لطالما عرفت دولة الإمارات بمواقفها الإنسانية مع أشقائها، فقد كانت هي السند والداعم الإنساني والتنموي للشعب السوداني منذ سنوات طويلة، وقد سجل التاريخ المواقف الإنسانية التي بدأها مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، والذي امتدت أياديه البيضاء إلى كل مكان حول العالم، وذاع صيته، رحمه الله، بمواقفه الإنسانية التي شهدها العالم، وهذا يرجع إلى حبه للخير والبذل والإحسان ومساعدة الآخرين والوقوف معهم في أزماتهم ومشكلاتهم.
ولهذا لقب بزايد الخير. وتغنت القلوب بحبه في كل مكان، فقد كانت الأعمال الخيرية والإنسانية ومساعدة الآخرين هاجسه الأول، ومواقفه المشهودة لا يكفيها مقال لحصرها، وكانت السودان إحدى محطات العمل الإنساني الإماراتي الذي امتد لسنوات طويلة. وأكمل مسيرة العطاء خير خلف لخير سلف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله ورعاه، فاستمر بدعم ومساندة الشعب السوداني في كل محنه، سواء اقتصادياً أو إنسانياً أو صحياً أو غير ذلك من المساعدات التي قدمتها دولة الإمارات للشعب السوداني الشقيق.
وكان بداية العطاء في السبعينات في عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أمر ببناء الطريق، وربط المدن السودانية ببعضها، والذي أسهم في النهضة التجارية والصناعية والزراعية للشعب السوداني، واليوم تعتبر هذه الطرق من أهم الطرق التي تصل المدن بالموانئ التجارية في السودان، مثل ميناء بورتسودان على البحر الأحمر الذي يعتبر الشريان الرئيسي لربط العاصمة بمناطق الإنتاج. وأيضاً قدمت حكومة الإمارات عبر صندوق أبوظبي للإنماء الاقتصادي قروضاً ومساعدات للسودان من شأنها تحقيق نقلة نوعية في مجالات عدة، وأهمها الطرق والسكك الحديدية ودعم المصانع والمشاريع الحيوية، وأيضاً دعم ميزانية الدولة.
وتوالت المشاريع التنموية والاقتصادية في عهد المغفور له الشيخ زايد من قبل رجال الأعمال الإماراتيين، والتي أسهمت في زيادة الاستثمار الأجنبي في السودان، وتوفير فرص عمل كبيرة لأبناء السودان، وإلى اليوم هذه المشاريع مستمرة في نهضة الشعب السوداني.
وخلال الحرب الأهلية في السودان، والتي استمرت أكثر من 21 عاماً وأحدثت انقساماً كبيراً في السودان وخلفت قتلى وجرحى ومجاعة وانتشاراً للأمراض المعدية ودماراً في البنى التحتية، وغير ذلك من الكوارث الناجمة عن الحروب، لم تبقَ دولة الإمارات مكتوفة الأيدي في ظل هذه الحرب الأهلية، وبالأخص في ولايات دارفور، وقدمت مساعدات إغاثية عاجلة للشعب السوداني، سواء كانت غذائية أو صحية أو إنسانية أو تنموية من شأنها تخفيف الكثير من معاناة الشعب السوداني، وجرى توجيه كل المؤسسات الإنسانية والخيرية في دولة الإمارات إلى تقديم كل الدعم الإنساني للشعب السوداني حين ذلك، وأصبحت السودان على رأس أولويات قائمة المساعدات الخارجية لدولة الإمارات.
وتجاه التطورات الأخيرة في الشارع السوداني، تؤكد دولة الإمارات اليوم مواقفها الثابتة من دون انحياز لأي طرف، فرخاء الشعب السوداني وازدهاره في مقدمة أولويات حكومة دولة الإمارات، ولذلك قدمت دولة الإمارات حزمة من المساعدات الإنسانية والتنموية للشعب السوداني بلغت قيمتها أكثر من 3 مليارات دولار أمريكي، وذلك بالتعاون مع حكومة المملكة العربية السعودية الشقيقة، منها 500 مليون دولار وديعة في حساب البنك المركزي السوداني لتقوية المركز المالي وإنقاذ الجنيه السوداني وتحقيق الاستقرار المالي، وأما بقية المساعدات، فسوف توزع على توفير المساعدات الغذائية والدوائية وغيرها من المساعدات للتخفيف عن الشعب السوداني وتوفير الحياة الكريمة له.