القارئ لتفاصيل عملية “ايتمار”، يُيقن أن أحداثها جاءت وفق خطة مُحكمة ومعدة مسبقا، وإن اليد العليا وراء هذا الموضوع تتمتع بخبرة عسكرية واسعة النطاق.
وكانت مصادر عسكرية وأمنية إسرائيلية ذكرت أن هناك اتجاهات قد تدلهم على الفعالين، ويدور الحديث عن خلية فلسطينية منظمة مع بنية تحتية ومعاونيين وليست مجرد عملية ارتجالية، وأن منفذي عملية نابلس ينتمون إلى أحد التنظيمات الإسلامية.
لكن قبل وضع الفرضيات وقول إن تنظيم إسلامي كحماس او مقربين منها مثلا وراء العملية؛ يجب طرح تساؤلات تقرب المضمون؛ بداية ما سر تنفيذ العملية بعد يوم من خطاب الرئيس أبو مازن أمام الجمعية العامة في الأمم المتحدة؛ هل جاءت الجهة المنفذة لجس نبض الرئيس في قراراته الأخيرة، كأقرب للقول هل تريد حشره في الزاوية؟ سيما أنه لم يندد بالعملية ؟
وكان الدكتور صلاح البردويل القيادي في حماس قد أكد أنه من المستحيل أن تهدأ العمليات الفدائية في القدس والضفة ، مشددًا على أنها ستبقى متواصلة في ظل استمرار جرائم الاحتلال المتصاعدة بحق الفلسطينيين.
أما عن حركة فتح ، فكان أول رد رسمي رئاسي حين أكد الدكتور نمر حماد مستشار الرئيس أن العمليات الأخيرة” رد فعل على ممارسات المستوطنين. قائلا: “لا نريد انتفاضة لكن ندعم المقاومة الشعبية” وهو موقف يُعتبر حاسماً وجدير بالاهتمام .
واعتبر حماد أن حركة حماس تريد تصعيد الاوضاع في الضفة الغربية، مضيفا: “هناك فرق بين أن تقول حماس ان ما يحدث هو ردة فعل طبيعية من أبناء الضفة الغربية نتيجة الممارسات العنصرية الاسرائيلية وبين من يقول أنا أخطط لانتفاضة في الضفة الغربية”.
ومضى يقول :”البعض يريد أن يذهب في مواجهة شاملة من أجل الوصول إلى عنف وعنف متبادل”.
وأكد حماد أن “القيادة ستدعم أي عمل طابعه سلمي مقاوم”، مشددا على أن هذا هو موقف القيادة دائما ،وخاصة خلال الاجتماعات الاخيرة.
وبالعودة إلى أهداف حماس من اشعال الانتفاضة؛ في مقالة للزميل الصحفي عيسى سعد الله الذي يعمل كاتبا في صحيفة الأيام بينت أن أمور عديدة تريدها حركة حماس من فتح جبهة الضفة، أولها التخفيف عن جبهة غزة التي دفعت ثمناً باهضاً خلال السنوات الماضية ومروراً بالرغبة في احراج السلطة واخيراً الحفاظ على مشروعية وديمومة المقاومة العسكرية ارضاءً للعسكريين الذين يلحون ويفضلون دائماً العمل العسكري.
هل ستنتقل المواجهة للضفة؟!
الخبير بالشان الاسرائيلي الدكتور عمر جعارة قال قبل الحديث عن هذه الجزئية،: ” حساسية الموضوع يُبعدنا عن التكهن من وراء العملية”، لكن يوضح أن أيدلولجية حماس يتطلب منها إشعال الضفة وتقوية يد المقاومة.
خاتما حديثه مستبعدا وجود انتفاضة ثالثة في الوقت الراهن.
كذلك الأمر للمحلل السياسي الدكتور عبد الستار القاسم الذي لم يشأ التوقع عن من وراء “ايتمار” ومضى يقول : ” رؤية حماس من خلال تصريحاتها الأخيرة تبين مدى اهتمامها بالضفة والقدس”.
أما المحلل السياسي أكرم عطا لله وافق جعارة الرأي حين قال: “من الصعب الحديث عن انتفاضة ثالثة ستندلع قريبا ،فكل متطلبات الانتفاضة ناقصة منها التوحد والثقة بين الفصائل، موضحا ان الأجهزة الأمنية للسلطة ستسعى متعمدة لأن تكون متراخية في متابعة الأوضاع وربما يكون لها دورا اذا افترضنا ان الأمور قد تذهب الى انتفاضة ثالثة .
واستكمالا لما قاله الصحفي سعد الله في مقالته، فيرى أنه من المبكر الحكم على افتراض نجاح حماس في نقل المعركة لعدة اعتبارات؛ أولها أن اندلاع انتفاضة شاملة وعامة في الضفة الغربية يحتاج الى قرار سياسي، ثانيا لن تقف اسرائيل مكتوفة الأيدي، فهي ستسارع باحتلال عميق لمدن الضفة على غرار انتفاضة الأقصى حيث انتظرت اسرائيل عاماً ونصف بعد اندلاعها لبسيط سيطرتها بالكامل وإخماد أي نار تدعو للنهوض.
وكان عضو المجلس المصغر الوزير الليكودي يسرائيل كاتس قد قال في حديث لإذاعة جيش الدفاع صباح اليوم الأحد إنه سيتم تشديد الإجراءات الأمنية ضد الفلسطينيين دون أن يتسبعد الإقدام على ما وصفه بحملة (السور الواقي الثانية) على غرار اجتياح مناطق السلطة الفلسطينية عام 2002 .