من حسن سلمان: حذر سياسيون وحقوقيون من عسكرة القضاء في تونس، بعد قيام عناصر أمن بتطويق إحدى المحاكم في ولاية “سوسة” (شرق).
بهدف الضغط على قاضي التحقيق لإطلاق سراح رئيس مركز شرطة متهم بالاعتداء على إحدى زميلاته.
وكان قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية في سوسة قرر الاحتفاظ برئيس مركز شرطة منطقة “بوحسينة” إثر شكوى قضائية تقدمت بها زميلة له بمركز شرطة الحدود بالمنستير واتهمته فيها بالاعتداء عليها.
ونقلت إذاعة “جوهرة” التي تبث من سوسة عن مصدر أمني قوله إن الشرطية المذكورة تعرضت منذ أسبوعين إلى اعتداء جسدي من قبل رئيس مركز «بوحسينة» وزميل له إثر احتجاجها على إيقاف زوجها وشقيقها اللذين اعتديا، بدورهما، على عناصر المركز عقب خلاف نشب بين الطرفين.
وقال المصدر إن قرار الاحتفاظ برئيس المركز وزميله بهدف التحقيق معهما، أدى إلى استنكار نقابات عناصر الشرطة في سوسة «الذين تجمعوا أمام «دار الحرس» بسوسة في حركة تضامنية مع زميليهما»، فيما أشارت مصادر أخرى إلى قيام عناصر من الأمن بتطويق المحكمة بهدف الضغط على قاضي التحقيق لإطلاق سراح الموقوفين.
وأصدرت الهيئة الوطنية للمحامين في سوسة بيانا اتهمت فيه عناصر الأمن بالضغط واستفزاز قاضي التحقيق، محذرة من «عسكرة المحكمة وتطويقها بأعوان الأمن واجتياح أروقتها واستعراض للقوة باستعمال وسائل العمل وتعرض قاضي التحقيق المتعهد بالقضية للضغط والاستفزاز».
ونددت النقابة بـ«الانفلاتات» الصادرة عن بعض الأمنيين ونقاباتهم»، مشيرة إلى أن هذه الممارسات «خطيرة جدا وتعد وضرب لمبدأ استقلال القضاء وانتهاك لمبادئ المحاكمة العادلة وخروج عن القانون».
وأصدر حزب «التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات» بيانا ندد فيه أيضا بقيام بعض عناصر الأمن بـ»عسكرة» المحكمة واللجوء إلى الاستفزاز وإلى الضغط على القضاء لمنع تنفيذ القوانين، مطالبا السلطات التونسية بتحمل مسؤوليتها في «التصدي إلى هذه التجاوزات المتكررة وإلى كل مساس باستقلال القضاء ومبدأ المحاكمة العادلة و بفرض سيادة القانون على الجميع».
كما أدان الحزب «العنف البوليسي وجرائم التعذيب المعتادة»، مطالبا السلطات بـ«إصلاح المنظومة الأمنية والعمل على الارتقاء بأمننا إلى أمن جمهوري».
فيما دعا حزب “التيار الديمقراطي” إلى القطع النهائي مع كل ضغط على القضاء، محملا وزارتي الداخلية والعدل مسؤولية «التخاذل في التصدي بكل الطرق التي تقتضيها دولة القانون لكل تهجم على القضاة والنيل من استقلالية القضاء التي ضمنها الدستور».
كما دعا للتعامل بصرامة «مع كل انتهاك لحقوق الإنسان من قبل عناصر السلطة العامة والتعامل بصرامة في الوقت ذاته مع كل هضم لجانب موظفي الدولة»، مطالبا وزير الداخلية بـ»توخي سياسة غايتها التوفيق بين الأمن وحقوق الإنسان وقوامها تطبيق القانون على الجميع، كما يذكره مجددا بالنأي بأجهزة الأمن عن كل استغلال حزبي، باعتبار ذلك مدعاة للفوضى ومبررا للبعض للخروج عن سلطة القانون، أسوة بسلوك الحكومة التي ندعوها لتصبح قدوة الجميع في احترام الدستور والقوانين».
يذكر أن رئيس حركة «وفاء» عبدالرؤوف العيادي أكد في تصريح سابق لـ«القدس العربي» أن أحوال القضاء التونسي لم تتغير كثيرا عما كانت عليه خلال عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، مشيرا إلى أنه لم يتم القيام بعملية إصلاح لهذا القطاع».
كما انتقد استمرار تدخل السلطة التنفيذية و»المال الفاسد» في عمل القضاة، مضيفا «السلطة التنفيذية بعد الثورة ضعفت كثيرا وعوضها لوبيات المال والإعلام الفاسد الذي وقع تسخيره، حتى أن قضايا كبيرة وقع الترافع بها داخل بلاتوهات التلفزيون».