نون والقلم

حسين منصور يكتب: المشاركة المجتمعية في التعليم الأساسي

في بلادنا كانت أحلام التغيير كبيرة في أعقاب خروج المصريين تطلعًا لمستقبل أفضل، وكان التعليم أولى أولويات حلم التقدم وملاحقة العالم، ولذا فقد جاء دستور 2014 حاملاً هذا المعنى، ومؤكدًا على رفع نسبة مخصصات التعليم الأساسي إلى 4% من الناتج القومي و2% للتعليم الجامعي، وتقدر أحدث ميزانية أن التكاليف الحكومية لسنة 18-19 نحو 1.42 تريليون مخصص منها للتعليم الأساسي 108 مليارات وهو ما يعادل 2.5% من الناتج المحلى وأيضًا بلغ إجمالي الإنفاق للتعليم الجامعي ما يعادل 1.2% وهذا أقل مما حددته المادة 19 من الدستور، ولعل هذا يستدعى دائمًا قدرة المجتمع على المشاركة والتفاعل لدعم العملية التعليمية لاسيما وأن حجم إنفاق الأسر المصرية على الدروس الخصوصية يتجاوز 35% من إجمالي دخلها.

وتخضع العملية التعليمية بما يشمل سيرها وإجراءاتها والشئون الإدارية إلى رقابة تنفيذية طبقًا للقوانين واللوائح التنفيذية، وأيضًا تخضع لرقابة المجتمع الشعبية طبقًا لمجالس الآباء المنتخبة ومجالس الإدارات التعليمية ومجلس أعلى الآباء والمدرسين على مستوى الجمهورية، وقد أصدر وزير التربية والتعليم القرارات المنظمة لهذا في صورة القرار 378 في أكتوبر 2017 وهو تعديل لقرار سابق في شكل التنظيم أيضا، وقد أنفقت حياتي تلميذًا في المدارس العامة ولم يتلق أبى دعوة واحدة لحضور الجمعية العمومية لمجلس الآباء لاختيار هذا المجلس، ومضى بي العمر ولم أتلق حال كوني أب أي دعوة في الزمن الحالي لحضور جمعيات عمومية لآباء مدارس الأبناء لاختيار مجالسها فأي عبث وانعدام للجدية والمباشرة في تطبيق الدعم المجتمعي كظهير حقيقي لدعم العملية التعليمية والمشاركة في توفير أجواء واحتياجات تعليمية طبقًا للمشاركة والتفاعل المجتمعي في ظل اختفاء أي متابعة لتنفيذ القرارات المتروكة في يد موظفين يتمتعون بانعدام الحس العام الثقافي والبلادة والتكاسل والفساد لتتم أعمال التبرعات بأشكال بعيدة عن الرقابة أو طبقًا لابتزازات أسر الطلاب ومطالب النقل والتحويل.!!

وتوجد بالإدارات التعليمية إدارة المشاركة المجتمعية وهى تعمل بصور بعيدة عن أي رقابة جادة أو شفافية وخاضعة لمجموعات موظفي الإدارة التعليمية لكل محافظة ومديرية للتعليم هي تابعة إداريا للمحافظ وفنيًا للوزارة وعليه تضيع المحاسبة والرقابة والشفافية في دهاليز التلاعب بالقرارات الوزارية واللوائح بالإخفاء والتجاهل وتشكيل المجموعات المشتركة المناوئة لمن يعتدي أو يقتحم خلوتهم ومصالحهم ودورات السبوبة المشتركة. وبالطبع فإن الأخصائي الاجتماعي للمدرسة من واجباته متابعة تلامذة المدرسة وأحوالهم المادية وهى بالغة السوء والاحتياج، وفي ظل مبادرات أولياء الأمور يتم تنظيم توفير احتياجات أساسية للتلاميذ المحتاجين، وكذا تقوم إدارة المشاركة المجتمعية بجمع تبرعات أولياء الأمور لتوفير احتياجات المدرسة من المقاعد والسبورات ومعالجة الشبابيك المكسورة ودورات المياه المهترئة ولكن مجمل التبرعات يجب جمعها طبقًا للقرارات والاستمارات الملزمة وهذا ما لا يتم في تعاون كامل بين المباشرين لتلك الأعمال ورؤسائهم وهذا يتم بدورة مطمئنة كاملة.

ولعل تبرعات أولياء الأمور بأجهزة الحاسب أو دعم مالي لإصلاحات مادية يتم تحت تأثير الحاجة لنقل أو تحويل وفي ظل انعدام الشفافية ووجود مجالس آباء حقيقية واختفاء المحاسبة والرقابة تماما تنعدم الرغبة الجادة للتكاتف المجتمعي وينسحب المتبعون لفقدانهم المصداقية وسيطرة إدارة غير شفافة على العملية التعليمية وقيام القائمين على إدارة المشاركة المجتمعية بتوفير أسوأ إشكال ومنتجات مقدمة للتلاميذ لمساعدتهم وأردأ الإصلاحات التي لا تكتمل ولا تتم بالمدرسة في أداء مزر ومهين لدورة التعليم والقائمين عليها، والمدهش أن هذا كله معلوم ومعروف لكبار تكنوقراط الوزارة والحكومة ولا يحتفي الوزير أبدًا بتتبع كل هذه الكوارث ولا يهتم المحافظ بمراقبة أداء مديريات التعليم وغيرها من المديريات التابعة لكل محافظة، فكل هذا الفساد الإداري والمالي يتم في دورة متكاملة مستمرة بلا توقف وفي ظل توزيع أكثر من 80% من إجمالي ميزانية التعليم الفقيرة أصلا على الجهاز التعليمي والإداري غير الخاضع لأي محاسبة أو رقابة أو تطوير وتدريب!!

نائب رئيس حزب الوفد المصري
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
   tF   اشترك في حسابنا على فيسبوك  وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية

 

أخبار ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى