مواقع التواصل الاجتماعي، انشغلت أمس الأول، بصورة وزيرة الصحة، وهى ترتدي كمامة، بطريقة خاطئة، أو بمعنى آخر طريقة غير طبية ولا تحقق الغرض من الكمامة، وكانت الصورة للوزيرة وهى تتابع إجراءات، استقبال العائدين من الصين، لإيداعهم معسكر الحجر الصحي المخصص لهم في مدينة العلمين، للتأكد من خلوهم من فيروس كورونا.
ولمن لم ير الصورة «كانت الوزيرة ترتدي سترة صفراء، مع فريق كبير من رجال الوزارة وقيادات محافظة مطروح، لتفقد إجراءات استقبال المصريين العائدين من الصين وكانت ترتدي كمامة ولكن تحت أنفها ولم تضع الكمامة بشكل صحيح لمنع تنفس الهواء الملوث».
طبعًا الصورة تثير أمرين في غاية الخطورة.. الأول: هو أن انشغالنا بهذا الحجم الُمخيف، بشكل الوزيرة، دون إنفاق وقتنا في معرفة أصل فيروس كورونا، وكيفية الوقاية منه، ودون استغلال وسائل التواصل الاجتماعي، لتحقيق المساندة للعائدين، يعنى أننا مازلنا نستخدم«الميديا» للسخرية في مواضع الجد، وليس للتوعية، وهو ما يعنى أننا سنبقى كمجتمع ننتظر الخطر لنهرب منه دون استعمال الأدوات المتاحة، للاستعداد لمواجهة الضرر حتى لو كان بعيدًا، هناك، وراء البحار والمحيطات.
عمومًا المتحدث باسم وزارة الصحة، تكلم عن سبب ارتداء الوزيرة للكمامة، دون غلقها على أنفها، وأشار إلى أن «الصور لـوزيرة الصحة خلال تفقد المهبط والإجراءات الوقائية قبل وصول طائرة العائدين من الصين».. وهذا يعنى أننا أنفقنا 24 ساعة كاملة نتكلم عن صورة تم التقاطها قبل وصول المشتبه في إصابتهم بالفيروس، وهذا الجدل لا يعفى وزيرة الصحة، التي ظهرت وهى لا ترتدي الكمامة بشكل كامل، رغم أن فريقها المعاون، الذي يظهر معها في الصورة، كان أفراده ملتزمين بالارتداء الصحيح للكمامة، وكان يجب على وزارة الصحة أن ترد فورًا على ما يثار على وسائل التواصل، قبل أن تبدأ الحملة الكبيرة.
الأمر الثاني الذي تثيره الصورة.. هو أن هذا الهجوم، والسخرية من صورة الوزيرة، يفتح بابًا للمناقشة، حول المعالجة الإعلامية لمواجهة الخبر الغير صحيح، والذي ينتشر بسرعة، دون التحكم في قدرته على الانتشار، فهل نمتلك جهازًا، أو جهة ترد مباشرة على الخبر الذي يحتوى على معلومات غير دقيقة، أو يتضمن سوء فهم لهذا المحتوى، أو نوضح بسرعة الخطأ الذي تتضمنه الصورة المتداولة؟ لأن خبر وصورة وزيرة الصحة، الذي تم تداوله، ليس مجرد «نكتة» أو«موقف» ساخر والسلام، ولكنها لقطة بسيطة، تم خلالها إظهار الوزيرة غير مهتمة بالفيروس، ومخاطره، وغير مهتمة بوقاية نفسها منه، في موضع وموقع الوقاية والحجر الصحي على العائدين من الصين، المصدر الرئيسي للفيروس.
وهذه اللقطة، وظهورها بهذا الشكل، يُهدر جهدًا كبيرًا تقوم به الدولة، لحماية المواطنين، والرعايا المصريين، من مخاطر الفيروس، فجاءت الصورة لتقول كلامًا عكسيًا، لتكشف الصورة عن خطأ وقع فيه عناصر عديدة، فقد تحول المشهد من اللقطة الإيجابية إلى السلبية.. فما جري عند التقاط الصورة، أنها أولًا ليست في مكانها، فالمطار ليس هو المكان الذي يرتدى فيه المسئول الكمامة في مكان ليس فيه فيروسًا منتشرًا، بل المكان المناسب هو معسكر الحجر الصحي، وأيضًا، لا الزمان ولا توقيت التقاط الصورة مناسبًا، لأن التوقيت المناسب كان هو لحظة وصول العائدين من الصين، ولحظة وصول القافلة، ومعها الوزيرة، إلى المعسكر، وفى الزمان والمكان المناسبين، كانت الوزيرة سترتدي الكمامة بشكل صحيح.. وهناك مسئول آخر عن هذا الجدل، وهو المُكلف بنشر الصورة، فقد كان يجب عليه اختيار الصورة المناسبة، ولو اكتشف أن هناك خطأ في الصور، كان يجب أن يطلب صورًا أخرى تمنع الجدل.
طبعًا هناك مسئول آخر.. ففي واقعة «كمامة» الوزيرة، قام المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة بالرد، ولكن الرد جاء بعد ساعات طويلة، مما ساعد على انتشار الصورة بخطوات متسارعة، وجاء رد المتحدث عندما تم طرح السؤال عليه من الإعلامية عزة مصطفى، ببرنامج صالة التحرير على قناة صدى البلد، وكان يجب أن يكون هناك جهاز معاون للمتحدث، من خبراء مواقع التواصل، لمساعدته في البحث عما يثار عن الوزارة لحظة بلحظة.
كل جهود الدولة المبذولة لحماية مواطنيها، من خطر انتشار فيروس كورونا، وحماية رعاياها في الخارج من الإصابة، كادت تضيع بسبب صورة خاطئة، أرجوكم أعطوا العيش لخبازه، والإعلام لأصحابه!
tarektohamy@alwafd.org
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية