في أسبوعين متتاليين يطرح الرئيس عبد الفتاح السيسى قضية الفساد وآليات مكافحته في تصريحات صحفية كما دعا البرلمان للقيام بمهامه الرقابية على المسئولين، خاصة الوزراء.
والرئيس أراد أن يريد من أجهزة في الدولة العمل على مكافحة الفساد ولابد من دعمها وحث البقية التي لها دور رقابي أن تقوم به وأن تعلن عن جهودها في مكافحة الفساد.
وفى اللقاء الأخير تناول الرئيس أداة مهمة من أدوات مكافحة الفساد وهى الميكنة ونظم المعلومات في كل دواوين الحكومة والجهاز المحلى وهى إحدى الأدوات التي يجب أن نبدأ فوراً في تطبيقها وتوفير التمويل اللازم لها بالتوازي مع بقية الأدوات حتى تسير مع بعضها في قضية مكافحة الفساد الذي هو في اعتقادي أخطر الآفات التي تواجه المجتمعات في العالم.
وتصريحات الرئيس تؤكد أنه توجد إرادة سياسية صادقة في مكافحة هذه الآفة ويجب أن يقابلها إرادة شعبية بنفس الحماس وأقصد هنا الهيئات المنتخبة وممثلي المجتمع والمؤسسات التي من وظيفتها مكافحة الفساد بأن تبرهن على صدق إرادتها بالأعمال الجادة.
وعلى الأجهزة المنتخبة أن توفر البيئة المناسبة لمكافحة الفساد من خلال إقرار سلسلة من القوانين الضرورية وتعديل اللوائح والنظم القضائية والمحاسبية والإعلامية والتعليمية وفقا لما نصت عليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وهى الروشتة الأمثل لأي دولة لديها رغبة صادقة في محاربة الفساد والمفسدين.
لأنه بدون اتخاذ الإجراءات الواردة في الاتفاقية سوف يظل الحديث عن مكافحة الفساد للاستهلاك الإعلامي فقط وسوف ينمو الفساد ويكبر ويتحصن الفاسدون ويزيدون قوة وعنفا ونفوذا في المجتمع، فقضية مكافحة الفساد تتطلب تفعيل الشراكة الرباعية بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والإعلام وهم الشركاء الأساسين في هذه الحرب المقدسة التي لا تقل عن الحرب ضد الإرهاب وأن يقوم كل شريك بدوره بحرية وبقوة.
والشفافية والنزاهة وحرية تداول المعلومات وتفعيل الآليات الأخلاقية من مدونات سلوك ومواثيق شرف وأعمال قواعد التربية على كره الفساد والاهتمام بالقدوة الحسنة والاهتمام بالمناهج التعليمية والجامعية التي يجب أن تكرس لمجتمع النزاهة والشفافية والمساءلة والقدرة على كشف وفضح الفساد والفاسدين وإعمال مبدأ سيادة القانون على الجميع.
القضية أن الحرب على الفساد مكلفة مالياً وتحتاج إلى موارد مالية كبيرة خاصة مع تغيير نظم التعامل مع المواطنين فعملية ميكنة الجهاز الإداري في الدولة والمحليات لا تحتاج إلى أجهزة وبرامج وعمليات تخزين معلومات وبناء الشبكات وتأمينها ولكن تحتاج إلى تدريب الموظفين على طريقة التعامل مع هذه النظم أولا.. تدريبا حقيقيا وليس تدريبا وهميا كما يحتاج إلى مديرين لديهم الخبرة في التعامل مع هذه الأنظمة والقدرة على مراقبة جوده العمل.
والحرب على الفساد تحتاج أيضاً إلى تغيير ثقافة المجتمع الذي يعتبر الفساد شطارة وأصبح هو الأصل والاستثناء النزاهة فالمجتمع يرى الوساطة هي الحل الأمثل للحصول على الخدمة والرشوة إكرامية أو ثمن الشاي.
هناك فجوة بين ما يريده الرئيس عبد الفتاح السيسى والتي جعلته يقول لا تجاملوا أحدا يقول إنه قريب منه وبين المؤسسات في الدولة التي تخشى الدخول في حرب مع لوبيات الفساد وأولها مؤسسة الإعلام التي من أدوارها الرقابة على المجتمع والعمل على فضح الفاسدين في كل مكان، فقضية مكافحة الفساد ارتفعت في عهد الرئيس إلى أنها قضية أمن قومي وعلينا أن نشارك فيها، فلا مجال للتخاذل أو التهاون مع الفاسدين مهما كانوا.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا