تسارعت وتيرة الأحداث بشأن ليبيا في الأيام القليلة الماضية بشكل ملفت ومخيف، بعد أن التقى فايز السراج رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها للمرة الثانية مع الرئيس التركي رجب أردوغان في مدة لا تتجاوز 15 يوماً.
واضح أن اللقاء الثاني كان بهدف ترتيب دخول القوات التركية إلى ليبيا وإنشاء قاعدة عسكرية تركية على الأراضي الليبية، حيث أقرت لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان التركي إرسال قوات تركية إلى ليبيا في اليوم التالي مباشرة للقاء السراج وأردوغان، وبما يؤكد عزم السراج وأردوغان على العبث بالدولة الليبية ومقدرات الشعب الليبي، وإشعال فتيل حرب جديدة بالمنطقة ربما تطال عدة دول وتكون نتيجتها كارثية على الدولة الليبية والشعب الليبي وتنتهي بتقسيم ليبيا إلى دولتين أو أكثر.
واضح أن العبث التركي بليبيا يحدث بطريقة ممنهجة وبتوجيهات دولية على غرار ما حدث في العراق وسوريا عندما تم نقل الجماعات الإرهابية من أفغانستان وغيرها من الدول إلى العراق بعد غزوها أمريكياً وإسقاط الجيش العراقي لتتحول إلى حضانة للجماعات الإرهابية تحت مسمى الدولة الإسلامية في العراق وسوريا، وعندما رفضت الدول العربية والإسلامية هذا المسمى أصبح الاسم المتداول هو داعش التي كانت بمثابة الفرخة التي تبيض ذهباً لتركيا وحلفائها، بعد أن استولت على الثروات البترولية والأثرية وغيرها وكانت تهرب عن طريق تركيا في مقابل إمداد تركيا وحلفائها لهذه الجماعات بالسلاح ووسائل التكنولوجيا الحديثة، وبعد أن تم استنزاف موارد العراق وسوريا وتكشف المؤامرة، أصبح مطلوباً مسرح بديل لاحتضان هذه الجماعات.
مؤكد أن ظروف ليبيا تختلف عن العراق وسوريا من حيث المساحة وعدد السكان وأيضاً العمق الجغرافي على إفريقيا، وجميعها أمور تصب في صالح الجماعات الإرهابية، وتطيل من أمد الحرب على الأراضي الليبية، وربما لا تنتهي إلا بتقسيم ليبيا إلى دولتين أو أكثر، وتتحول ليبيا إلى قضية فلسطينية جديدة إحداهما تحاول بناء الدول الليبية الوطنية والأخرى تضم جماعة الإخوان المسلمين ومعها كل الجماعات المتطرفة والإرهابية تحت الحماية والدعم التركي والقطري، والأخرى تحاول استعادة كامل التراب الليبي.
هذا هو السيناريو التي تحاول تركيا تنفيذه بشكل متسارع الآن بناء على مذكرة التفاهم التي وقعها السراج وأردوغان، وموافقة لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان التركي منذ عدة أيام على إرسال قوات تركية إلى الأراضي الليبية.. ومع أن البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح المنتخب شرعياً من الشعب الليبي، قد أعلن عن انعدام شرعية هذا الاتفاق وانتهاء فترة حكومة السراج، إلا أننا نلحظ عدم اكتراث تركيا وبعض القوى بقرارات البرلمان الليبي والاستمرار في فرض واقع جديد على ليبيا بقوة السلاح لشرعنة وجود الجماعات الإرهابية على الأراضي الليبية، وتحويلها إلى حضانة لباقي الجماعات التي مازالت على الأراضي العراقية والسورية وتبحث عن مكان إيواء جديد لها.
من هنا أصبح الأمن القومي المصري مهدداً بشكل مباشر من تركيا وكل الجماعات الإرهابية التي ترعاها على الحدود المصرية التي تمتد لأكثر من ألف كيلو متر.. ومن هنا أصبح لزاماً على مصر أن تتحرك لوقف العبث على الأراضي الليبية التي تشكل عمقاً للأراضي المصرية.. ومن هنا أصبح لزاما على تونس والجزائر التحرك والتنسيق مع مصر لأنهما ترتبطان بحدود مع الدولة الليبية التي تتعرض للتمزق والاحتلال التركي بشكل واضح وسافر، مؤكداً أن كل فوضى إرهابية في ليبيا سوف تؤثر على كل دول الجوار.. أيضاً يجب على جامعة الدول العربية أن تتحرك وتدعو إلى اجتماع عاجل على مستوى الرؤساء على اعتبار أن دخول قوات تركية إلى الأراضي الليبية يشكل احتلالاً صريحاً بعد إعلان البرلمان الليبي المنتخب رفض إجراءات السراج.. لقد حانت اللحظة للتعامل بمسئولية لوقف العبث في ليبيا وتطهيرها من الإرهابيين والخونة والعملاء وإعادة بناء كل مؤسسات الدولة الليبية، حتى ينعم الشعب الليبي بالاستقرار وإعادة بناء دولته واستغلال ثرواته في التنمية والحداثة والتحضر.
نائب رئيس الوفد
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوكوتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية