نون والقلم

عبد العزيز النحاس يكتب: العبور الجديد إلى سيناء

توقفت أمس الأول أمام عدة مشاهد هامة خلال افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسى عدداً من المشروعات بمنطقتي بورسعيد وشمال سيناء.. صحيح أن كل المشروعات التي أنجزتها الحكومة لها أهميتها وتضاف  إلى رصيد الدولة المصرية، وتعزز الخدمات التي يحتاجها المواطن وتفتح المزيد من فرص العمل للشباب المصري وتساهم في عملية التنمية.. ولكن المشهد الذي يستحق أن نتوقف أمامه كان افتتاح أنفاق «3 يوليو» أسفل قناة السويس بين بورسعيد وشمال سيناء، وتأتى أهمية هذه الأنفاق من الناحية الإستراتيجية في إعادة ربط سيناء فعلياً مع مدن غرب القناة والدلتا بشكل عام بعد أن انعزلت سيناء عن باقي الوطن لمدة حوالي «150 عاماً» هي عمر حفر قناة  السويس، الأمر الذي جعل سيناء مطمعاً في أوقات كثيرة حتى قبل حفر قناة السويس ووجود الكيان الصهيوني على حدودها الشرقية.

فعلياً فشلت كل خطط التنمية الحقيقية على أرض سيناء منذ تحريرها بعد  حرب أكتوبر المجيدة، ولم تحقق المستهدف رغم  تكرار المحاولات ورغم إعلان حكومات متعددة عن تنمية سيناء، لأسباب كان أهمها انعزال سيناء عن الوطن الأم والثاني هي المساحة الشاسعة لسيناء، وربما لا يدرى البعض أن مساحة سيناء «62» ألف  كيلو متر مربع وهى مساحة أكبر من مساحة فلسطين وإسرائيل ولبنان مجتمعة، ولن تنجح خطط التنمية بها إلا بربطها بشبكة طرق مع مدن القناة والدلتا حتى يتمكن المواطن المصري من  حرية التنقل إليها أو الاستثمار بها والإقامة بها مثلها مثل أي مدينة مصرية أخرى.

من هنا بعد افتتاح أنفاق «3 يوليو» وقبلها أنفاق الإسماعيلية، ثم النفق الذي يجرى إنشاؤه في السويس هي البداية الحقيقية لإعادة سيناء إلى حضن الوطن واستغلال مواردها وكنوزها في تنمية حقيقية.. وكلنا يعلم أن سيناء يمكن أن تنقل مصر نقلة تنموية حقيقية لما بها من كنوز سياحية بدءاً من الوادي المقدس ودير سانت  كاترين ومروراً برحلة العائلة المقدسة وانتهاء بشواطئها الخلابة وشعابها المرجانية، ثم كنوزها البترولية ورمالها ومحاجرها التي تضم أفضل أنواع الرخام والجرانيت عالمياً، إضافة إلى مساحات كبيرة صالحة للزراعة، وجميعها موارد تشكل بنية أساسية لمجتمع تنموي جديد يستوعب عشرات الملايين من المصريين، إضافة إلى جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات الخارجية بعد الانتهاء من مشروعات البنية التحتية شرق قناة السويس، لذلك يستمر مشهد افتتاح الأنفاق في الذهن هو العبور الحقيقي لقناة السويس والبداية الحقيقية للتنمية المستدامة في سيناء، واختفاء ودحر الإرهاب إلى الأبد استناداً إلى القاعدة الراسخة ـ إذا  حضرت التنمية غاب الإرهاب والعنف من المجتمع.

ثم كان المشهد الثاني الذي يستحق أن نقف أمامه وهو وقوف الرئيس عبدالفتاح السيسى مع عدد من الزملاء الصحفيين والإعلاميين للحديث عن تلك المشروعات، ومطالبة الرئيس الإعلام بدعم الدولة في المشروعات التي تقدمها والجهود التي تبذلها الحكومة وهى حق مشروع وواجب على شتى وسائل الإعلام أن تقوموا به في دعم الدولة الوطنية المصرية.. والحقيقة أن هذا المشهد هو من المشاهد القليلة في علاقة الرئيس مع الإعلام، وربما يكون بداية جديدة للعلاقة مع الصحفيين والإعلاميين ورسالة واضحة من رئيس الدولة عن تقديره لدور الإعلام، وأتمنى أن تتكرر لقاءات الرئيس مع الصحفيين والإعلاميين سواء كانت في شكل جلسات بالرئاسة أو أثناء الجولات وافتتاح بعض المشروعات، لأنه أمر يصب في النهاية في صالح الدولة المصرية على شتى المستويات ويعمق العلاقة بين السلطة التنفيذية والإعلام، ويزيل كل لبس حدث في الفترة الماضية بعد أن عبث بعض الهواة في الملف الإعلامي وفقد الإعلام المصري جزءا كبيرا من قدراته رغم أنه كان أحد أسلحة الدولة في مواجهة الغزو الإعلامي الخارجي، وأيضاً أحد أهم أسلحة مواجهة حروب الجيل الرابع.. وللأمانة والصدق مع الذات إذا كان هناك من حسنات لنظام الرئيس مبارك فإن إحداها كان علاقته مع الإعلام، وكنا فى لقاءاتنا معه المتعددة والمتكررة نتناقش معه بحرية تامة في شتى الأمور وكنا نتهم بعض المسئولين أمامه بالفشل أو التقصير والإهمال دون حساسية أو غضب وضجر، لأننا جميعاً فى النهاية نبتغى مصلحة الوطن.

نائب رئيس جزب الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

  tF اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى