الرياضة مكسب وخسارة.. وخلقت للمتعة والترفيه على الناس من ضغوط الحياة.. ومع مرور الزمن أصبحت هناك رياضة للممارسة ورياضة للبطولة، وتحولت إلى اقتصاد كبير يتم تقييمه بالمليارات من الدولارات، وتحولت المنظمات التي تدير الرياضة في العالم إلى قوى عظمى، وأصبحت تناطح الدول بل تتدخل في سيادتها دون اعتراض من أي حكومة، والإنجاز في الرياضة أصبح أهم من الإنجاز الاقتصادي والسياسي والعلمي، وتحولت إلى المتنفس الوحيد للناس في العالم للتعبير فيه عن شعورهم.
فكما غضبنا من المنتخب القومي لكرة القدم، وصببنا جم غضبنا على اتحاد الكرة، وتم إجبار أعضائه على الاستقالة، ولم نسمح لهم بالدفاع عن أنفسهم، فرحنا وطربنا للإنجاز الذي حققه منتخبا كرة اليد للشباب والناشئين، فالأول حصل على المركز الثالث عالمياً، والثاني فاز بكأس العالم، وفرحنا بالأرقام التي حققتها بعض الألعاب الفردية، ومنها رياضة الأغنياء وأقصد الإسكواش.
وما سمعته في الأيام الماضية من قيادات اتحاد كرة اليد، ومن المدربين والمسئولين الفنيين عن اللعبة، يؤكد أن الرياضة لم تعد تحتاج إلى الفهلوة، ولا تحتاج إلى أدعياء ممارستها، ولا إلى إداريين وموظفين، لكنها تحتاج إلى ممارسيها الحقيقيين والمتعلمين منهم، الذين لديهم القدرة على التخطيط، وعلى العمل وفق أسس علمية وخطة معروفة للجميع من ممارسي اللعبة ومدربيها وإدارييها.
فالفرق بين إنجاز اتحاد كرة اليد وفشل اتحاد كرة القدم هو الممارسة والثقافة والعلم والاطلاع على كل ما هو جديد، فإن كان أعضاء اتحاد كرة اليد أغلبهم من ممارسي اللعبة نجد العكس في اتحاد الكرة، وفى القائمين على أمور الاتحاد على المستوى التنفيذي والإداري داخله.
فإنجاز اتحاد اليد هو ترجمة للمثل المصري «أدى العيش لخبازه» فقد وضع القائمون عليه قواعد العمل والخطة حتى المجموعات التدريبية للاعبين، كما تصدوا للفساد في اختبار الناشئين منذ البداية، فشاهدنا مواهب حقيقية تكتسح بسهولة فرقاً كبيرة في اللعبة.
اتحاد اليد وأعضاء المجلس نجحوا في كسر تابو كبيراً في الرياضة المصرية وهما الأهلي والزمالك، وألزموا الناديين الكبيرين بالقواعد التي وضعوها في كتاب التعليمات الخاص به، في حين كان اتحاد الكرة يخضع لرغبة الناديين الكبيرين بمجرد إرسال رسالة على الواتس لهم، أو مكالمة هاتفية، فترتعد فرائضهم وينفذون رغبات الكبار ما خلق حالة من الظلم العام في أوساط اللعبة.
الإنجاز تحقق بسبب تطبيق التعليمات على اللاعبين بصرامة، فقد سمعت منهم في اللقاءات التي عقدت مع الأبطال من الفريقين أن تليفوناتهم كانت تعطى لهم نصف ساعة في اليوم، وكانت الصرامة في النوم والاستيقاظ عكس ما قرأنا عنه من فضائح لاعبي كرة القدم سواء في روسيا، أو في القاهرة أثناء بطولة الأمم الإفريقية، وتمثل في فضيحة أخلاقية مدوية لبعض اللاعبين، وآخرها ما كشفه نجم مصر محمد صلاح في حديث تليفزيوني.
فالفرق بين الاتحاد الرياضي الناجح، والاتحاد الفاشل، واضح وبسيط، وهو ثقافة وتعليم ونزاهة القائمين عليه بجانب أن يكونوا من ممارسي الرياضة ،وهذه المعايير أصبحت ضرورية، وعلى الأندية التي تمثل الجمعية العمومية لأي اتحاد رياضي انتخاب القائمين على اللعبة على هذه الأسس الأربعة، وليس وفق التربيطات والوعود الانتخابية والرشاوى المختلفة التي تختلف من اتحاد إلى آخر.
فمن يريد النجاح لا بد أن يحمى نفسه من الفساد، وأن يبعد عنه الفاسدين، وألا يخشى في المصلحة العامة لومة لائم، وأن يعمل مع فريق متناسق ومتناغم والتخطيط السليم وإقناع الجميع بالالتزام بالخطة الموضوعة، ومراقبة تنفيذها بصرامة، سيكون لدينا وقتها إنجازات كبيرة في الرياضة حتى لو كانت الإمكانيات المادية شحيحة.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا