من أجل الشهرة، المال، والتسلية ..أصبح الكثير من الناس يستخدمون حياتهم الشخصية كوسيلة للوصول لهذه الغايات على مواقع التواصل الاجتماعي .. فهل باتت هذه الأشياء أهم من قدسية الحياة الشخصية ! وهل أصبح توثيق اللحظة مقدم على عَيشها؟
في عالم الإنستجرام وفيسبوك وأيضا يوتيوب، أصبحت البيوت مفتوحة للزوار كأنها متاحف عامة.. فأظن أنك لن تتعب كثيرا لتعرف ماذا يأكل هذا الشخص وما هي أسرار وصفته، وكيف يتعامل هذان الحبيبان، وماذا يقدمان من هدايا في مناسباتهم الخاصة، وما ذوق هذه الفتاة في ملابسها … وكيف تضع المكياج.. وكيف تصنع قهوتها وكم عدد ملاعق السكر.. وما الأماكن التي تخرج إليها مع صديقاتها، وكيف يستمتعن بوقتهن ويشعرن بالسعادة المجهول حقيقتها، فالجميع أصبح يشارك أدق التفاصيل التي لا تخص سوى صاحبها حتى المشاعر الخاصة، الأفكار، الطموحات والخطط المستقبلية.. والناس فضوليين بطبعهم فتجد المشاركة على هذه الأشياء أكثر بكثير من غيرها ..
ولقد أصبح من الصعب جدا على أحدنا مقاومة إغراء نشر بعض الصور والمواقف من حياتنا الشخصية في ظل هذا الانتشار الرهيب لانعدام الخصوصية والانفتاح على العالم، وكون الأمر شيئا عاديا يفعله الجميع، ويتسابقون على التميز فيه .
لا شك أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في نشر ما ينبغي أن يكون مخفيا عن الأعين جعل الناس يشعرون دائما بحالة من عدم الرضا عن أنفسهم وحياتهم، والسعي وراء لفت الأنظار وهوس الشهرة، والإحباط الدائم في حالة عدم التفاعل المتوقع من الآخرين ، والتعرض للتدخل من الناس، وفقدان المعاني الجميلة للحظاتنا الخاصة، وارتباط سعادتنا بعدد اللايكات والمشاركات، بالإضافة إلى تعارض هذا كله مع ثقافتنا الدينية والعربية.
ففي الماضي كنا أكثر تحفظا، وحرصا على حياتنا وصورنا وكل ما يخصنا حتى سعادتنا التي كانت حقيقية أكثر ..كيف تلاشى دفء لحظاتنا الخاصة حينما سمحنا للبرد القارس أن يدخل من الأبواب المفتوحة أكثر مما يجب.. وهل ستصبح تلك التي تسمى بالخصوصية شيئا من الزمن الماضي الجميل؟ .. أم سنحنّ إليها في السنوات القادمة ؟.
t - F اشترك في حسابنا على فيسبوك وتويتر لمتابعة أهم الأخبار العربية والدولية