نون والقلم

احمد الملا يكتب: التضحية الحسينيّة وتحقيق الأهداف الإلهية في فكر المحقق الأستاذ

من بين الأهداف الإلهية الواضحة عند الجميع والتي صرّح بها الله تعالى في كتابه الحكيم هي تحقيق قانون وهدف العبودية لله جلت قدرته { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } الذاريات 56 ؛ ومن الطبيعي يجب أن تكون هذه العبادة نقيّة خالصة سامية وبالطريقة التي يريدها الله تعالى وليس بالطريقة التي يريدها البشر ولهذا أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل ومن بعدهم الأوصياء والأئمة كحراس للدين ومقومين لأي سلوك شاذ في العبادة وانحراف فيها؛ وبما إن الإسلام هو خاتم الرسالات والديانات السماوية حيث جاء ليصحح كل ما فسد في الديانات الأخرى من عقائد وسلوكيات شركية مغلفة بغلاف التوحيد كإدعاء الأبوة والبنونة لله تعالى وعقائد التثليث وغيرها من عقائد التشبيه والتجسيم التي هي واضحة وضوحًا بديهيًا في الديانات الأخرى والتي تأثر بها أيضًا بعض المنتسبين للإسلام حتى روجوا لها في داخل الإسلام وصارت عقيدة عندهم…

وهنا يأتي دور من يقوم مقام الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – في دفع الشبهات والانحرافات التي أصابت الدين الإسلامي لأنه خاتم الأديان وكذلك هو الدين الوحيد الذي من المفترض أن يكون مطبقًا لأهداف العبادة وقوانينها بصورة صحيحة وفق الأسس الإلهية لأن الأديان الأخرى كما قلنا أصابها الانحراف؛ لكن ما الذي حصل؟ ما حصل هو إن من كان يدعي إنه خليفة لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – الذي كان من المفترض أن يطبق الإسلام ويطبق قانون وأهداف العبودية بصورة صحيحة إنه قد شذ عن الإسلام وراح يمارس كل القبائح والمفاسد وأنغمس في الملذات والنزوات وحرف الإسلام عن جداته الصحيحة…

والآن ليتصور الجميع هذا التصور: لو لم يخرج الحسين – عليه السلام – في ثورته وبقي ساكتًا عن ظلم وطغيان وفجور يزيد ؛ وبقي يزيد يمارس قابئح الأفعال ويغير السنن والشرائع وفق مشتهياته ونزواته ؛ فتخيلوا هل يبقى الإسلام بصورة خاصة والدين بصورة عامة هل يبقى على ما هو عليه الآن ؟ أو إنه قد يكون وصلنا بصورة أكثر شذوذًا من الديانات الأخرى وتمحى قوانين وأهداف العبودية الإلهية التي يريدها الله سبحانه وتعالى من على وجه الواقع والتطبيق وتبقى عبارة عن مفاهيم دون مصاديق؛ فإذا كان خاتم الأديان – الإسلام – الذي هو صحح الأديان الأخرى قد خالف قانون العبودية فهل يبقى دين؟ هل يصل لنا دين حقيقي؟ هل وصلتنا رسالة النبي محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – كما هي وبصورتها الإلهية الحقيقية؟ بالطبع سيكون الجواب بالسلب؛ بل ما سوف يصلنا هو دين فسق وفجور وشذوذ وفساد ويزداد سوءً بتقادم الأيام…

لذلك كان خروج الحسين – عليه السلام – وعائلته ومقتله في يوم عاشوراء هو ثورة جددت الدين وصححت مساره وجعلت الناس تعود لرشدها وعقيدتها وإن لم يكن كل الناس فأغلبهم ؛ أو على أقل تقدير أوجدت هذه الدماء ثلة مؤمنة حملت التعاليم الحقيقة لقواني وأهداف العبودية الحقيقية التي أرادها الله تعالى ؛ فكانت دماء الحسين وكما يقول السيد الأستاذ الصرخي الحسني في «الثورة الحسينية والدولة المهدوية » (( إنّ إحياء ثورة الإمام وامتدادها عبر التاريخ حتى قبل وقوعها علـى أيدي الأنبياء والمرسلين – عليهم السلام – وعلى يـد خـاتم الأنبياء – صلى الله عليه وآله وسلم – ووصيّه – عليه الـسلام – وامتدادها عبر العوالم في السماوات والأرضين – كما عرفنـا سابقًا – كلّ ذلك لم يكن إلّا من أجل تحقيق الأهداف الإلهيـة التي خُلق الإنسان من أجلها وجعلـها الله تعـالى مرتبطة ومتلازمة مع ثورة ونهضة الإمـام الحـسين – عليـه السلام -. )).. انتهى الاقتباس …

فخروج الحسين – عليه السلام – ومقتله كان له دور كبير جدًا لا يمكن أن يختزل بسطور أو بعبارات لما له من أثر واضح في المحافظة على القيم السماوية والأهداف الرسالية الإلهية؛ فلو لم يقتل الحسين – عليه السلام – ولو لم يخرج للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لوقع الانحراف التام والشامل في الدين وأصبح الإسلام عبارة عن دين تلاعبت به الأهواء البشرية وفق مشتهياتها وضربت بالإرادة الإلهية عرض الجدار لكن حافظ الحسين – عليه السلام – على الدين وقيمه ومبادئه من خلال التضحية بالنفس والعيال لتحقيق الأهداف الإلهية.

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى