ما شهدته محافظات الوجه البحري والقاهرة الكبرى في الأيام الأربعة الماضية مع أول نوبة مطرية غرقت الشوارع في برك من المياه وانسدت الأنفاق وتحولت مطالع ومنازل الكباري إلى بحيرات.
فهذا الأمر ليس جديدا على مصر فهي قصة مكررة منذ الستينيات من القرن الماضي عندما تم سد كل فتحات تصريف الأمطار من الشوارع ورصفها بالأسفلت.. فتهطل الأمطار فتغرق المدن والشوارع وتجرى الأجهزة المحلية إلى العمل لإنقاذ الشوارع الرئيسية التي يمر بها كبار المسئولين والتي تكون تحت نظر وسائل الإعلام أو الشوارع المحورية للمرور ولكن تترك كالعادة الشوارع الخلفية والجانبية التي تتحول إلى برك من الوحل.
فرؤساء الأحياء والمدن لا يعرفون شيئا عن هذه الشوارع رغم أن أغلبية السكان يقطنون فيها وهم لا ينظرون حتى للخرائط التي تحدد لهم نطاق عملهم فكلهم سجناء مكاتبهم حتى الشوارع التي تقع خلف مكاتبهم لا يقومون حتى بالترجل فيها ويعتمدون على مجموعات من الموظفين وتقارير كله تمام يا فندم حتى أصبحت المحليات منذ زمن رمزاً للفساد وفشلت كل الحكومات وكل الأنظمة في تنقية هذا الجهاز الضخم من الفساد والفاسدين فكلما يسقط فاسد يظهر مكانه 10 آخرون.
والمستفيدون من بقاء هذا الوضع في المحليات كما هو أقوى من أي جهة تحاول تطهير وتغيير هذا الوضع ولديهم من الأدوات والوسائل التي ينجحون أخيراً في إبقاء الحال على ما هو عليه.
فليست قضية الأمطار وغرق الشوارع رغم تحذيرات الأرصاد العالمية والمحلية منها قبل أيام التي تؤكد فساد أجهزة المحليات ولكن نظرة بسيطة على الشوارع الخلفية والجانبية في أي وقت ستجد أن الفساد يتمثل فيها شاهداً فهذه الشوارع تحولت إلى بحيرات من الوحل وأصبحت بحيرات من المياه السوداء وتحولت المياه فيها من نعمة إلى نقمة وتبقى المياه في الشوارع لأيام طويلة حتى تجففها الشمس أو يقوم الأهالي بتصريفها بعد فتح بالوعات المجارى التي تسبب كوارث هي الأخرى.
فقضية فساد وبيروقراطية الأجهزة المحلية تحتاج إلى حل جذري تحتاج إلى تغيير مفهوم الوظيفة فيها ودورها ودور الموظف ومهامه ويجب أن يتم تخفيض عدد العاملين بها إلى أدنى عدد، لأن الملايين الموجودين في دواوينها لا يفعلون شيئا ولا يتحركون إلا إذا كان وراء حركتهم مصلحة خاصة.
القضية أن الفساد في المحليات لا يجب محاربته بالقوانين فقط لكن يجب محاربته بتولية مسئولين لديهم الخبرة والقدرة على التعامل مع الأوضاع المغلوطة ورفع كفاءة العاملين بها بإخضاعهم لتدريب حقيقي على أداورهم وليس تدريبا وهميا بنظام تستيف الأوراق ويتم تقييم الموظف بعدد ساعات حصوله على التدريب والمهارات التي اكتسبها والأهم فتح باب الترقي أمامه حتى يصل إلى المناصب العليا في سلك المحليات وليس فرض قيادات عليه من خارج الأجهزة المحلية.
فقضية غرق الشوارع وانسداد الأنفاق وتحول مطالع ومنازل الكباري إلى بحيرات بسبب الأمطار التي تعد خفيفة سوف تتكرر في الأيام القادمة طالما لم نحاسب كبار المسئولين عن الإهمال الذي حدث في الأيام الماضية حتى يكونوا عبرة لمن يأتي بعدهم.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا