ذهبت إلى ميت رهينة بالبدرشين.. منف أول عاصمة لأول دولة مركزية بالعالم.. وعاصمة الدولة القديمة لستمائة عام وعودة مرة أخرى في الدولة الوسطى مع الأسرة 13 ثم مع الدولة الحديثة في الأسرة 19.. والتي طالما توج فيها ملوك البطالمة وقد أُلحقت بالمدينة أشهر وأكبر جبانة في مصر؛ حيث سعى إليها ملوك مصر ليتركوا فيها أثرًا تخليدًا لذكراهم، وهى جبانة منف الشاسعة التي تمتد أكثر من ثلاثين كيلومترًا من أبورواش إلى صحراء دهشور وميدوم.
ذهبت إلى هناك فسرت في أسوأ طرق متعثرة بالحفر والقمامة والرتش والمطبات التي يصنعها الأهالي في عنف لمواجهة جيوش البلطجية التي تمرح بالموتوسيكلات والتكاتك.. ذهبت للمتحف المفتوح بميت رهينة لأجد أرضا متربة وقد اختفت الخضرة منها وانعدام تام للنظافة أو النظام وتناثر للمعروضات في غير توجيه أو هدف، فضلا عن إغلاق المعابد المتعددة هناك والمحيطة بالمتحف المفتوح!
الأهالي هناك تتحدث عن حمايتهم للآثار إبان أحداث الثورة.. وخبراء الآثار يتحدثون عن سرقة 285 قطعة من مخازن ميت رهينة.. الأهالي هناك لا تجد ما تفعله جراء الإهمال المستمر القاسي والتجاهل المتعمد لقطعة من أهم مواقع التراث العالمي مما يعرضها للحذف طبقا لليونسكو.. اختفاء الرقابة والمحاسبة في اختفاء المحليات التي كانت تضمن للأهالي أن ترفع مطالباتها وحقوقها في طرق تحترم آدمية الأهالي وتاريخ المكان وتحفظ لمصر كنوزها في مواجهة هذا الوضع الشائن في خراب وإهمال مزر يحيط بك في ميت رهينة من كل جانب حتى إنني تصورت أنها قد سقطت رهينة للهكسوس فيسلطون عليها أوجه التدمير والعذاب.
الحديث عن استبدال التوكتوك بالفان وكأن الدولة استيقظت لتواجه دولة بلطجية التوكتوك.. هذا تلاعب بمقادير الناس وفتح باب رزق جديد لمستوردي الفان.. الفان الصغير يتحرك فى شوارع صنعاء وعدن والمدن الهندية من أوائل التسعينات بالقرن المنصرم.. وها هي مصر أم الحضارة تكتشف الفان فتبدأ باستيراده بعد عقدين من بداية الألفية الثانية، أي مخرج وتحريف لمطلب الناس إلى فتح سبوبة جديدة للاسترزاق وإغراق شوارع مصر بمزيد من المعوقات والاضطرابات.
لو كان هناك مجلس محلى يستطيع ان يتابع رئيس الحي ويلاحقه عما فعل او سيفعل تجاه تلك المكونات التوكتوكية السائرة بالحواري والأزقة والشوارع الرئيسية وكيف سيواجه الأمر بالإجراءات اللازمة لأمان المواطن والمركبة وقائدها بدلا من إطلاق العنان لتجمعات التشكيلات العصابية التى تقود وتحرك التكاتك ولكن المحليات مختفية وصوت الناس ضائع وحقوقهم في شوارع آمنة وحركة سير تحترم آدميتهم غائب ولا سبيل للمطالبة أو التعبير عنه في واقع تنهشه الحيوانات الضالة والتكاتك المغتصبة للشارع والطريق!
الغياب الطويل للمحليات غير مبرر وغير مفهوم.. والحوار واجب حول حاجتنا لمحليات أم بلديات طالما القانون لم يصدر.. ومهام المحليات في الرقابة والمحاسبة لا سيما أن هذا سوف يأتي بعد عقود من عدم محاسبة التنفيذيين في المحليات في اختفاء الرقابة والمتابعة.. المحليات مدرسة الديمقراطية وحوار الأهالي للتوافق حول الأفضل للناس والمدرسة الأساسية لتخريج نائب الشعب ووزير المستقبل.. اختفاء المحليات إغلاق للمستقبل وللحوار وللتفاعل الشعبي الحيوي والصحي لسلامة المجتمع.