مرة بعد أخرى، تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي وأذرعها الأمنية والعسكرية و«القانونية» خداع الرأي العام العالمي، بدعايتها المضللة، مستهدفة بها الفلسطينيين، وتنتهك بها حقوق الأسرى الفلسطينيين، عبر تسويق مصطلحات غير صحيحة.
وآخر تلك المصطلحات التي يحاول الاحتلال إضفاء «الصبغة القانونية» عليها مصطلح«مقاتل غير شرعي»، الذي يسعى لتطبيقه على الشباب الفلسطيني الذي ضاق به الحال وحاصره الاحتلال عشرات السنوات، فلم يجد إلا محاولة التسلل نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م للعمل فيها.
مقاتل غير شرعي
وقرر وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، تطبيق قانون «المقاتل غير الشرعي» على الفلسطينيين الذين يتسللون من قطاع غزة إلى أراضي الداخل المحتل، وإبقاءهم رهن الاعتقال دون محاكمة، وفق صحيفة هآرتس الإسرائيلية. وذكرت الصحيفة أنه من وجهة نظر بينيت، فإن “هذا سيزيد من عدد سكان غزة المعتقلين، وأنهم سيشكلون ورقة مساومة في المفاوضات المستقبلية من أجل عودة الجنود الأسرى لدى حماس”، وفق زعمه. مدير مكتب إعلام الأسرى ناهد الفاخوري، أوضح أن الاحتلال الإسرائيلي حاول استخدام مصطلح«مقاتلين غير شرعيين» مع عدد من أسرى قطاع غزة بعد انقضاء محكومياتهم، مشيرا إلى أنه لم يطلق سراحهم، وأحالهم للاعتقال مجددا تحت مسمى «مقاتل غير شرعي».
وقال الفاخوري في تصريح إعلامي: «استخدام الاحتلال نفس المسمى «مقاتل غير شرعي» في هذه المرحلة، محاولة منه لإيجاد «مسوغ قانوني» يتذرع به لاحتجاز الأسرى المتسللين من قطاع غزة على غرار الاعتقال الإداري». وأضاف:«يعتقد الاحتلال أنه يستطيع الضغط على المقاومة من خلال احتجاز أكبر عدد ممكن من أسرى القطاع لكنه لن ينجح».
يشار إلى أن هذا القانون«المخالف لقواعد القانون الدولي»طبقه الاحتلال على معتقلي قطاع غزة في أعقاب اندحار الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، سبتمبر/أيلول 2005م، كما استخدمته لاحقا في أعقاب عدوان 2008م، حيث أبقى العديد من المواطنين معتقلين لمدد غير محددة، بما في ذلك عدم الإفراج عن معتقلين انتهت أحكامهم.
جرائم صهيونية
بدوره، وصف الأسير المحرر والباحث المختص بشؤون الأسرى عبد الناصر فروانة، عزم الاحتلال تطبيق هذا القرار بحق متسللي قطاع غزة بـ«الجريمة المركبة» التي ينتهك بها الاحتلال القانون الدولي ويفضح جرائمه بحق الأسرى. وقال فروانة في حديث لـ«المركز الفلسطيني للإعلام»: إن «محاولات الاحتلال استخدام المعتقلين المتسللين من قطاع غزة نحو الداخل المحتل كورقة مساومة مع المقاومة الفلسطينية هي جريمة مركبة بحق مدنيين عزل يبحثون عن لقمة عيشهم». وأضاف: «هذه القرارات والإجراءات الاحتلالية تحدٍّ صارخ للقانون الدولي وفاضحة للاحتلال الإسرائيلي وسلطاته”، موضحاً أن الاحتلال استخدم جثامين شهداء مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار عن قطاع غزة وآخرين من غزة كورقة مساومة للمقاومة الفلسطينية. وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي ووزير حربه نفتالي بينيت يخدع الرأي العام العالمي بتقديم رؤية لهم أنه «كان يطبق الاتفاقيات والمواثيق الدولية بحق المعتقلين الفلسطينيين والمتسللين من قطاع غزة إلى الداخل المحتل الفلسطيني»، مشدداً أن الاحتلال يمارس التعذيب والانتهاكات المختلفة بحق الأسرى وينتهك حقوقهم المشروعة.
وأوضح فروانة أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقل خلال عام 2019 من قطاع غزة 134 مواطناً، منهم 84 مواطناً بعد اجتيازهم للحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة. وأوضح أن 13 حالة اعتقال كانت عبر حاجز «بيت حانون- إيرز»، و37 مواطناً اعتقلوا في عرض البحر وهم من العاملين في مهنة الصيد. وحذر المختص في شؤون الأسرى أن الاحتلال ووزير حربه نفتالي بينيت يسعون إلى «إسقاط الحقوق المشروعة للمعتقلين المتسللين»، محملاً إياهم المسؤولية الكاملة عن ذلك وخداعهم وتضليل الرأي العام عبر تشويه الحقائق وتسويق دعاية إسرائيلية كاذبة.
وأقرت (إسرائيل) قانون «المقاتل غير الشرعي» عام 2002، والذي يعرّف بـ«المقاتل غير الشرعي»أنه«الشخص الذي شارك في الأعمال العدائية ضد (إسرائيل)، مباشرة أو غير مباشرة، أو هو عضو في مجموعة تعمل ضد (إسرائيل)، حيث لا تستوفي الشروط التي تمنحه وضع أسير حرب، لأنه لا ينتمي إلى جيش دولة أو منظمة محاربة تنطبق عليها اتفاقية جنيف الدولية”. ووفقا للقانون، فإن “جندياً في الجيش هو الذي يحدد ما إذا كان شخصاً “مقاتلاً غير قانوني”، ويؤمر بسجنه أسبوعًا دون أمر قضائي، ودون السماح له بمقابلة المحامي، ولأن «المقاتل غير شرعي» من شأنه أن يعرّض أمن (إسرائيل) للخطر فإنه يمكن إصدار حكم بالسجن 14 يوما بعد منح المعتقل الفرصة للترافع مع المقدم أو الضابط”. كما يجب «تقديم المعتقل مرة كل 6 أشهر من تاريخ الاعتقال إلى قاضي المقاطعة، ويطلَق سراحه فقط عندما يصبح رئيس أركان الجيش أو المحكمة مقتنعا أن أسباب اعتقاله لم تعد قائمة».
149 شهيدا
من جانب آخر أفاد التجمع الوطني لأسر شهداء فلسطين أن عدد الشهداء الفلسطينيين الذين ارتقوا خلال عام 2019 نتيجة لإطلاق النار وقصف الطيران من الاحتلال الإسرائيلي، هو149 شهيدا في مختلف محافظات فلسطين، 74% منهم من محافظات غزة. وقال الأمين العام للتجمع محمد صبيحات، في بيان: إن عدد الشهداء الأطفال بلغ 33 شهيدًا (أي بنسبة 23% تقريباً، وبزيادة بلغت 5% مقارنة مع العام الماضي). و جدير بالتنويه أن عدد الشهداء في السنوات الخمس الماضية بلغ 806 شهيدا، بمعدل 161 شهيدا في السنة الواحدة. علما أن رصاص الاحتلال لم يسلم منه لا الشيوخ ولا الإناث و لا الأطفال، فيما توجه الجزء الأكبر من رصاص الاحتلال نحو صدور الشباب الفلسطيني، في سن 22 سنة. كما لم تنج النساء المتزوجات و الأجنّة من غدر رصاص الاحتلال. فالأرقام تثبت أنّهنّ مثلن نسبة مهمة من شهداء السنة التي انقضت. و تشير التقارير إلى أنّ شهر أكتوبر من السنة التي انقضت كان الشهر الأكثر دموية، حيث سقط 44 شهيدا، أغلبهم في قطاع غزّة. علما أن القطاع، استأثر بالنصيب الأوفر من عدد الشهداء حيث سقط 132 شهيدا على مدار السنة أغلبهم في مواجهات مباشرة مع الاحتلال في أسابيع تظاهرات جمعة العودة.
t – F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية