نون – دبي
تقدم مدينة دبي نموذجاً متميزاً للمدن الصديقة لذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لم يكن زخم النمو الاقتصادي القوي الذي اقترن اسمها به منذ عقود والنجاح الذي حققته كمركز عالمي للمال والأعمال، سبباً في انصرافها عن احتياجاتهم ورعايتهم وتلبية متطلباتهم، بل كان مُحفّزاً لها على تضمينهم في قلب مسيرتها التنموية، وتوسيع دائرة مشاركتهم في كافة المجالات الاقتصادية والثقافية وكذلك الرياضية، بمشاريع ومبادرات عدة.
وربما لا توجد دلالة على مدى إيمان القيادة الإماراتية الرشيدة بما يمكن أن تقدمه هذه الفئة لمجتمعهم ووطنهم من إسهامات، أبلغ من الاسم الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على أفرادها، ويصفهم فيه بأنهم «أصحاب الهمم» ليسود ذلك المسمى بكل ما له من دلالات ويحلّ محل مصطلح «ذوي الإعاقة»، في حين رافق هذا الإعلان إطلاق «السياسة الوطنية لأصحاب الهمم»، وتأسيس مجلس استشاري معنى بشؤونهم على مستوى دولة الإمارات بصورة عامة.
وفي إطار مساعيها المستمرة لدعم هذه الشريحة المهمة من المجتمع ومضاعفة الإسهامات التي من شأنها تيسير اندماج أفرادها في المجتمع، تستضيف دبي خلال 5-6 نوفمبر 2019 «القمة العالمية لتسهيل سياحة أصحاب الهمم» تحت عنوان «لنجعل جميع المدن صديقة للسياح من أصحاب الهمم» بمشاركة محلية ودولية واسعة.
وتهدف القمة ضمن أولى دوراتها إلى تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها نحو مليار إنسان خلال تنقلهم كمقيمين أو سياح في مدن العالم المختلفة، والتوعية بضرورة تعزيز التشريعات والقوانين والبنى التحتية والخدماتية التي تلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم وحقهم في اكتشاف العالم بسهولة ويسر، وذلك في تأكيد جديد على توجهات دبي ودولة الإمارات الرامية إلى تبوء المكانة الأفضل عالمياً في تقديم الخدمات والتسهيلات التي تمكّن أصحاب الهمم وتتيح لهم الفرص لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم واكتشاف طاقاتهم الكامنة، ذلك في الوقت الذي تُظهر فيه الإحصاءات أن نحو 50 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في الشرق الأوسط يتطلعون إلى زيارة المدن والوجهات السياحية التي توفر لهم خدمات ملائمة تلبي احتياجاتهم.
رؤية وإستراتيجية …. وتاريخ حافل من دعم أصحاب الهمم
وقد أطلقت إمارة دبي إستراتيجيتها الحالية لأصحاب الهمم لتكون بمثابة خطة خمسية بدأت برامجها في العام 2016 وحتى 2020، وهي تقوم على خمسة محاور تغطي جميع جوانب الحياة وصولاً إلى تحقيق رؤية الإمارة بخلق مجتمع دامج وصديق لأصحاب الهمم بشكل شامل في الجوانب التعليمية، والصحية، والاجتماعية، وكذلك فيما يتعلق بالتوظيف وفرص العمل.
وتُوجت هذه الجهود بإطلاق ولي عهد دبي سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم مبادرة «مجتمعي… مكان للجميع» التي تعد من أبرز الإسهامات الرامية لتمكين أصحاب الهمم في الإمارة، وتحويلها بالكامل إلى مدينة صديقة لهم بحلول العام 2020 من خلال مشاريع ومبادرات تعين على دمجهم وتذلّل كافة العقبات التي قد تعترض طريق تفاعلهم بصورة إيجابية مع محيطهم الأُسَريّ والاجتماعيّ.
وتحقيقاً لهذا الهدف النبيل، تتعاون العديد من الجهات الحكومية وشبة الحكومية في دبي – كل في مجاله – لتطوير المبادرات والسياسات والخدمات المُصممة لتلبية احتياجات أصحاب الهمم وفقاً لأفضل المعايير العالمية، مع توفير معلومات إرشادية بكافة السبل الملائمة لأصحاب الهمم على تنوع احتياجاتهم في العديد من الجهات الحكومية والمرافق الخدمية في مختلف أنحاء الإمارة.
برامج صحية متقدمة
وتوفر دبي لأصحاب الهمم رعاية صحية شاملة أسوة بتلك البرامج المطبقة في دول متقدمة كالولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وكندا، واليابان، وأستراليا، ومن بينها برنامج «الكشف المبكر عن التأخر النمائي»، وبرنامج «التشخيص والتدخل المبكر»، اللذان يسهمان في تغيير سلوك الأطفال من أصحاب الهمم وإكسابهم أنماطاً سلوكية جديدة لتطوير قدراتهم المعرفية واللغوية والحركية.
كما طورت دبي باقة من الخدمات المتكاملة في شتى المرافق التي تنتشر في جنباتها حيث تتواجد مسارات إرشادية في محطات المترو، كما صممت جميع نوافذ بيع التذاكر بشكل يسهل على مستخدمي الكراسي المتحركة الوصول إليها، فضلاً عن تخصيص أماكن محددة لأصحاب الهمم في جميع عربات المترو، وزودت المحطات بدوائر تلفزيونية مغلقة لذوي الإعاقة السمعية، ومنحدرات غير قابلة للانزلاق وخدمة مواقف خاصة وهواتف عمومية بمستوى منخفض يتيح لمستخدمي الكراسي المتحركة استخدامها بسهولة ويسر.
وتواصل دبي عملية التطوير والتحديث في شتى المجالات التي تعنى برعاية أصحاب الهمم وفق أرقى المعايير الدولية لتكون دائما القدوة في هذا المجال على المستويين الإقليمي والعالمي.