الأخباردوشة فنية

حنان أبو الضياء تكتب: المواجهة الدرامية بين ممالك النار وفتح 1453

ضربة درامية  قوية وموجعة وجهتها الحلقة الأولى من مسلسل ممالك النار إلى الدراما التركية التي صرفت الملايين في السنوات الماضية في إنتاج عملين عن سفاحهم المدعو السلطان محمد الفاتح.

الأول فيلم كارتون  والثاني فيلم درامي عرض في جميع أنحاء العالم وفى مصر والعالم العربي؛ والمؤسف أن الأكاذيب التركية أفترت حتى على رسول بادعاء أن النبي محمد بن عبد الله تحدث عن أمير من أفضل أمراء العالم، وأنه هو من سيفتح القسطنطينية ويُدخلها ضمن الدولة الإسلامية، واستكملوا الأكذوبة بأن فريقٌ من شرّاح الحديث قالوا إن هذا الشخص هو محمد الفاتح، رغم أن  هناك من يؤكد أن المراد بالحديث هو فتح القسطنطينية في آخر الزمان قبل خروج المسيح الدجال مباشرة، وقد ورد في مسند أحمد بن حنبل في الحديث رقم 18189:((محمد الفاتح حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ حَدّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَعَافِرِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بِشْرٍ الْخَثْعَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ)).

والمثير للدهشة أن الفيلم عُرض على أردوغان في بيته الشخصي قبل أن يعرض في السينما؛ مما يؤكد أن الأمر يتجاوز الدراما!

والرائع أن الحلقة الأولى من مسلسل «ممالك النار»،من تأليف محمد سليمان عبد الملك؛ سردت تاريخ السلطان العثماني محمد الفاتح، وقال الراوي: «وصل السلطان العثماني محمد الفاتح إلى الحكم، بعد تصارع مع 3 ملوك، ثم أمر بقتل أخيه أحمد الذي كان يبلغ من العمر 6 أشهر فقط؛ خوفًا من أن يكبر، وينافسه على العرش، ثم سنّ قانونًا يجيز للسلطان أن يقتل إخوته للوصول إلى الحكم؛ وبالتالي من المستحيل أن يقول قاتل أخوته هو ما أشار إليه الحديث.

والعجيب أن الفيلم ضحي بالواقع التاريخي من أجل اعتبارات سياسية؛ والمؤرخون ينتقدون المشهد الذي يأمر الإمبراطور البيزنطي بإخراج قواته العسكرية من حصون المدينة لمواجهة العثمانيين. فيقول كورت «إن إخراج الجيش للمواجهة لهو أمر سخيف بمدينة كانت في موقع الدفاع. هي لم تكن تملك القوة لتقوم بذلك…».

 ومن المعروف أن فيلم فتح 1453 (Fetih 1453) والذي عرض في النسخة العربية باسم «السلطان الفاتح»، فيلم سينمائي أخرجه المنتج والمخرج التركي فاروق آكسوي يحكي قصة فتح القسطنطينية في عهد العثمانيين بقيادة السلطان محمد الفاتح،هذا الفيلم أنتاج تركي ضخم حيث تكلف ما يقارب 18 مليون دولار أميركي واستغرق تصويره مدة 3 سنوات، وفى البداية اتخذ الفيلم  شكلاً روحانياً عبر حوار الصحابي الجليل أبو أيوب الأنصاري مع رسول الله عليه الصلاة والسلام الذي لم يظهر متجسداً على الشاشة، ثم نقله لحديث الرسول عن فتح القسطنطينية إلى المسلمين، والفيلم تقليد واضح للأفلام الحربية التاريخية الأميركية؛ وخاصة فيلمي «جلادييتور» و«ماتريكس».

وقام المخرج آكسوي عن عمد بإسقاط بعض المعلومات التاريخية، وحاول عن طريق القصص الدرامية المؤثرة عن علاقة محمد الفاتح بولده، وكذلك علاقة الحب بين المقاتل حسن أولباتلي وابنة صانع المدافع أوربان المجري، وطريقه استشهاده بعد سقوط المدينة أن يجعل معه إنسان خارج الوصف .

وبالطبع جذب في تركيا وحدها أكثر من 6 ملايين مشاهد، بالإضافة لنجاحه في مختلف بلدان العالم خاصة ألمانيا وكوسوفو وأميركا التي تتواجد فيها جاليات تركية.

ويركز الفيلم على أن فتح القسطنطينية أكبر مسألة تشغل بال السلطان، أما الذين كانوا حوله وبخاصة الصدر الأعظم متشائمين من طموحه وينصحونه بعدم خوض المعركة. مع هذا والسلطان كان عازماً على تنفيذ مخططه بقوله: «إما أن آخذ القسطنطينية وإما أن تأخذني هي».

الإمبراطور البيزنطي بعدما أدرك خطورة الوضع، طلب المساعدات من مختلف الدول والمدن الأوروبية خاصة البابا – زعيم المذهب الكاثوليكي – في الوقت الذي كانت القسطنطينية بكنائسها وقادتها تابعة للكنيسة الأرثوذكسية وكان بينهما عداء شديد. إما عمل الإمبراطور أغضب جمهور الأرثوذكس وجعلهم يقومون بأعمال مضادة لقراره.

وأستكمل الفيلم بقصص وهمية عن «أولوباتلي حسن» كان من أهم قادة جيش العثمانيين في معركتهم ضد الروم. هذا القائد في أثناء الفيلم يعشق بنت مهندس المدفعيات «أوربان» وهو المهندس المَجَري في صناعة المدفعيات يعصي أوامر الإمبراطور البيزنطي بتقديم المعونة لجيشه في الدفاع عن القسطنطينية ولنجاة نفسه وبمساعدة العسكريين العثمانيين يلجئ مع ابنته إلى السلطان محمد الفاتح ويتولى إدارة صناعة «المدفع السلطاني» لجيش المسلمين وهنا بنت «أوربان» تتزوج مع عاشقها «أولوباتلي حسن»، يذكر أن البنت ليست البنت الحقيقية لاوربان، بل من أصول مسلمة وفقدت أمها وأباها في هجوم النصارى على قريتهم و«أوربان» يشتريها ويأخذها في بيته ويتولى أمر تربيتها. وهى قصة عشق لها أصل في تاريخ فتح القسطنطينية.

في 6 فبراير 1453 يتجه السلطان محمد الفاتح مع جيشه الوفير والمدافع الضخمة التي صنعها «أوربان» إلى القسطنطينية، بدأت المعركة وهجم جيش المسلمين على المدينة، في المقابل دافع الجيش البيزنطي بكل قوته ولم يسمح لخصمه أن يخرق السور، فقاوم أمام السهام والمدافع والمشاة وبادلهم بالسهام والنار حتى أجبرهم على الرجوع.

حاصر الجيش العثماني المدينة بوضع خيّم أمام سور القسطنطينية وأعاد الهجوم في الأيام الأخرى إلى عدة مرات من دون تحقيق أي نجاح أو تقدم. من جهة أخرى السفن الحربية التي هاجمت المدينة خسرت المعركة وكثير منها أحرقت أو أغرقت في الماء. أما هذه المعارك فقد تجاوزت أربعين يوماً، فارتفعت الروح المعنوية للمدافعين عن المدينة وفي المقابل فقد جيش العثماني والسلطان نفسه معنوياتهم إلى حد كثير، حتى جعلت السلطان في حالة اليأس في خيمته لا يزور أحداً ولا يسمح لأحد بالدخول.

أتوا بالشيخ «آق شمس الدين» للسلطان بعد يومين من حبس نفسه في الخيمة من شدة الغضب واليأس، فأوصى الشيخ السلطان بالصبر والثبات وأراد منه أن يكمل طريقه في فتح القسطنطينية بقوله «إن أبا أيوب الأنصاري في جهاده لفتح القسطنطينية كان شيخاً وسقيماً وقاتل حتى استشهد عند سور المدينة وأنت الآن شاب وقوي»، استعاد السلطان معنوياته بعد زيارة الشيخ وفي هذه الزيارة وجدوا قبر أبي أيوب الأنصاري حول مدينة القسطنطينية.

خطر ببال سلطان محمد الفاتح فكرة غريبة، وهو أن ينقل المراكب عن طريق البر بالخشب والدهن لتدخل في بحر مرمرة وتحاصر المدينة وهذه الفكرة نفذت في الليل من دون علم الجيش البيزنطي. واستعد الجيش مرة أخرى للقتال وخطب فيهم السلطان محمد الفاتح خطبة معنوية غرس فيهم روح الجهاد والشهادة وأعطاهم قوة معنوية، ثم أمهم في الصلاة.

بدأت المعركة من جديد، الآن القسطنطينية محاصرة براً وبحراً. هجم جيش المسلمين ليحسم المعركة. البيزنطيون وجدوا أنفسهم أمام جيش حريص على الفتح رغم كل الخسائر التي لحقت به وبدءوا بفقدان المعاقل الواحد تلوى الآخر. وفي النهاية خسروا المعركة نهائيا وقُتل الملك البيزنطي وتم فتح القسطنطينية.

للمزيد من مقالات الكاتبة اضغط هنا
  tF   اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

أخبار ذات صلة

Back to top button