَني بعدَ كلِّ غضبٍ أو عتبٍ، حرَّةً نقيةً، تَتهجى الثوابتَ المُشرقةَ، لتبتكرَ أحلاما تتوالدُ بالعشق، تُهَرِّبُها لكَ هالاتا عجائبية .
أيها الرابضُ الخجولُ تمهَّلْ . ستبقى سيدَ العُشقِ أميراً للعُشاق، والأقوى بلا عنجهية. سأقُدَّ قميصَك أيها الشاكي، من قُبُلٍ ومِن دُبُر، ليغدوَ هوايَ بالظن الجميل منسوجا، ويُمسي عُمرا من حنين .
وإلا أعِدْ ليَ جُنونَ شفَتيّ، والمُشاغِبَ من وميضَ عَيْنيَّ، وارحل . وجلالُ ما بيننا، سأبكيكَ مع بردِ هذه الليلة بصمتٍ مُقيم . ومن ثم بالأحمرِ والأخضر والأبيض سأكفِّنُك . وبلا سوادٍ، سأعلن عليكَ حِداداً نبيلا . وعندَ الحديثِ عنكَ، سأتركُ الكلامَ العابرَ، للمُنْهَكِ مِنْ حواسِّيَ، ونَبضِ عقليَ الغافِر، وأبْقي عيونَ القلبِ دائما طازَجة .
الخديجه .
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية