في السنوات الماضية، كتبت تحليلات كثيرة جدا عن اللوبي الإيراني في أمريكا والنفوذ الطاغي الذي يتمتع به والدور الذي يلعبه.
وعلى الرغم من أن اللوبي الإيراني في أمريكا نشأ وتبلور دوره على الساحة الأمريكية منذ عقود طويلة، فإن نفوذه ودوره بلغا الذروة في عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما.
نفوذ اللوبي في عهد أوباما بلغ حدّا مذهلا لم تعرفه أمريكا أبدا، وقد وصل الأمر إلى حد أن هذا اللوبي أصبح يسيطر تقريبا على وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس الأمن القومي وحتى البيت الأبيض نفسه.
النجاح المهول الذي حققه اللوبي الإيراني في عهد أوباما تجسد في ثلاثة جوانب خطيرة كبرى:
1- كان هذا اللوبي أحد العوامل الأساسية التي قادت إلى الوصول إلى الاتفاق النووي بكل سيئاته المعروفة والكوارث التي جلبها. هذا الاتفاق مكّن النظام الإيراني من موارد مالية هائلة استخدمها في دعم الإرهاب وتمويل عملائه من القوى والجماعات الإرهابية. وفي المحصلة النهائية أطلق الاتفاق يد إيران في المنطقة.
2- وهذا اللوبي كان أحد الأسباب الرئيسية لما انتهت إليه مواقف الرئيس السابق اوباما. أوباما انتهى به الأمر عمليا إلى احتضان المشروع الإيراني في المنطقة والتواطؤ معه. ليس هذا فحسب، بل اتخذ في عامه الأخير في السلطة مواقف عدائية غريبة من الدول العربية واتهمها بالتخلف وتشجيع التطرف وما شابه ذلك.
3- وبسبب نفوذ اللوبي الإيراني واختراقه الواسع للمؤسسات الأمريكية، أصبح كثير من العاملين في هذه المؤسسات، وخصوصا في وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي، مجندين لخدمة النظام الإيراني ولتنظيم وشنّ الهجمات علنا على الدول العربية.
سبق لي أن ناقشت بالتفصيل كل هذه الجوانب في تحليلاتي. وأعود للحديث عن هذا اللوبي لأن موقع «سكاي نيوز عربية» نشر قبل يومين تقريرا مهمّا عن هذا اللوبي ودوره في الحياة السياسية الأمريكية.
التقرير يتضمن معلومات مهمة عن اللوبي.. عن نشأته وتاريخه، والمؤسسات التي يعمل من خلالها، وعن الكيفية التي استطاع بها اختراق إدارة أوباما، والأسماء الفاعلة فيه.. وهكذا.
لكنني توقفت خصوصا عند شهادة قدمها للتقرير «مصدر مطلع»، تبين إلى أي حد وصل نفوذ هذا اللوبي في عهد أوباما.
يقول هذا المصدر إن «الإيرانيين كانوا يملأون جنبات وزارة الخارجية والبيت الأبيض في عهد أوباما» ويضيف: «جاءتني دعوة إلى مكتب وزير الخارجية آنذاك جون كيري، فوجدت أن الوزارة أضحت مقرا للإيرانيين.. من كبار الموظفين إلى صغارهم.. حتى عاملة النظافة من أصول إيرانية.. الوزارة مخترقة منذ عهد أوباما».
إلى هذا الحد وصلت سطوة اللوبي.
التقرير ينقل أيضا عن خبير مختص في هذا الشأن حديثه عن الكيفية التي يعمل بها اللوبي الإيراني في أمريكا لخدمة نظام طهران.
يقول هذا الخبير إن النظام الإيراني يعتمد بشكل كبير في تأثيره على اتجاهين: أولهما، يرتبط بأجهزة الإعلام الأمريكية والمنظمات البحثية، ويتركز نشاط هذه المجموعة أيضًا على الكونجرس الأمريكي، منها تمويل جامعات وغيرها من مراكز التعليم العالي والبحوث تحت غطاء الأنشطة الثقافية.
أما الاتجاه الثاني فيرتبط بصناعة النفط، و«يقع على عاتقه خلق مصالح مؤثرة قادرة على توليد منافع مالية لها أولوية على المصالح الوطنية الأمريكية».
وتحت هذين الاتجاهين، يعمل اللوبي الإيراني على تحقيق أهداف مختلفة «تتمثل في الدفاع عن نظام الملالي وضمان بقائه واستمراه من خلال التأثير على مراكز صنع القرار، ومحاولة رفع العقوبات الاقتصادية على طهران من خلال الضغط على الكونجرس ومحاولة العودة إلى الاتفاق النووي، واستقطاب المؤسسات والمجتمع الأمريكي.
هذا الحديث عن اللوبي الإيراني في أمريكا مهم جدا اليوم. صحيح إن دور هذا اللوبي تراجع ولم يعد كما كان الحال في عهد اوباما بسبب سياسات الرئيس ترامب المعروفة من النظام الإيراني، لكن من الخطأ الشديد الاستهانة بدوره وما يمكن أن يفعله أو الاستخفاف بقوته.
للحديث بقية بإذن الله
نقلا عن صحيفة الخليج البحرينية