نون والقلم

عبدالعزيز النحاس يكتب: المحليات تكذب ولا تتجمل

بالعلم تنهض الأمم، وبالعمل تنمو الدول وتنتقل إلي الحداثة.. وبالقانون يسود العدل ويتساوى الناس.. وبغير كل هذا تتخلف الدول وتسود الفوضى والفساد، كما حدث في مصر منذ عدة عقود، وانتهى الأمر بثورتين لتصحيح المسار وإعادة مصر إلى مكانتها الطبيعية بين الدول.

ومنذ الثلاثين  من يونيو تكاتف المصريون لحماية وطنهم وعلا الشعور الوطني لمواجهة كل المخططات الخارجية والداخلية في ملحمة شهد لها القاصي والداني بقدرة هذا الشعب على صناعة المعجزات إذا أراد، بالفعل حدث تطور سريع وحقق الوطن إنجازات غير مسبوقة في عدة مجالات بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وضع إستراتيجية جديدة في مواجهة كل التحديات على أساس البتر والحسم لكل المشكلات، بعيداً عن العلاج بالمسكنات  وترحيل المشاكل كما كان يحدث سابقاً، وجاءت البداية بمواجهة مشاكل البنية الأساسية للدولة، وإعادة التخطيط على أساس علمي، بما يعيد ويساهم في إعادة توزيع الكتلة السكانية في  مصر من خلال شبكة طرق حديثة وعدد من المدن الجديدة شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، إضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة وجميعها تشكل شرايين جديدة للدولة المصرية.

بنفس الرؤية والإستراتيجية جرت عملية الإصلاح الاقتصادي وبدأت ملامحها في اقتصاد وطني ثابت ومتنامٍ أشادت به كل المؤسسات الدولية، وباتت مصر من الدول المستقرة اقتصادياً، وحققت معدلات نمو عالية وصلت إلى «6٪» وهذه  المؤشرات من المؤكد تساعد وتساهم في جذب الاستثمارات الكبرى إلى مصر مستقبلاً، وتجعل منها مركزاً مهماً للتجارة العالمية خلال سنوات قليلة، بما يعود بالنفع على الدولة المصرية والمواطن المصري بشكل مباشر، وينقلها إلى مصاف الدول الحديثة والمتقدمة، خاصة أن هناك جهودا تبذل في مسارات عدة أخرى حتى تأتى ثمارها في شتى المجالات، بحيث تصبح أمام تنمية شاملة للوطن والمواطن.

المؤسف أن رؤية القيادة السياسية لمصر الحديثة لم تصل بعد إلى بعض المسئولين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة، وتحديداً في قطاع المحليات الذي ما زال يشكل عبئاً على خطط وبرامج الدولة الإصلاحية، وما زال يعمل بنفس الفكر والنهج القديم إلى حد أننا أصبحنا أمام  مشاهد متناقضة في دولة واحدة، وربما في مدينة أو حي واحد نتيجة العمل بنفس الفكر أو انتظاراً للتوجيهات لمجرد مرور مسئول  كبير، وغض البصر عن كل المشاكل والفوضى التي تواجه المواطن بشكل يومي.

ففي الوقت الذي تواجه الدولة قضية العشوائيات، وتخصص لها المليارات لمحاصرة هذه الظاهرة والقضاء عليها بسبب خطورتها على المجتمع بعد أن تسربت وزحفت إلى كثير من أحياء القاهرة والمدن الكبرى، نتيجة ظروف عديدة كان من بينها أيضاً فساد المحليات.. نجد الآن نفس الأمر يتكرر في أحياء كانت على رأس المناطق المتحضرة مثل حي الدقي الذي تحول مؤخراً إلى ملاذ آمن للباعة الجائلين وكل أشكال الفوضى، وساءت شوارعه الداخلية وأصبحت في حالة متردية بسبب الحفر والقمامة والإشغالات، ومع تعدد شكاوى المواطنين كانت تأتى الردود بعدم وجود ميزانية على الرغم من أن أبناء الدقي شاهدوا بأم أعينهم عمليات إعادة رصف وتجميل شارعي التحرير  والدقي رغم حالتهم الجيدة قبل مؤتمر الشباب الماضي في جامعة القاهرة، وكان مثالاً للتندر والسخرية لعدم امتداد العمل إلى الشوارع الأكثر سوءاً.

المفاجأة الجديدة جاءت من أيام وحدث الآن عندما شاهد الجميع عمليات الإزالة التي تحدث في شارع الدقي بالرغم من حالته الجيدة أو الممتازة وبشكل استفز كل المواطنين ليس فقط بسبب سوء وتردى حالة الشوارع الداخلية أو ميدان المساحة وغيرها من الأماكن منذ سنوات ولم تقترب لها يد الإصلاح  رغم الاستغاثات.. ولكن لأن ما يحدث يشكل جريمة إهدار مال عام بسبب تكسير الشارع من جديد في أقل من عام.. حتى لو افترضنا مرور أحد المسئولين، ويكشف من جديد أننا ما زلنا نعيش في مصر القديمة فكراً وعملاً، وأن العاملين بجهاز الإدارة المحلية لم يستوعبوا بعد مصر الجديدة التي يعرف المواطن فيها حقوقه وواجباته، ويعرف أيضا أن عملية الإصلاح الاقتصادي التي تحملها وتحمل نتائجها كانت بهدف تحسين الأوضاع في مصر بشكل عام وليس من أجل فئة على حساب فئة أخرى، أو تزييف الحقائق أمام كبار المسئولين على حساب عامة الناس.

نائب رئيس الوفد

للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا

أخبار ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى