الطفرة التي حققها الاقتصاد التركي، خلال السنوات القليلة الماضية، في وقت عانت فيه الاقتصادات الكبرى من أزمات خانقة، دفعت كثيراً من الاستثمارات العربية وخاصةً الخليجية إلى الانتقال والبدء في وجهة جديدة تمثلت في دولة ذات قواسم مشتركة معها.
فخلال السنوات القليلة الماضية تمكنت تركيا من دخول نادي “العشرين الكبار”، لتصبح في المركز الـ18 عالمياً من حيث حجم اقتصادها، وذلك بعد أن سجلت نسب نمو مرتفعة شجعت المستثمرين على خوض تجاربهم في الساحة التركية.
وبالرغم من الحالة الضبابية التي تخيم على الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة؛ بسبب توتر الأوضاع الأمنية على حدودها، وعدم وضوح المشهد السياسي الداخلي، إلا أن قطاع العقارات لا يزال يشهد إقبالاً كبيراً من المستثمرين خصوصاً العرب.
وذكرت وكالة أنباء “جيهان” التركية، في تقرير لها، أنه عند النظر إلى مؤشر المستثمرين الأجانب في قطاع العقارات في تركيا خلال الربعين الأول والثاني من العام، فإن المستثمرين السعوديين يستحوذون على المساحة الأكبر بألف و115 شخصاً على مساحة 824 ألف متر مربع.
خبراء أكدوا، كذلك، أن الاستثمار العقاري في تركيات يشهد ارتفاعاً يتراوح بين 15% و30% بصفة سنوية على الأقل، حيث يأتي بعد إصدار تركيا قانوناً عقارياً منذ بضع سنوات يتيح للأجانب تملك الشقق السكنية والعقارات بالكامل بشكل حر، دون شرط الإقامة، ما دفع كثيرين إلى خوض غمار الاستثمار.
الانفتاح الذي قامت به تركيا سارع من وتيرة تنافس المستثمرين، سواء كانوا عرباً أم أجانب، حيث تشير التقديرات التركية إلى أن القطاع الاستثماري استقطب نحو 35 ألف مستثمر بريطاني.
وبحسب مؤشر “نايت فرانك الدولي”، فإن تركيا تعد الآن من بين أكبر 10 أسواق عالمية في نمو أسعار العقار، في حين صنفت شركة “أرنست آند يونج” العقارية تركيا في المركز الثاني من بين الأسواق الأكثر جاذبية في العالم.
-الخليج يقتحم سوق العقاري التركي
وفقاً لما ذكره الملتقى الخليجي التركي الأول للاستثمار والتطوير العقاري في إسطنبول، فإن الاستثمار بين الخليج وتركيا يتجاوز 175 مليار دولار، بالإضافة إلى أن 350 من رجال أعمال ومستثمرين ومحللين عقاريين بدؤوا بالفعل في الاستثمار العقاري بتركيا.
وعلى الصعيد ذاته، أعلن الملتقى عن أول محفظة استثمارية خليجية تركية في المجال العقاري، بلغ رأس مالها 150 مليون دولار.
وأشار إلى أن السعودية تستحوذ على 68% من حجم الاستثمار الخليجي في تركيا من أصل 175 مليار دولار.
من جانبه، قال مدير معهد قانون حماية المستهلك التركي، هاكان توكباش: إنه “من المتوقع أن تشهد الاستثمارات العربية في قطاع العقارات التركي، زيادة مقدارها 6 مليارات دولار خلال 2015″، مضيفاً: أنه “من المنتظر أن يصل عدد العقارات التي سيشتريها المستثمرون العرب نحو 20 ألف وحدة سكنية، بحسب الدراسات والتوقعات التي أجرتها لجنة المستثمرين العقاريين العرب التي تم تأسيسها داخل المعهد”.
– السعوديون والكويتيون من أكبر المستثمرين
المستثمرون السعوديون تصدروا قائمة الاستثمار الأجنبي في مجال العقارات بتركيا، حيث بلغ إجمالي مساحة ما اشتراه السعوديون من عقارات 910 آلاف متر مربع، في حين شهدت الأشهر الخمسة الأولى من 2015 إقبالاً كبيراً من قِبل الخليجيين على شراء المنازل والعقارات في تركيا، فبلغت حصة الخليجيين من إجمالي المساحة التي اشتراها الأجانب بتركيا 1.9 مليون متر مربع.
وأدى التنافس في الاستثمار العقاري بين المستثمرين العرب والأجانب إلى زيادة في نسبة المبيعات بنحو 84% في 2015، مقارنة بالعام الماضي.
يشار إلى أن نحو 320 شركة عقارية ذات رأسمال سعودي تعمل في تركيا، وأن إجمالي الاستثمارات السعودية التي اتجهت إلى تركيا في الفترة من 2002 إلى 2012 بلغت أكثر من 1.6 مليار دولار، في الوقت الذي استقبلت فيه تركيا استثمارات دولية مباشرة بقيمة 125 مليار دولار كان نصيب المملكة العربية السعودية وحدها منها 1.3%.
– شراسة المنافسة
أشارت وكالة الأنباء التركية “جيهان” إلى أن السعودية تصدرت الاستثمار العقاري في تركيا، تليها ألمانيا بألفين و680 مستثمراً بمساحة 780 ألف متر مربع، ثم بريطانيا بألف و254 شخصاً وبمساحة 446 ألف متر مربع، ودولة الكويت بألف و589 شخصاً بمساحة 340 ألف متر مربع.
وأوضحت أن مدينة (موغلا) المطلة على البحر المتوسط جنوب غرب تركيا من أكثر المدن استقطاباً للمستثمرين الأجانب خاصة العرب، مشيرة إلى أن ثلاثة آلاف و357 شخصاً اشتروا وحدات سكنية، بمساحة إجمالية 498 ألف متر مربع في النصف الأول من 2015.
واحتلت مدينة إسطنبول المرتبة الثانية بين المدن التركية الأكثر ترجيحاً للاستثمار العقاري من قبل المستثمرين الأجانب، من خلال ثلاثة آلاف و552 شخصاً بمساحة 479 ألف متر مربع، تلتها مدينة أنطاليا بألفين و923 شخصاً على مساحة 370 ألف متر.