“إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطاً وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فوراناً وإنما كانت ارتفاعاً شاهقا”
محمد أنور السادات
يقول الكاتب الإسرائيلي، جان كلود، في كتابه “الأيام المؤلفة في إسرائيل”، هل كان يتصور السادات وهو يطلق في الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر دباباته وجنوده لعبور قناة السويس أنه أطلق قوة عاتية، من شأنها أن تغير هذا العالم، إن كل شىء من أوروبا إلى أمريكا ومن آسيا إلى أفريقيا لم يبق على حالته التي كان عليها منذ حرب يوم عيد الغفران، إلا أن هذا الانقلاب المروع فيما يتعلق بإسرائيل قد اتخذ شكل الزلزال المدمر ، ذلك أن الحرب التي عصفت بها كانت قاسية عليها في ميادين القتال ، ثم كانت أشد من ذلك دمارًا على الناس هنا في إسرائيل، لقد شهدوا مصرع حلمهم الكبير يتهاوى!!
لقد رأوا في مخيلاتهم صورة إسرائيل وهى تزول أمام أعينهم إلى الأبد.
وإلى هنا نسرد قصص بعض الأبطال المشاركين في حرب أكتوبر المجيدة الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل استرداد الأرض المغتصبة من العدو الصهيوني.
“سعيد علي”
أحد أبطال المقاومة الشعبية في مدينة السويس الباسلة خلال حرب أكتوبر 1973، أنضم إلى المقاومة عقب هزيمة 1967 ، حيث كانت المقاومة تتشكل من 14 قطاعًا يختص كل قطاع بمهمة محددة ، وكانت مهمة القطاع الذي أنضم إلية البطل سعيد علي، رقم 14 لتأمين وحماية المنشآت الحيوية المهمة بمدينة السويس ، حتى جاءت اللحظة الحاسمة لينضم مع باقي القطاعات في المقاومة الشعبية وأبطال مجموعة منظمة سيناء العربية ، وأهالي السويس ، في مواجهات ومعارك مباشرة مع العدو الصهيوني خلال حرب أكتوبر المجيدة ، عقب ثغرة”الدفرسوار”.
بعد انتهاء الحرب حصل مع غيره من أبطال المقاومة الشعبية و أبطال منظمة سيناء العربية، على مكافأة عبارة عن، شهادة استثمار بقيمة عشرة جنيهات من زوجة الزعيم الراحل محمد أنور السادات ،فى احتفال كبير أقيم فى قصر ثقافة السويس عام 1974 لتكريم ابطال المقاومة الشعبية و منظمة سيناء العربية على دورهم فى الحرب و منع احتلال مدينة السويس.
الشهيد مقاتل طيار مقدم “حازم الغربي”
استشهد في 19 أكتوبر 1973، تخرج من الدفعة 10 طيران، طلب منه اللواء محمود شاكر عبد المنعم ، قائد ثانى القوات الجوية فى حرب أكتوبر ، تنفيذ طلعة جوية عبر مكالمة هاتفية في الساعة 1530 ليبدأ “الغربي” بتغيير تسليح الطائرات الثمانية والتى كان قائدا لها حسب الطلعة و الهدف الذى طلب منه وكان “تدمير و إيقاف رتل دبابات للعدو الاسرائيلى بعدد كبير في منطقة الثغرة بالدفرسوار” و كان معه دفعته المقدم ، حسن مأمون من لحظة إبلاغه بالتليفون حتي صعوده إلى كابينة القيادة.
المقدم “مأمون” يقول: “وجدت، حازم الغربي ساكنا يفكر بعمق ولا يتكلم فسألته “في إيه يا حازم” رد علي “المهمة التي طلبت منى لن تتحقق بسبب الدفاعات الجوية الحصينة لهذا الهدف وأن مجموعات كبيرة من الطائرات المعادية تحرس الهدف بطريقة مستمرة و مكثفة” فطلبت منه أن يرفض الطلعة .. فرد علي “لا سأطلع و سأطير و يفعل الله ما يريد”.
في ذات الوقت كان الشهيد حازم صائما فألح عليه حسن مأمون أن يفطر إلا أنه رفض ليصعدا إلى كابينة الطائرة و يساعده مأمون في ربط أحزمته ليبادره الشهيد بمصحف يخرجه من جيبه و يعطيه إلى حسن مأمون، وقتها تأكد الأخير أنه لن يرى حازم مرة أخرى فأخرج ورقة و كتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله” و أعطى نصفها إلى الشهيد والأخر وضعه بداخل المصحف ليتحرك الشهيد بطائرته في تمام الساعة 1700.
أقلعت 8 طائرات لتنفيذ الطلعة الجوية و الهدف المكلفين به و قبل دخول منطقة الهدف بـ120 ثانية رأي حازم الغربي مجموعات عديدة من طائرات العدو من طرازات الميراچ و الفانتوم فأصدر قرارًا لسربه أن ينفصل عن بعضه فانفصلت أربع طائرات بما فيهم طائرة الشهيد الغربي ليجدوا أنفسهم في اشتباك جوي غير متكافئ مع طائرات العدو، وكان عددها 16 طائرة في مواجهة مساحة الاشتباك فيها لا تتعدى 5 كيلومتر، وأثناء الاشتباك أمر حازم زملائه في السرب الثلاثة بالمناورة من ناحية الشمال في خطوة لإجبار العدو على تغيير مساره من فوق الهدف المراد تدميره و من ثم أعطى أوامره لزملائه بالطيران خلف العدو ليطلق أحد أفراد التشكيل صاروخا يسقط به طائرة ميراج.
و بعدها بلحظة أطلق الشهيد الغربي صاروخا على قائد التشكيل الإسرائيلي و أسقطه لتتيح الفرصة إلى زملائه بضرب دبابات العدو بنجاح.
إلا أن جميع الطائرات الإسرائيلية المتبقة كانت تتابع زملاء الغربى بالصواريخ و تعرقلهم عن إكمال مهمتهم ..
و هنا قرر حازم الغربي عمل دوران إلى الناحية الشرقية صوب العدو لإفساح المنطقة لزملائه في خطوة كان يعلم أنها الأخيرة له نظرا لخطورتها لكن حب الوطن والدفاع عنه حفزه على التضحية بنفسه وفداء لزملائه لينال الشهادة وهو صائم تاركًا خلفه طفلين.
و قد شهد أحد زملاء الغربى في الحرب و هو الكابتن ، حسن عزيز يوسف بالقوات الجوية المصرية قائلا: “وصلت قاعدة بلبيس الجوية فى صباح أحد أيام شهر مايو بعد أن انتهينا من فرقة سوخوى 7 والسوخري هي طائرة ثقيلة قليلا و كانت جديدة بعض الشئ حيث وصلت مصر قبل حرب 1967 بقليل و عدد الطيارين المدربين علي الطيران بها كان قليلا مقارنة بالطائرات الأخرى و تم توزيعنا على الأسراب و كنت فى سرب البطل ، حازم الغربي ومن حسن حظى كنت رقم 2 الذى يطير على جناحه و بدأ بنا على الفور فرقة لتأهيلنا و رفع مستوانا فكان رجلا عظيما هو و زملائه / منير فهمى و طاهر و سمير رفيق و أشرف محجوب .
كان البطل عائدا لتوه من فرقه قاده أسراب وأخذ ينقل لنا المعلومات التى يراها لازمة لتكوين الفكر العسكرى لنا و قضينا تحت قيادته أياما رائعة علمنا فيها خبرات ومعلومات كان لها أكبر الأثر فى تشكيل الشخصية القيادية لمعظمنا و بناء قاعدة معلومات عسكرية كانت و لاتزال فى وجداننا.
العقيد أركان حرب “حسن عبد الحميد عبد الغنى” قائد اللواء 23 مدرع
طبقا لشهادة ضابط عمليات مركز القيادة، الرائد اركان حرب ، محمد وجيه الدكروري، فقد اصيب قائد اللواء 23 مدرع ،بشظية بالكتف فصلت ذراعه اليسرى و ظل يرفض الاخلاء للعلاج حتي تحول برج الدبابة الي بحر من الدماء .
نقيب “أحمد شكري” شبل سلاح المظلات
عمل خلف خطوط العدو لمدة 6 ايام فى منطقة الثغرة خلال حرب اكتوبر، اصيب نتيجة تبادل اطلاق النيران مع العدو الاسرائيلى و تم اخلائه الى داخل صفوف القوات المسلحة المصرية .. حاصل على نوط الشجاعة من الطبقة الاولى عن دوره فى حرب اكتوبر 1973 المجيدة .