أوروبا تنافق تركيا .. هذا هو خلاصة التعامل الأوروبي مع الأزمة الليبية.. وأقصد هنا بأوروبا كلا من دول حوض المتوسط من الشمال وألمانيا وروسيا فهم يحاولون إيجاد موضع قدم لتركيا في الأزمة الليبية رغم أنه ليس لها ناقة ولا جمل فيها.
فألمانيا تصر على دعوة تركيا لمؤتمر الأحد وتتجاهل دول جوار مثل تونس وتشاد ولا أعرف علاقة تركيا بالأزمة الليبية وهى شأن داخلى بحت لكن أوروبا تريد إدخال تركيا كطرف في الأزمة لعلها تتقى شرها.
فألمانيا من الدول التي تنافق تركيا على طول الخط.. وتخشى من تهديدات الرئيس التركي الدائمة باستخدام اللاجئين الأتراك الموجودين على أراضيها وأعضاء جماعة الإخوان الإهاربية الموجودين منذ أكثر من 50 عاماً هناك كملاذ آمن لهم ولا ننسى موقف الحكومة الألمانية من ثورة 30 يونيو ودعمها المباشر لجماعة الإخوان وفتحت لهم أبواب الدخول إليها على مصراعيها وتجاهل الملايين التي خرجت إلى الشوارع.
وألمانيا من الدول التي ترفض وتقف إمام اعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية وهى اقل الدول الأوروبية إدانة للإرهاب والعنف في العالم بل تفتح مواقعها الحكومية لأعضاء التنظيمات الإرهابية يعملون بها بسهولة ويسر بل ويؤثرون في القرار السياسي الألماني حتى الدواعش يجدون فيها ملاذا آمنا لهم فيها.
لذا الدعوة الألمانية هي جزء من خطة تمكين تركيا في ليبيا بعد أن فشلت الخطة الروسية الخبيثة في تقنين التواجد التركي على الأراضي الليبية وجاء الدور الألماني الذي سيبدأ بعد غدٍ في مسلسل هزلي جديد لإطالة أمد الأزمة للحصول على مزيد من ثروات الشعب الليبي من قادة الوفاق الوطني الفاسدين الذين يهدرون الملايين في دعم الميليشيات الإرهابية.
فمؤتمر الأحد هو محاولة جديدة لإعطاء الفرصة للميليشيات المسلحة في الغرب الليبي من التقاط أنفاسها وإعادة ترتيب أوراقها ووصول المدد من تركيا والجماعات الدينية الأخرى في دول المغرب العربي وأوروبا وهو ما أعلن عنه صراحة الرئيس التركي يوم الخميس بأن قواته تنتشر على الأراضي الليبية أي قبل انعقاد المؤتمر بأربعة أيام ولم تعقب الإدارة الألمانية على هذه التصريحات.
الأزمة الليبية هي أزمة داخلية ويجب أن يقوم بحلها أبناء ليبيا الشرفاء برعاية من الأمم المتحدة وجيرانها فقط لا غير وليس من أطراف بعيدة مكانيا وسياسياً فطريقة الرئيس التركي في ابتزاز الغرب والتلويح دائماً بسلاح المهاجرين وفتح الحدود أرغمت أوروبا على الخضوع له وقدمت له مليارات اليوروهات يحاول تطبيقها في الأزمة الليبية وهى المحاولة التي يجب الرد عليها بقوة وعنف إن استلزم الأمر من دول الجوار الليبي.
الكرة الآن في ملعب الليبيين أنفسهم وعلى سكان طرابلس أن يكون لهم دور في الأزمة بالثورة على الميليشيات المسلحة وعلى رؤوس التطرف الذين يريدون تحويل العاصمة الجميلة إلى ولاية داعشية مثلما حدث في العراق وسوريا وعليهم أن لا يسحموا لهذا الأمر أن يتم، فثورتهم هذه المرة ستجد من يدعمها من جيش وطني قوى ومن دول جوار تريد الأمن والأمان لهذه الدولة المحورية التي تعد البعد الاستراتيجي للأمن القومي العربي.
أما حكامنا فعليهم أن يتعاملوا مع دول أوروبا بنفس طريقة أردوجان وهى الهجوم المستمر عليهم وابتزازهم وتهديدهم خاصة ونحن لدينا قوى داخل هذه البلدان أكبر من القوى التركية الموجودة لديهم.. قليل من التنظيم يمكننا أن نتحكم في القرار الأوروبي مثلما يتحكم تنظيم الإخوان وأرد وجان وإيران في القرار.
فمؤتمر الأحد سيكون مصيره الفشل بعد أن يستفيد منه الجماعات المسلحة في إعادة ترتيب نفسها على الأرض بعد وصول الدعم التركي إلى ميليشيات الوفاق وسوف يكونون هم أول المبادرين بفض الهدنة وهى للأسف خطة قديمة لكن الجيش الليبي وقع فيها بقبوله الهدنة الروسية التي لم تكن في يوم من الأيام وسيطا نزيها في النزاعات العربية منذ عام 1971.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية