لا يخفى على أي إنسان مؤمن وجود علاقة بين الإنسان وبين ربه وكذلك علاقة بين الإنسان وأخيه الإنسان بصرف النظر عن العناوين الأخرى، فالعلاقة بين العبد وربه تتضمن الالتزام بالتكليف الشرعي الملقى على عاتق الإنسان من قبل الله تعالى من أجل أن يحقق هذا الإنسان قانون العبودية الخالصة لله تعالى وكذلك يكون مصداق لعنوان الخليفة في الأرض الذي أراد أن يجعله الله تعالى .
فمتى ما كان الإنسان ملتزمًا بتطبيق التكليف الشرعي من حيث الالتزام الوجوب والحرمة وبشكل فيه نقاء ورقي أخلاقي وروحي وبدون تململ حتى يصل إلى مرحلة التضحية بالنفس من أجل تطبيق أحكام الله تعالى يكون ذلك هو توثيق لتلك العلاقة بين الإنسان وربه …
وكذلك عندما يكون الإنسان في أحلك الظروف وأقساها وأشدها مرارة وصعوبة وهو في ضنك وأمامه الموت لكن كل ذلك لم يقف حائلًا بينه وبين توثيق العلاقة بينه وبين أخيه الإنسان سواء كان صديق أو عدو، فنجده مع كل تلك الظروف القاسية يمد يد الرحمة والإخاء والوئام ويدعو الناس للهداية، ويكرم الأخ والصديق والمناصر بصرف النظر عن لونه أو طبقته الاجتماعية أو مكانته ويتعامل مع الجميع بكل روح إنسانية تسدوها الأخلاق والقيم الرسالية الإلهية التي تضاف إلى ما يوثق علاقة العبد بربه؛ وهذا ما جسده سيد الشهداء الحسين- عليه السلام- وكما يقول السيد المحقق الصرخي الحسني في بحثه الموسوم «الثورة الحسينية والدولة المهدوية» ((لقد جسّد الإمام الحسين- عليه الـسلام- بفعله وقوله وتضحيته، توثيق العلاقة بـين العبـد وربّـه وتعميقها والحفاظ على استقامتها وكذلك جـسّد- عليـه السلام- العلاقة الإسلامية الرسالية بين الإنـسان وأخيـه الإنسان. ))… انتهى الاقتباس …
فقد كان الحسين- عليه السلام- رمزًا حقيقًا لتوثيق العلاقة بين الإنسان وربه وبين الإنسان وأخيه الإنسان وبدرجة لازالت الأجيال بكل انتماءاتها الدينية والقومية والعرقية تتغنى بها وتنشدها ؛ لأنه- سلام الله عليه- لخص تلك العلاقة بينه وبين الله تعالى وبينه وبين الآخرين وقدمها كأروع درس للبشرية في معركة الطف الخالدة؛ فمن كان يسعى إلى أن يوثق علاقته مع الله تعالى من جهة ومع أخيه الإنسان من جهة أخرى عليه أن يتأسى بالحسين-عليه السلام- ويأخذ الدروس والعبر من سيرته العطرة ومن تضحيته في كربلاء حتى يكون هذا المتأسي ضامنًا لتوثيق تلك العلاقة ويكون قد حقق ولو شيئًا بسيط من عنوان الخلافة والعبودية لله تعالى.
https://1.top4top.net/p_1355box9y1.jpg
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
